الروح والنفس
قِلَابَةَ، قَالَ: «لَيْسَ شَيْءٌ
عَنْ أَطْيَبَ مِنَ الرُّوحِ مَا انْتُزِعَ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا أَنْتَنَ»
عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: «إِنَّ
الرُّوحَ خُلِقَ عَلَى صُورَةِ ابْنِ آدَمَ»
، عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: "
لَمَّا نُفِخَ فِي آدَمَ الرُّوحُ مَرَّ فِي رَأْسِهِ فَعَطَسَ، فَقَالَ:
الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: يَرْحَمُكَ اللهُ، فَذَهَبَ
يَنْهَضُ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ الرُّوحُ فِي الرِّجْلَيْنِ، فَقِيلَ: خُلِقَ
الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ "
فَقَالَ لَهَا: «يَا بُنَيَّةُ،
تَلْقِينِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الْحَوْضِ وَأَنَا أَسْقِي مَنْ يَرِدُ
عَلَى الْحَوْضِ مِنْ أُمَّتِي». قَالَتْ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ يَا رَسُولَ
اللهِ؟ قَالَ: «تَلْقِينِي عِنْدَ الْمِيزَانِ وَأَنَا أَشْفَعُ لِأُمَّتِي».
قَالَتْ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «تَلْقِينِي عِنْدَ
الصِّرَاطِ وَأَنَا أُنَادِي رَبِّ سَلِّمْ أُمَّتِي مِنَ النَّارِ». فَدَنَا
مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ، فَعَالَجَ قَبْضَ رُوحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ قَالَ
النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُوَّهْ». فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ
إِلَى السُّرَّةِ نَادَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«وَاكَرْبَاهُ». فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: كَرْبِي
بِكَرْبِكَ الْيَوْمَ يَا أَبَتَاهُ. فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ إِلَى
الثَّنْدُوَةِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا جِبْرِيلُ،
مَا أَشَدَّ مَرَارَةَ الْمَوْتِ». فَوَلَّى جِبْرِيلُ وَجْهَهُ عَنْ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا جِبْرِيلُ، كَرِهْتَ النَّظَرَ إِلَيَّ؟» فَقَالَ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا حَبِيبِي، فَمَنْ تُطِيقُ نَفْسُهُ أَنْ
يَنْظُرَ إِلَيْكَ وَأَنْتَ تُعَالِجُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ.
عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَّ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَتَى رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَوْعِدِهِ - وَكَانَ
وَعَدَ قَوْمَهُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا - فَقَالَ: يَا مُوسَى إِنَّ قَوْمَكَ قَدِ
افْتَتَنُوا بِعِجْلٍ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، وَكَيْفَ يَفْتَتِنُونَ وَقَدْ
أَنْجَيْتَهُمْ مِنْ فِرْعَوْنَ وَنَجَّيْتَهُمْ مِنَ الْبَحْرِ وَأَنْعَمْتَ
عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: يَا مُوسَى إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا مِنْ بَعْدِكَ عِجْلًا
جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ، قَالَ: يَا رَبِّ، فَمَنْ جَعَلَ الرُّوحَ فِيهِ؟ قَالَ:
أَنَا يَا مُوسَى، قَالَ: فَأَنْتَ أَضْلَلْتَهُمْ يَا رَبِّ، قَالَ: يَا مُوسَى
يَا رَأْسَ النَّبِيِّينَ يَا أَبَا الْحُكَمَاءِ إِنِّي رَأَيْتُ ذَلِكَ فِي
قُلُوبِهِمْ فَيَسَّرْتُهُ لَهُمْ
وَأخرج الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ فِي نَوَادِر
الْأُصُول عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله {وتماثيل} قَالَ:
اتخذ سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام تماثيل من نُحَاس فَقَالَ: يَا رب انفخ فِيهَا
الرّوح فَإِنَّهَا أقوى على الْخدمَة فَنفخ الله فِيهَا الرّوح فَكَانَت تخدمه
وَكَانَ اسفيديار من بقاياهم فَقيل لداود عَلَيْهِ السَّلَام {اعْمَلُوا
آل دَاوُد شكرا وَقَلِيل من عبَادي الشكُور
ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ،
قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ
الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ قَالَ: " إِنَّ خَلْقَ أَحَدِكُمْ يُجْمَعُ فِي
بَطْنِ أُمِّهِ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا , أَوْ لِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً , ثُمَّ
يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ , ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ , ثُمَّ
يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ ,
يُوسُفَ بْنَ الْحُسَيْنِ، يَقُولُ:
سَمِعْتُ ذَا النُّونِ، يَقُولُ: " مَنْ وُجِدَ فِيهِ خَمْسُ خِصَالٍ
رَجَوْتُ لَهُ السَّعَادَةَ وَلَوْ قَبْلَ مَوْتِهِ بِسَاعَةٍ قِيلَ: مَا هِيَ؟
قَالَ: سُوءُ الْخُلُقِ عَنْهُ وَخِفَّةُ الرُّوحِ، وَغَزَارَةُ الْعَقْلِ
وَصَفَاءُ التَّوْحِيدِ وَطِيبِ الْمَوْلِدِ "
أَحْمَدُ بْنُ أَبِي الْحَوَارِيِّ
قَالَ: " قُلْتُ لِرَاهِبٍ فِي دَيْرِ حَرْمَلَةَ وَأَشْرَفَ عَلَيَّ مِنْ
صَوْمَعَتِهِ فَقُلْتُ: يَا رَاهِبُ , مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: جُرَيْجٌ:
أَنَّ بَدَنَ ابْنِ آدَمَ خُلِقَ
مِنَ الْأَرْضِ وَرُوحَهُ خُلِقَ مِنْ مَلَكُوتِ السَّمَاءِ فَإِذَا أَجَاعَ
بَدَنَهُ وَأَعْرَاهُ وَأَسْهَرَهُ نَازَعَ الرُّوحَ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي
خَرَجَ مِنْهُ , وَإِذَا أَطْعَمَهُ وَسَقَاهُ وَنَوَّمَهُ وَأَرَاحَهُ أَخْلَدَ
الْبَدَنُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ فَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَحَبَّ
إِلَيْهِ مِنَ الدُّنْيَا
يَعْقُوبَ بْنَ الْوَلِيدِ يَقُولُ:
سَمِعْتُ أَبَا تُرَابٍ يَقُولُ: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمْ
تُحِبُّونَ ثَلَاثَةً وَلَيْسَ هِيَ لَكُمْ: تُحِبُّونَ النَّفْسَ وَهِيَ لِلَّهِ
وَتُحِبُّونَ الرُّوحَ وَالرُّوحُ لِلَّهِ وَتُحِبُّونَ الْمَالَ وَالْمَالُ
لِلْوَرَثَةِ وَتَطْلُبُونَ اثْنَيْنِ وَلَا تَجِدُونَهُمَا الْفَرَحَ
وَالرَّاحَةَ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ "
أَبَا بَكْرِ بْنَ شَاذَانَ،
يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ يَزْدَانِيَارَ، يَقُولُ: «الرُّوحُ مَزْرَعَةُ
الْخَيْرِ؛ لِأَنَّهُ مَعْدِنُ الرَّحْمَةِ، وَالْجَسَدُ مَزْرَعَةُ الشَّرِّ
لِأَنَّهُ مَعْدِنُ الشَّهْوَةِ، وَالرُّوحُ مَطْبُوعٌ بِالْخَيْرِ، وَالنَّفْسُ
مَطْبُوعَةٌ بِإِرَادَةِ الشَّرِّ، وَالْهَوَى مُدَبِّرُ الْجَسَدِ، وَالْعَقْلُ
مُدَبِّرُ الرُّوحَ، وَالْمَعْرِفَةُ خَاطِرَةٌ فِيمَا بَيْنَ الْعَقْلِ
وَالْهَوَى،
أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي سَعْدَانَ،
يَقُولُ: " الصَّابِرُ عَلَى رَجَائِهِ لَا يَقْنَطُ مِنْ فَضْلِهِ وَمَنْ
سَمِعَ بِأُذُنِهِ حَكَى وَمَنْ سَمِعَ بِقَلْبِهِ وَعَظَ، وَمَنْ عَمِلَ بِمَا
عَلِمَ هُدِيَ وَاهْتَدَى وَقَالَ: أَوَّلُ قِسْمَةٍ قُسِمَتْ لِلنَّفَسِ مِنَ
الْخَيْرَاتِ الرَّوْحُ لِيَتَرَوَّحَ بِهِ مِنْ مُسَاكَنَةِ الِاغْتِرَارِ ثُمَّ
الْعِلْمُ لِيَدُلَّهُ عَلَى رُشْدِهِ، ثُمَّ الْعَقْلُ لِيَكُونَ مُشِيرًا
لِلْعِلْمِ إِلَى دَرَجَاتِ الْمَعَارِفِ، وَمُشِيرًا لِلنَّفَسِ إِلَى قَبُولِ
الْعِلْمِ، وَصَاحِبًا لِلرُّوحِ فِي الْجَوَلَانِ فِي الْمَلَكُوتِ "
عَبْدِ اللَّهِ الرُّوذْبَارِيَّ،
يَقُولُ: " رَأَيْتُ فِيَ الْمَنَامِ كَأَنَّ قَائِلًا يَقُولُ لِي: أَيُّ
شَيْءٍ أَصَحُّ فِي الصَّلَاةِ؟ فَقُلْتُ: صِحَّةُ الْقَصْدِ، فَسَمِعْتُ
هَاتِفًا، يَقُولُ: رُؤْيَةُ الْمَقْصُودِ بِإِسْقَاطِ رُؤْيَةِ الْقَصْدِ أَتَمُّ
وَكَانَ يَقُولُ: مُجَالَسَةُ الْأَضْدَادِ ذَوَبَانُ الرُّوحُ،
أَنَّ خُزَيْمَةَ رَأَى فِي
الْمَنَامِ كَأَنَّهُ يَسْجُدُ عَلَى جَبِينِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: فَذَكَرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ- قَالَ: "إِنَّ الرُّوحَ لَتَلْقَى الرُّوحَ,
قَالَ الْحَلِيمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ
تعالى: " ثُمَّ إِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُسَمَّوْنَ رُوحَانِيِّينَ بِضَمِ
الرَّاءِ، وَسَمَّى الله عَزَّ وَجَلَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرُّوحَ
الْأَمِينَ، وَرُوحَ الْقُدُسِ وَقَالَ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ
صَفًّا} [النبأ: 38] فَقِيلَ إِنَّ الْمُرَادَ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ
السَّلَامُ، وَقِيلَ إِنَّهُ مَلَكٌ عَظِيمٌ سِوَى جِبْرِيلَ يَقُومُ وَحْدَهُ
صَفًّا، وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا، وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ الرُّوحُ جَوْهَرٌ
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: إِنَّ
الْمَلَائِكَةَ رَوْحَانِيُّونَ - بِفَتْحِ الرَّاءِ - بِمَعْنَى أَنَّهُمْ
لَيْسُوا مَحْصُورِينَ فِي الْأَبْنِيَةِ، وَالظُّلَلِ وَلَكِنَّهُمْ فِي
فُسْحَةٍ، وَبَسَاطَةٍ وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ هُمُ الرُّوحَانِيُّونَ
وَمَلَائِكَةَ الْعَذَابِ هُمُ الْكَرُوبِيُّونَ فَهَذَا مِنَ الْكَرْبِ، وَذَاكَ
مِنَ الرُّوحِ وَاللهُ أَعْلَمُ " قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: وَذَكَرَ وَهْبُ
بْنُ مُنَبِّهٍ: " أَنَّ الْكَرُوبِيِّينَ سُكَّانُ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ
يَبْكُونَ، وَيَنْتَحِبُونَ "
ذَا النُّونِ يَقُولُ: "
ثَلَاثَةٌ مِنْ عَلَامَاتِ مَوْتِ الْقَلْبِ الْأُنْسُ مَعَ الْخَلْقِ،
وَالْوَحْشَةُ فِي الْخَلْوَةِ مَعَ اللهِ وَافْتِقَادُ حَلَاوَةِ الذِّكْرِ
الْمَقْسُومِ وَثَلَاثَةٌ مِنْ أَعْلَامِ الْوَلَهِ إِلَى اللهِ: اضْطِرَابُ
الرُّوحِ فِي الْبَدَنِ عِنْدَ الذِّكْرِ تَشَوُّقًا وَارْتِيَاحُ الْعَقْلِ
عِنْدَ النَّجْوَى تَمَلُّقًا وَوُلُوجُ الْهِمَّةِ فِي الْغُيُوبِ نَحْوَ اللهِ
تَخَلُّقًا "
إِبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصَ يَقُولُ سَمِعْتُ
إِبْرَاهِيمَ الْخَوَّاصَ يَقُولُ: قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: " لَا
يَطْمَعُ أَحَدٌ فِي السَّهَرِ مَعَ الشِّبَعِ، وَلَا يَطْمَعُ فِي الْحُزْنِ مَعَ
كَثْرَةِ النَّوْمِ، وَلَا يَطْمَعُ فِي صِحَّةِ أَمْرِهِ مَعَ مُخَالَطَةِ
الظَّلَمَةِ، وَلَا يَطْمَعُ فِي لِينِ الْقَلْبِ مَعَ فُضُولِ الْكَلَامِ، وَلَا
يَطْمَعُ فِي حُبِّ اللهِ مَعَ حُبِّ الْمَالِ، وَالشَّرَفِ، وَلَا يَطْمَعُ فِي
الْأُنْسِ بِاللهِ مَعَ الْأُنْسِ بِالْمَخْلُوقِينَ، وَلَا يَطْمَعُ فِي الرُّوحِ
مَعَ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا "
سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ:
كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّمَا مَعِيشَتِي مِنْ
صَنْعَةِ يَدِي وَإِنِّي أَصْنَعُ هَذِهِ التَّصَاوِيرَ قَالَ: لَا أُحَدِّثُكَ
إِلَّا مَا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَإِنِّي سَمِعْتُهُ يَقُولُ: " مَنْ صَوَّرَ صُورَةً فَإِنَّ اللهَ
يُعَذِّبُهُ حَتَّى يَنْفُخَ فِيهَا الرُّوحَ وَلَيْسَ بِنَافِخٍ فِيهَا أَبَدًا
" فَرَبَا لَهُ الرَّجُلُ رَبْوَةً شَدِيدَةً وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ فَقَالَ:
" وَيْحَكَ فَإِنْ أَبَيْتَ أَلَّا تَصْنَعَ فَعَلَيْكَ بِهَذَا الشَّجَرِ
وَكُلِّ شَيْءٍ لَيْسَ فِيهِ الرُّوحُ "
قَالَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
التُّسْتَرِيُّ: " لَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ [ص:188] إِلَّا
صِدِّيقٌ الْعُجْبُ وَالذِّكْرُ وَالدَّعْوَى، وَلَمْ يَتَخَلَّصْ مِنْهَا إِلَّا
عَرَفَ نِعَمَ اللهِ عَلَيْهِ فِي مَسَالِكِ الرُّوحِ، وَعَرَفَ تَقْصِيرَهُ فِي
أَدَاءِ الشُّكْرِ فَمَنْ كَانَ هَكَذَا سَلِمَ "
ذَا النُّونِ الْمِصْرِيَّ، يَقُولُ:
" مِنْ كَمَالِ سَعَادَةِ الْمَرْءِ سَبْعُ خِصَالٍ: صَفَاءُ التَّوْحِيدِ،
وَغَرِيزَةُ الْعَقْلِ، وَكَمَالُ الْخَلْقِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ، وَخِفَّةُ
الرُّوحِ، وَطِيبُ الْمَوْلِدِ، وَتَحْقِيقُ التَّوَاضُعِ "
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، أَنَّهُ
كَتَبَ إِلَى سَلْمَانَ يَدْعُوهُ إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ، فَقَالَ
سَلْمَانُ: " يَا أَخِي، إِنْ تَكُنْ بَعُدَتِ الدَّارُ مِنَ الدَّارِ
فَإِنَّ الرُّوحَ مِنَ الرُّوحِ قَرِيبٌ، وَطَيْرُ السَّمَاءِ عَلَى أَنَفِهِ حُمُرُ
الْأَرْضِ تَقَعُ بِهِ "
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ:
دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ
وَقَدْ شَقَّ بَصَرُهُ فَأَغْمَضَهُ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّ الرُّوحَ إِذَا قُبِضَ
تَبِعَهُ الْبَصَرُ»
عَنْ ثَوْبَانَ، مَوْلَى رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ فَارَقَ الرُّوحُ الْجَسَدَ
وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْ ثَلَاثٍ، دَخَلَ الْجَنَّةَ: مِنَ الْكَنْزِ، وَالْغُلُولِ،
وَالدَّيْنِ "
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَتَّخِذُوا شَيْئًا،
فِيهِ الرُّوحُ، غَرَضًا»
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ
أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حرث بالمدينة
وهو متركئ عَلَى عَسِيبٍ فَمَرَّ بِقَوْمٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ
لِبَعْضٍ سَلُوهُ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لا تَسْأَلُوهُ فَسَأَلُوهُ فَقَالُوا: يَا
مُحَمَّدُ مَا الرُّوحُ فقام متوكيا عَلَى عَسِيبِهِ فَقَالَ: عَبْدُ اللَّهِ
وَأَنَا خَلْفُهُ فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ فَقَالَ: {وَيَسْأَلونَكَ
عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ
إِلَّا قَلِيلاً}
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «نَهَى
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَبْرِ الرُّوحِ»
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
قَالَ: سَمِعْتُ، رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يُسأل) (5)
عَنِ الْعَزْلِ فَقَالَ: ((لَا عَلَيْكُمُ أَنْ لَا تَفْعَلُوا؛ إِنْ تَكُنْ
مِمَّا أَخَذَ اللَّهُ مِنْهَا الْمِيثَاقَ، فَكَانَتْ عَلَى صخرة لنفخ فيها
الروح)
وَقَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ
رَحِمَهُ اللَّهُ: " لَنْ يَبْرَحَ الْمُتَهَجِّدُونَ مِنْ عَرْصَةِ
الْقِيَامَةِ حَتَّى يُؤْتُوا بِنَجَائِبَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ قَدْ نُفِخَ فِيهَا
الرُّوحُ. فَيُقَالُ لَهُمُ: انْطَلِقُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ رُكْبَانًا،
فَيَرْكَبُونَهَا فَتَطِيرُ بِهِمْ مُتَعَالِيَةً وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ
إِلَيْهِمْ، يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَدْ مَنَّ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا فَلَا يَزَالُونَ كَذَلِكَ حَتَّى يَنْتَهِيَ
بِهِمْ إِلَى مَسَاكِنِهِمْ مِنَ الْجَنَّةِ "
حَدِيثِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ،
عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ عَذَابِ الْقبْرِ
قَالَ: فَتُعَادُ رُوحُهُ فِي جَسَدِهِ فَيَأْتِيهِ مَلَكَانِ قَالَ الشَّيْخُ:
وَإِعَادَةُ الرُّوحِ فِي جُزْءٍ وَاحِدٍ،
قَالَ: فَيَصْعَدُونَ بِهَا فَلَا
يَمُرُّونَ بِمَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذَا الرُّوحُ
الطَّيِّبُ؟، فَيَقُولُونَ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ،
فَيَصْعَدُونَ بِهَا وَلَا
يَمُرُّونَ عَلَى مَلَأٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِلَّا قَالُوا: مَا هَذِهِ الرُّوحُ
الْخَبِيثَةُ؟، فَيَقُولُ: فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، بِأَقْبَحِ أَسْمَائِهِ الَّتِي
كَانَ يُسَمَّى بِهَا فِي الدُّنْيَا
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،
قَالَ: سَمِعْتُ، رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُ عَنِ
الْعَزْلِ، فَقَالَ: «لَا عَلَيْكُمُ أَنْ لَا تَفْعَلُوا، إِنْ تَكُنْ مِمَّا
أَخَذَ اللَّهُ مِنْهَا الْمِيثَاقَ، فَكَانَتْ عَلَى صَخْرَةٍ لَنُفِخُ فِيهَا
الرُّوحُ»
عَنِ الضَّحَّاكِ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38] ، قَالَ:
«الرُّوحُ حَاجِبُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَقُومُ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ تَعَالَى
وَهُوَ أَعْظَمُ الْمَلَائِكَةِ، لَوْ فَتَحَ الرُّوحُ فَاهُ لَوَسِعَ جَمِيعَ
الْمَلَائِكَةِ فِي فِيهِ، وَالْخَلْقُ إِلَيْهِ يَنْظُرُونَ، فَمِنْ مَخَافَتِهِ
لَا يَرْفَعُونَ طَرْفَهُمْ إِلَى مَنْ فَوْقِهِ»
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا قَالَ: «الرُّوحُ أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ
اللَّهِ، وَهُمْ عَلَى صُوَرِ بَنِي آدَمَ، مَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكٌ
إِلَّا وَمَعَهُ وَاحِدٌ مِنَ الرُّوحِ»
وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ}
[الإسراء: 85] ؟ مَا الرُّوحُ؟ قَالَ: «مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ لَهُ عَشَرَةُ
آلَافِ جَنَاحٍ، جَنَاحَانِ مِنْهَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، لَهُ
أَلْفُ وَجْهٍ لِكُلِّ وَجْهٍ أَلْفُ وَجْهٍ لِكُلِّ وَجْهٍ أَلْفُ لِسَانٍ
وَشَفَتَانِ تُسَبِّحَانِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ يُخْلَقُ
مِنْ كُلِّ تَسْبِيحَةٍ مَلَكٌ يَطِيرُ مَعَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ»»
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ} [النبأ: 38] قَالَ: «هُوَ مَلَكٌ مِنْ
أَعْظَمِ الْمَلَائِكَةِ خَلْقًا»
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: مَا تَبْلُغُ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ وَالْمَلَائِكَةُ
وَالشَّيَاطِينُ عُشْرَ الرُّوحِ، وَلَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ص:868] وَمَا يَدْرِي مَا الرُّوحُ "
، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: أَتَى نَفَرٌ مِنْ يَهُودَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: أَخْبِرْنَا عَنِ الرُّوحِ مَا هُوَ؟ قَالَ:
«جُنْدٌ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسُوا بِمَلَائِكَةِ اللَّهِ، لَهُمْ
رُءُوسٌ وَأَيْدٍ وَأَرْجُلٌ يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ» . ثُمَّ قَرَأَ: {يَوْمَ
يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا} [النبأ: 38] قَالَ: «هَؤُلَاءِ جُنْدٌ
وَهَؤُلَاءِ جُنْدٌ»
عَنْ أَبِي صَالِحٍ، فِي قَوْلِهِ:
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ} [الإسراء: 85] قَالَ: «يُشْبِهُونَ النَّاسَ
وَلَيْسُوا مِنَ النَّاسِ»
الشَّعْبِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى عَنْ قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا
يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} [النبأ: 38] قَالَ: «هُمَا
سِمَاطَا رَبِّ الْعَالَمِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِمَاطَاهُ مِنَ الرُّوحِ،
وَسِمَاطَاهُ مِنَ الْمَلَائِكَةِ»
عَنْ مُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ
رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ} [النبأ: 38]
قَالَ: «الرُّوحُ أَشْرَفُ الْمَلَائِكَةِ وَأَقْرَبُهُمْ مِنَ الرَّبِّ تَبَارَكَ
وَتَعَالَى» . زَادَ فِيهِ عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ:
«وَهُوَ صَاحِبُ الْوَحْيِ»
عَنِ الضَّحَّاكِ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ}
[النحل: 2] قَالَ: " الرُّوحُ: الْقُرْآنُ ".
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَلْمَانَ،
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: " الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ: فَالْإِنْسُ
جُزْءٌ، وَالْجِنُّ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ، وَالْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ عَشَرَةُ
أَجْزَاءٍ، فَالْجِنُّ مِنْ ذَلِكَ جُزْءٌ، وَالْمَلَائِكَةُ تِسْعَةٌ،
وَالْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ، فَالْمَلَائِكَةُ مِنْ ذَلِكَ
جُزْءٌ، وَالرُّوحُ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ، وَالرُّوحُ وَالْكَرُوبِيُّونَ عَشَرَةُ
أَجْزَاءٍ فَالرُّوحُ مِنْ ذَلِكَ جُزْءٌ وَالْكَرُوبِيُّونَ تِسْعَةُ أَجْزَاءٍ
"
عَنْ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى قَالَ: «الرُّوحُ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ أَيْدٍ
وَأَرْجُلٌ»
عَنْ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى فِي الرُّوحِ قَالَ: «خَلْقٌ مِثْلُ خَلْقِ الْآدَمَيِّينَ»
عَنِ الرَّبِيعِ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى قَالَ: قُلْتُ لَهُ: الرِّيحُ وَالرُّوحُ أَمْرُهُمَا وَاحِدٌ؟ قَالَ:
«الرِّيحُ مِنْ أَمْرٍ وَاحِدٍ وَالرُّوحُ آخَرُ» . قُلْتُ: رُوحُ آدَمَ
وَغَيْرِهِ وَاحِدٌ؟ قَالَ: «نَعَمْ» . قُلْتُ: أَرْوَاحُ الْبَهَائِمِ مَا هِيَ؟
قَالَ: «مِنَ الرِّيَاحِ الْأَرْبَعَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهَا حِسَابٌ» .
قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنِ الْمَاءِ، فَقَالَ: «هُوَ مِنْ أَمْرٍ آخَرَ، وَهُوَ
مِنْهُ وَكُلُّ شَيْءٍ حَيٍّ مِنْهُ»
عَنِ الرَّبِيعِ، قَالَ: {يُنَزِّلُ
الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ
أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} [النحل: 2] ، «فَكُلُّ
شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ رُوحٌ مِنْهُ»
عَبْدُ الصَّمَدِ، قَالَ: سَمِعْتُ
وَهْبًا رَحِمَهُ اللَّهُ [ص:883] تَعَالَى يَقُولُ: «إِنَّ نَفْسَ الْإِنْسَانِ
خُلِقَتْ كَنَفْسِ الدَّوَابِّ الَّتِي تَشْتَهِي وَتَدْعُو إِلَى الشَّرِّ،
وَمَسْكَنُهَا فِي الْبَطْنِ، وَفُضِّلَ الْإِنْسَانُ بِالرُّوحِ وَمَسْكَنُهُ فِي
الدِّمَاغِ فَبِهِ يَسْتَحِي الْإِنْسَانُ، وَهُوَ يَدْعُو إِلَى الْخَيْرِ،
وَيَأْمُرُ بِهِ» . ثُمَّ نَفَخَ وَهْبٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدِهِ،
فَقَالَ: «هَذَا أَمَارٌ وَهُوَ مِنَ النَّفْسِ وَمَثَلُهَا كَمَثَلِ الرَّجُلِ
وَرُوحِهِ، فَإِذَا أَبَقَ الرُّوحُ إِلَى النَّفْسِ، وَالْتَقَيَا نَامَ
الْإِنْسَانُ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ رَجَعَ الرُّوحُ إِلَى مَكَانِهِ، وَنُعِشَ
بِذَلِكَ إِنَّكَ إِذَا كُنْتَ نَائِمًا فَاسْتَيْقَظْتَ كَأَنَّ شَيْئًا يَثُورُ
إِلَى رَأْسِكَ» . قَالَ: وَسَمِعْتُ وَهْبًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ:
«مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ الْمَلِكِ وَالْأَرْكَانُ أَعْوَانٌ، فَإِذَا
ائْتَمَرَتِ النَّفْسُ بِالشَّرِّ اشْتَهَتْ وَتَحَرَّكَتِ الْأَرْكَانُ
وَنَهَاهَا الرُّوحُ عَنْهُ وَدَعَاهَا إِلَى الْخَيْرِ، فَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ
مُؤْمِنًا أَطَاعَ الرُّوحَ، وَإِنْ كَانَ الْقَلْبُ فَاجِرًا أَطَاعَ النَّفْسَ
وَعَصَى الرُّوحَ يُنَشِّطُ الْأَرْكَانَ فَيَعْمَلُ الْقَلْبُ مَا أَحَبَّ»
عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْخِرِّيتِ،
قَالَ: قِيلَ لِعِكْرِمَةَ: الرَّجُلُ يَرَى فِي مَنَامِهِ كَأَنَّهُ بِخُرَاسَانَ
وَبِالشَّامِ وَبِأَرْضٍ لَمْ يَطَأْهَا؟ قَالَ: «تِلْكَ الرُّوحُ يَرَى
بِرُوحِهِ، وَالرُّوحُ مُعَلَّقَةٌ بِالنَّفْسِ، فَإِذَا اسْتَوْطَنَتْ جَبَذَ
النَّفْسَ الرُّوحُ»
عَنْ سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى، فِي قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ
حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] قَالَ: «يَجْمَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ
أَرْوَاحِ الْأَحْيَاءِ، وَبَيْنَ أَرْوَاحِ الْأَمْوَاتِ فَيَتَعَارَفَانِ
بَيْنَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتَعَارَفَا، فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى
عَلَيْهَا الْمَوْتَ، وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجْلٍ مُسَمًّى»
وَهْبٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
أَنَّهُ: «وَجَدَ فِيمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مُوسَى عَلَيْهِ،
وَعَلَى نَبِيِّنَا أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامُ، أَنَّ اللَّهَ عَزَّ
وَجَلَّ لَمَّا خَلَقَ الْخَلْقَ خَلَقَ الرُّوحَ، ثُمَّ خَلَقَ مِنَ الرُّوحِ
الْهَوَاءَ،
عَنْ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] قَالَ: أَدْخَلَ
اللَّهُ تَعَالَى الرُّوحَ فِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَحْيَا عَيْنَيْهِ
قَبْلَ أَنْ يُحْيِيَ بَقِيَّةَ جَسَدِهِ فَقَالَ: " أَيْ رَبِّ أَتِمَّ
[ص:1553] خَلْقِي قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى
{خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] " فَلَمَّا دَخَلَ فِي
بَعْضِهِ الرُّوحُ وَذَهَبَ لِيَجْلِسَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {خُلِقَ
الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: 37] ، فَلَمَّا تَتَابَعَ فِيهِ الرُّوحُ
عَطَسَ،
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا قَالَ: " لَمَّا نَفَخَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلَامُ الرُّوحَ، وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ بِالسُّجُودِ لَهُ أَخْرَجَ
ذُرِّيَّتَهُ مِنْ ظَهْرِهِ فَأَفَاضَهُمْ إِفَاضَةَ الْقِدَاحِ كَالذَّرِّ بَيْنَ
يَدَيْهِ مُسْتَنْطَقِينَ نَاطِقِينَ بِالرُّبُوبِيَّةِ أَنَّهُ رَبُّهُمْ كُلٌّ
يَدْعُوهُ يَا رَبِّ يَا رَبِّ، ثُمَّ خَلَقَ مِنْهُ زَوْجَتَهُ حَوَّاءَ
فَأَسْكَنَهُمَا الْجَنَّةَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْجَنَّةِ شَيْءٌ أَحْسَنَ
مِنْهُمَا وَكَانَتْ حَوَّاءُ أَحْسَنَ مِنْ آدَمَ وَعَلَى آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلَامُ تَاجٌ مُشَرَّجٌ بِاللُّؤْلُؤِ مَنْظُومٌ بِالزُّمُرُّدِ وَالْيَاقُوتِ
وَعَلَى حَوَّاءَ نَقَارِسُ الزَّبَرْجَدِ وَالْحُلِيُّ فَأَصْلُ التَّاجِ
لِلرِّجَالِ مِنْ آدَمَ وَالنَّقَارِسُ وَالْحُلِيُّ لِلنِّسَاءِ مِنْ حَوَّاءَ
وَكَانَ لِبَاسُهُمَا الظُّفُرَ عَلَيْهِ شُعَاعُ نُورٍ كَشُعَاعِ الشَّمْسِ
فَحَسَدَهُمَا إِبْلِيسُ لَعَنَهُ
وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، رَحِمَهُ
اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: «خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ آدَمَ عَلَيْهِ
السَّلَامُ كَمَا شَاءَ وَبِمَا شَاءَ فَكَانَ كَذَلِكَ، فَتَبَارَكَ اللَّهُ
أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ خُلِقَ مِنَ التُّرَابِ وَالْمَاءِ فَمِنْهُ لَحْمُهُ وَدَمُهُ
وَشَعْرُهُ وَعَظْمُهُ وَجَسَدُهُ كُلُّهُ، فَهَذَا بَدْءُ الْخَلْقِ الَّذِي
خَلَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ آدَمَ، ثُمَّ جُعِلَتْ فِيهِ النَّفْسُ،
فَبِهَا يَقُومُ، وَيَقْعُدُ، وَيَسْمَعُ، وَيُبْصِرُ، وَيَعْلَمُ مَا تَعْلَمُ
الدَّوَابُّ، وَيَتَّقِي مَا يَتَّقِي، ثُمَّ جَعَلَ فِيهِ الرُّوحَ، فَبِهِ
عَرَفَ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ، وَالرُّشْدَ مِنَ الْغَيِّ، وَبِهِ حَذَرَ،
وَتَقَدَّمَ، وَاسْتَتَرَ، وَتَعَلَّمَ، وَدَبَّرَ الْأُمُورَ كُلَّهَا، وَمِنَ
الرُّوحِ حِلْمُهُ، وَوَقَارُهُ، وَعَفَافُهُ، وَحَيَاؤُهُ، وَبَهَاؤُهُ،
وَتَكَرُّمُهُ وَصِدْقُهُ، وَرِفْقُهُ، وَصَبْرُهُ فَإِذَا خَافَ ذُو الْعَقْلِ
أَنْ تَغْلِبَ عَلَيْهِ نَفْسُهُ وَتَمِيلَ بِهِ أَلْزَمَ كُلَّخُلُقٍ مِنْهَا
خُلُقًا مِنْ أَخْلَاقِ الرُّوحِ يُقَوِّمُهُ، فَقَرَنَ بِالْحِدَّةِ الْحِلْمَ
وَبِالْخِفَّةِ الْوَقَارَ، وَبِالشَّهْوَةِ الْعَفَافَ، وَبِاللَّعِبِ
الْحَيَاءَ، وَبِاللَّهْوِ النُّهَى، وَبِالضَّحِكِ الْهَمَّ، وَبِالسَّفَهِ
التَّكَرُّمَ، وَبِالْجَزَعِ الصِّدْقَ وَبِالْعُنْفِ الرِّفْقَ،
وَهْبًا، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
يَقُولُ: «مَثَلُ الْقَلْبِ كَمَثَلِ الْمَلِكِ وَالْأَرْكَانُ أَعْوَانُهُ،
فَإِذَا ائْتَمَرَتِ النَّفْسُ بِالشَّرِّ اشْتَهَتْ وَتَحَرَّكَتِ الْأَرْكَانُ
وَنَهَاهَا الرُّوحُ عَنْهُ وَدَعَاهَا إِلَى الْخَيْرِ، فَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ
مُؤْمِنًا أَطَاعَ الرُّوحَ، وَإِذَا كَانَ الْقَلْبُ فَاجِرًا أَطَاعَ النَّفْسَ
وَعَصَى الرُّوحَ، فَنَشَطَ الْأَرْكَانُ فَيَعْمَلُ الْقَلْبُ مَا أَحَبَّ»
وَهْبًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى
يَقُولُ: " إِنَّ نَفْسَ الْإِنْسَانِ خُلِقَتْ كَأَنْفُسِ الدَّوَابِّ
الَّتِي تَشْتَهِي [ص:1628]، وَتَدْعُو إِلَى الشَّرِّ، وَمَسْكَنُهَا فِي
الْبَطْنِ، وَفُضِّلَ الْإِنْسَانُ بِالرُّوحِ وَمَسْكَنُهُ فِي الدِّمَاغِ، فَبِهِ
يَسْتَحِي الْإِنْسَانُ، وَهُوَ يَدْعُو إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُ بِهِ، ثُمَّ
نَفَخَ عَلَى يَدَيْهِ، فَقَالَ: تَرَوْنَ هَذَا هُوَ مِنَ الرُّوحِ وَنَكَهَ
عَلَى يَدِهِ، فَقَالَ: هَذَا حَارٌّ وَهُوَ مِنْ النَّفْسِ وَمَثَلُهَا كَمَثَلِ
الرَّجُلِ وَرُوحِهِ، فَإِذَا أَبَقَ الرُّوحُ إِلَى النَّفْسِ فَالْتَقَيَا نَامَ
الْإِنْسَانُ، فَإِذَا اسْتَيْقَظَ رَجَعَ الرُّوحُ إِلَى مَكَانِهِ، وَتَعْتَبِرُ
ذَلِكَ أَنَّكَ إِذَا كُنْتَ نَائِمًا فَاسْتَيْقَظْتَ كَأَنَّ شَيْئًا يَثُورُ
إِلَى رَأْسِكَ "
عَنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ
تَعَالَى {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ} [الإسراء: 44] قَالَ:
«كُلُّ شَيْءٍ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ فِيهِ الرُّوحُ»
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَتَى وَجَبَتْ لَكَ النُّبُوَّةُ؟متى كتبت نبيا ومتى كنت نبيا قَالَ: «فِيمَا
بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ وَنَفْخِ الرُّوحِ فِيهِ»
قَالَ الشَّيْخُ كلابازي رَحِمَهُ
اللَّهُ
فَقَالَ جَلَّ جَلَالُهُ: {اللَّهُ
يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا}
[الزمر: 42] ، فَهِيَ وَفَاةٌ وَلَيْسَ بِمَوْتٍ فِي الْحَقِيقَةِ الَّذِي هُوَ
خُرُوجُ الرُّوحِ عَنِ الْبَدَنِ،
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ: أَنَا حَرَّضْتُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْقِيَامِ فِي شَهْرِ
رَمَضَانَ أَخْبَرْتُهُ أَنَّ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ حَظِيرَةً يُقَالُ
لَهَا حَظِيرَةُ الْقُدُسِ يَسْكُنُهَا قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمُ الرُّوحُ، فَإِذَا
كَانَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ اسْتَأْذَنُوا رَبَّهُمْ فِي النُّزُولِ إِلَى
الدُّنْيَا، فَلَا يَمُرُّونَ بِأَحَدٍ يُصَلِّي أَوْ عَلَى الطَّرِيقِ إِلَّا
أَصَابَتْهُ مِنْهُمْ بَرَكَةٌ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: يَا أَبَا الْحَسَنِ
فَتُحَرِّضُ النَّاسَ عَلَى الصَّلَاةِ حَتَّى تُصِيبَهُمُ الْبَرَكَةُ، فَأَمَرَ
النَّاسَ بِالْقِيَامِ
ابْنَ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ مَثَّلَ بِذِي
الرُّوحِ، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مَثَّلَ اللَّهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، قَالَ: قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مُوسَى رَسُولَ
اللَّهِ ذَكَّرَ النَّاسَ يَوْمًا حَتَّى، إِذَا فَاضَتِ الْعُيُونُ، وَرَقَّتِ
الْقُلُوبُ، وَلَّى فَأَدْرَكَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ فِي
الْأَرْضِ أَحَدٌ أَعْلَمُ مِنْكَ؟ قَالَ: لَا قَالَ: فَعُتِبَ عَلَيْهِ، إِذْ
لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: إِنَّ لِي
عَبْدًا أَعْلَمَ مِنْكَ، قَالَ: أَيْ رَبِّ، وَأيْنَ؟ قَالَ: مَجْمَعُ
الْبَحْرَيْنِ، قَالَ: أَيْ رَبِّ، اجْعَلْ لِي عَلَمًا أَعْلَمُ ذَلِكَ بِهِ،
قَالَ لِي عَمْرٌو: وَقَالَ: حَيْثُ يُفَارِقُكَ الْحُوتُ، وَقَالَ يَعْلَى: خُذْ
حُوتًا مَيْتًا حَيْثُ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ، فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي
مِكْتَلٍ،
قَالَ أَبُو سَعِيدِ الْخَيْرِ:
إِنَّ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ لَيْسَا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَلَكِنَّهُمَا مِنَ
الرُّوحِ "
عن عبد الله بن عمرو قال : في الجنة
قصر يدعى عدن حوله الروح والروح له خمسة آلاف باب ، لا يسكنه أو لا يدخله إلا نبي
أو صديق أو شهيد أو إمام عادل.
عن أبي قلابة قال : إن الله تعالى
لما لعن إبليس سأله النظرة ، فأنظره إلى يوم الدين ، قال : وعزتك لا أخرج من جوف -
أو قلب - ابن آدم ما دام فيه الروح ، قال : وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه
الروح.
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال :
الروح بيد ملك يمشي به ، فإذا دخل قبره جعله فيه.
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ،
قَالَ : إذَا تَمَّ خَلْقُهُ وَنُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ صُلِّيَ عَلَيْهِ.
عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ؛
فِي السِّقْطِ إذَا وَقَعَ مَيِّتًا ، قَالَ : إذَا نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ صُلِّيَ
عَلَيْهِ وَذَلِكَ لأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ.
عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ
بْنِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا حَدَّ شَفْرَةً
وَأَخَذَ شَاةً لِيَذْبَحَهَا , فَضَرَبَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ
بِالدِّرَّةِ وَقَالَ: أَتُعَذِّبُ الرُّوحَ؟ أَلَا فَعَلْتَ هَذَا قَبْلَ أَنْ
تَأْخُذَهَا
قال البيهقي رضي اللّه عنه: فالروح
الذي منه نفخ في آدم عليه السلام كان خلقا من خلق اللّه تعالى جعل اللّه عز وجل
حياة الأجسام به. وإنما أضافه إلى نفسه على طريق الخلق والملك، لا أنه جزء منه،
وهو كقوله عز وجل:
وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي
السَّماواتِ وما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ «3» أي من خلقه.
وقد ثبت عن النبي صلى اللّه عليه
وسلم أنه قال: «الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف»
«1». وقال: «أرواح الشهداء في صور طير خضر تعلق من ثمر الجنة»اراواح المومنين في
جوف طير ابيض وارواح الاطفال الميتين في جوف العصافير وارواح الكفار في جوف طير
اسود «2». فأخبر أنها كانت منفصلة من الأبدان فاتصلت بها، ثم انفصلت عنها. وهذا من
صفة الأجسام.
روي في الأخبار أن اللّه عز وجل خلق
الأرواح قبل الأجسام، وكانت تلتقي فتشام كما تشام الخيل. فلما التبست بالأجسام
تعارفت بالذكر الأول، فصار كل منهما إنما يعرف وينكر على ما سبق له من العهد
المتقدم
قال القتيبي: الروح: النفخ. سمى روحا
لأنه ريح يخرج عن الروح.
عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في
قوله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ والْمَلائِكَةُ
صَفًّا «1» قال: يعني حين يقوم أرواح
الناس مع الملائكة فيما بين النفختين قبل أن ترد الروح إلى الأجساد.
قَالَ: وَكَانَ رُوحُ عِيسَى
عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي تِلْكَ الْأَرْوَاحِ الَّتِي أُخِذَ عَلَيْهَا
الْمِيثَاقُ , فَأَرْسَلَ ذَلِكَ الرُّوحَ إِلَى مَرْيَمَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ
بْنِ عُمَيْرٍ، أَنَّ إِبْلِيسَ قَالَ: أَيْ رَبِّ، أَخْرَجْتَنِي مِنَ الْجَنَّةِ
مِنْ أَجْلِ آدَمَ، وَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُهُ إِلَّا بِسُلْطَانِكَ، قَالَ:
فَإِنَّكَ مُسَلَّطٌ، قَالَ: أَيْ رَبِّ، زِدْنِي قَالَ: لَا يُولَدُ لَهُ وَلَدٌ
إِلَّا وَلَكَ مِثْلُهُ، قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْنِي قَالَ: أَجْلِبْ عَلَيْهِمْ
بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ وَعِدْهُمْ
وَمَا يَعْدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا، قَالَ آدَمُ: أَيْ رَبِّ إِنَّكَ
سَلَّطْتَهُ عَلَيَّ وَلَا أَمْتَنِعُ مِنْهُ إِلَّا بِكَ، قَالَ: لَا يُولَدُ
لَكَ وَلَدٌ إِلَّا وَكَّلْتُ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ مِنْ يَدِ السُّوءِ، قَالَ:
أَيْ رَبِّ، زِدْنِي قَالَ: حَسَنَةٌ عَشْرًا وَأَزِيدُ، وَالسَّيِّئَةُ
وَاحِدَةٌ، قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْنِي قَالَ: بَابُ التَّوْبَةِ مَفْتُوحٌ مَادَامَ
الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ، قَالَ: أَيْ رَبِّ زِدْنِي، قَالَ {يَا عِبَادِي
الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ
إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}
[الزمر: 53] "
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ: "
أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى سَلْمَانَ يَدْعُوهُ إِلَى الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ ,
فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَلْمَانُ: يَا أَخِي , إِنْ كَانَ بَعُدَتِ الدَّارُ مِنَ
الدَّارِ فَإِنَّ الرُّوحَ مِنَ الرُّوحِ قَرِيبٌ , وَإِنَّ طَيْرَ السَّمَاءِ
تَقَعُ عَلَى إِلْفِهَا مِنَ الْأَرْضِ ". وَفِي رِوَايَةٍ: أَنَّ سَلْمَانَ
قَالَ لَهُ: إِنَّ الْأَرْضَ لَا تُقَدِّسُ أَحَدًا , وَإِنَّمَا يُقَدِّسُ
الْإِنْسَانَ عَمَلُهُ "
عَنْ مُجَاهِدٍ، {ادْخُلِي فِي
عِبَادِي} قَالَ: «الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ»
عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ قَالَ:
«الرُّوحُ بِيَدِ الْمَلِكِ وَالْجَسَدُ يُقَلَّبُ، فَإِذَا حَمَلُوهُ تَبِعَهُمْ،
فَإِذَا وُضِعَ فِي الْقَبْرِ بَثَّهُ فِيهِ»
إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغَ فِي
النَّوْمِ قَالَ: وَمَا عَرَفْتُهُ قَطُّ , فَقُلْتُ: بِأَيِّ شَيْءٍ نَجَوْتَ؟ ,
قَالَ: بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ يَا عَالِمَ الْخَفِيَّاتِ , رَفِيعَ
الدَّرَجَاتِ , ذَا الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِكَ
, غَافِرَ الذَّنْبِ , قَابِلَ التَّوْبِ شَدِيدَ الْعِقَابِ ذَا الطُّوَلِ , لَا
إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: " يَقُولُ
اللَّهُ تَعَالَى لِمَلَكِ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: انْطَلِقْ إِلَى
وَلِيِّي , فَائْتِنِي بِهِ، فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُهُ بِالضَّرَّاءِ ,
وَالسَّرَّاءِ , فَوَجَدْتُهُ حَيْثُ أُحِبُّ، قَالَ: فَيَأْتِيهِ مَلَكُ
الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَمَعَهُ خَمْسُ مِائَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ
عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَحْمِلُونَ أَكْفَانًا وَحُنُوطًا مِنَ الْجَنَّةِ،
وَمَعَهُمْ ضَبَائِرُ الرَّيْحَانِ أَصْلُ الرَّيْحَانَةِ، وَاحِدٌ فِي رَأْسِهَا
عِشْرُونَ لَوْنًا لِكُلِّ لَوْنٍ رِيحٌ سِوَى رِيحِ صَاحِبِهِ , وَالْحَرِيرُ
الْأَبْيَضُ فِيهِ الْمِسْكُ، فَيَأْتِيهِ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ
فَيَجْلِسُ عِنْدَ رَأْسِهِ , وَيَبْسُطُ ذَلِكَ الْحَرِيرَ وَالْمِسْكَ تَحْتَ
ذَقْنِهِ وَيَفْتَحُ لَهُ بَابًا إِلَى الْجَنَّة، فَإِنَّ نَفْسَهُ لَتُعَلَّلُ
هُنَاكَ مَرَّةً بِأَرْوَاحِهَا , وَمَرَّةً بِكِسْوَتِهَا , وَمَرَّةً
بثِمَارِهَا، قَالَ: ويَقُولُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اخْرُجِي
أَيَّتُهَا الرُّوحُ الطَّيِّبَةُ إِلَى سِدْرٍ مَخْضُودٍ، وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ،
وَظِلٍ مَمْدُودٍ، وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ وَلَمَلَكُ الْمَوْتِ أَشَدُّ لُطْفًا بِهِ
مِنَ الْوَالِدَةِ بِوَلَدِهَا، فَيَعْرِفُ أَنَّ تِلْكَ ُالرُّوحَ حَبِيبَةٌ
إِلَى رَبِّهَا يَلْتَمِسُ بِلُطْفِهِ تَحَبُّبًا إِلَى رَبِّهِ وَرِضَاهُ عَنْهُ،
يَسُلُّ رُوحَهُ كَمَا تُسَلُّ الشَّعْرَةُ مِنَ الْعَجِينِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ
وَجَلَّ: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ}
[النحل: 32] ، وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ
الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ} [الواقعة: 88 - 89] .
يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ: رَوْحٌ مِنْ
جِهَةِ الْمَوْتِ، وَرَيْحَانٌ يَتَلَقَّى بِهِ وَجْهَهُ، وَنَعِيمٌ مَقِيلُهُ.
فَإِذَا قَبَضَ مَلَكُ الْمَوْتِ
رُوحَهُ، قَالَتِ الرُّوحُ لِلْجَسَدِ: جَزَاكَ اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا، فَقَدْ
كُنْتَ سَرِيعًا إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، فَقَدْ
نَجَوْتَ وَأَنْجَيْتَ، وَيَقُولُ الْجَسَدُ لِلرُّوحِ مِثْلُ ذَلِكَ، قَالَ:
وَتَبْكِي عَلَيْهِ بِقَاعُ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يُطِيعُ اللَّهُ عَلَيْهِ
وَكُلُّ بَابٍ مِنَ
السَّمَاءِ كَانَ يَنْزِلُ مِنْهُ
رِزْقُهُ وَيَصْعَدُ مِنْهُ عَمَلُهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإِذَا وُضِعَ فِي
قَبْرِهِ جَاءَتْهُ صَلَاتُهُ فَكَانَتْ عِنْدَ يَمِينِهِ، وَجَاءَ صِيَامُهُ
فَكَانَ عِنْدَ يَسَارِهِ، وَجَاءَ الذِّكْرُ فَكَانَ عِنْدَ رَأْسِهِ وَجَاءَ
مَشْيُهُ إِلَى الطَّاعَةِ فَكَانَ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، وَجَاءَ الصَّبْرُ فَقَامَ
نَاحِيَةً مِنَ الْقَبْرِ، قَالَ: فَيَبْعَثُ اللَّهُ عُتَقَاءَ مِنَ الْعَذَابِ
فَيَأْتِيهِ عَنْ يَمِينِهِ فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: إِلَيْكَ عَنْهُ، مَا زَالَ
عُمْرُهُ دَائِبًا قَائِمَا اسْتَرَاحَ الْآنَ حِينَ وُضِعَ فِي قَبْرِهِ،
فَيَأْتِيهِ عَنْ يَسَارِهِ فَيَقُولُ الصِّيَامُ مِثْلَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ
نَاحِيَةٍ يَأْتِيهِ يُخَاطِبُ بِمِثْلِ ذَلِكَ لَا يَأْتِيهِ مِنْ مَوْضِعٍ
إِلَّا وَجَدَ اللَّهَ قَدْ أَخَذَ جَنَّتَهُ عِنْدَ ذَلِكَ، قَالَ: فَيَقُولُ
الصَّبْرُ لِسَائِرِ الْأَعْمَالِ: أَمَا إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ
أُبَاشِرَهُ أَنَا بِنَفْسِي، فَأَمَّا إِذَا أَجْزَأْتُمْ فَأَنَا ذُخْرٌ لَهُ
عِنْدَ الْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ، قَالَ: فَيَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَيْنِ
أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ وَأَصْوَاتُهُمَا كَالرَّعْدِ الْقَاصِفِ،
وَأَنْيَابُهُمَا كَالصَّيَاصِي وَأَنْفَاسُهُمَا كَاللَّهَبِ، يَطِيَانِ فِي
أَشْعَارِهِمَا، بَيْنَ مَنْكِبَيْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَسِيرَةُ كَذَا
وَكَذَا، قَدْ نُزِعَتْ مِنْهُمَا الرَّحْمَةُ وَالرَّأْفَةُ، يُقَالَ لَهُمَا:
مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِطْرَقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ لَوِ
اجْتَمَعَ عَلَيْهِا رَبِيعَةُ وَمُضَرُ لَمْ يُقْلُوهَا فَيَأْتِيَانِهِ
فَيَقُولُانِ لَهُ: مَنْ كُنْتَ تَعْبُدُ؟ وَمَنْ رَبُّكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ قَالُوا
يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَمَنْ يَطِيقُ الْكَلَامَ عِنْدَ ذَلِكَ وَأَنْتَ تَصِفُ
مِنَ الْمَلَكَيْنِ مَا تَصِفُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَآلِهِ وَسَلَّمَ: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ
الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ
مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: 27] ، قَالَ فِيَقُولُ: كُنْتُ أَعْبُدُ اللَّهَ لَا
أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَالْإِسْلَامُ دِينِي الَّذِي دَانَتْ بِهِ
الْأَنْبِيَاءُ، وَنَبِيِّي مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ
خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ، فَيَقُولُانِ لَهُ: صَدَقْتَ، فَيَدْفَعَانِ الْقَبْرَ
مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ أَرْبَعِينَ ذِرَاعًا , وَمِنْ خَلْفِهِ كَذَلِكَ، وَعَنْ
يَمِينِهِ كَذَلِكَ , وَعَنَ يَسَارِهِ كَذَلِكَ , ثُمَّ يَقُولُانِ لَهُ: وَلِيَّ
اللَّهِ نَجَوْتَ آخِرَ مَا عَلَيْكَ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ
بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَرْحَةٌ لَا تُرَدُّ
أَبَدًا، ثُمَّ يَقُولُانِ لَهُ: وَلِيَّ اللَّهِ انْظُرْ فَوْقَكَ؟ فَيَنْظُرُ
فَوْقَهُ , فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُانِ لَهُ: وَلِيَّ
اللَّهِ هَذَا مَنْزِلُكَ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُ لَيَصِلُ
إِلَى قَلْبِهِ فَرْحَةٌ لَا تُرَدُّ أَبَدًا، قَالَ يَزِيدُ الرِّقَاشِيُّ:
وَقَالَتْ عَائِشَةُ: يُفْتَحُ لَهُ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ بَابًا مِنَ الْجَنَّةِ
, فَيَأْتِيهِ مِنْ رَوْحِهَا وَبَردِهَا حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهَا،
قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ فِي حَدِيثِهِ: فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ
انْطَلِقْ إِلَى عَدُوِّي فَائْتِنِي بِهِ فَإِنِّي قَدْ بَسَطْتُ لَهُ رِزْقِي
وَسَرْبَلْتُهُ نِعْمَتِي فَائْتِنِي بِهِ فَلَأَنْتَقِمَنَّ مِنْهُ، قَالَ:
فَيَأْتِيهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فِي أَكْرَهِ صُورَةٍ رَآهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ،
لَهُ اثْنَتَا عَشَرَ عَيْنًا وَمَعَهُ سُفُودٌ مِنْ نَارٍ كَثِيرُ الشَّوْكِ،
وَمَعَهُ خَمْسُ مِائَةٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ يَحْمِلُونَ
مَعَهُ سِيَاطًا مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ، فَيَأْتِيهِ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ
السَّلَامُ فَيَضْرِبُهُ بِذَلِكَ السُّفُودِ ضَرْبَةً فَتَغِيبُ كُلُّ شَوْكَةٍ
مِنْ ذَلِكَ السُّفُودِ فِي كُلِّ عِرْقٍ مِنْهُ فَيَنْزِعُ رُوحَهُ مِنْ أَظْفَارِ
قَدَمَيْهِ فَيُلْقِيهَا فِي عَقِبَيْهِ وَيَسْكُرُ عَدُوَّ اللَّهِ سَكْرَةً
فَتَضْرِبُ الْمَلَائِكَةُ وَجْهَهُ وَدُبُرَهُ بِتِلْكَ السِّيَاطِ ثُمَّ
كَذَلِكَ إِلَى صَدْرِهِ ثُمَّ كَذَلِكَ إِلَى حَلْقِهِ، ثُمَّ يَقُولُ مَلَكُ
الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: اخْرُجِي أَيَّتُها الرُّوحُ إِلَى سَمُومٍ
وَحَمِيمٍ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ، فَإِذَا قَبَضَ
مَلَكَ الْمَوْتِ رُوحَهُ
قَالَ
الرُّوحُ لِلْجَسَدِ: جَزَاكَ
اللَّهُ شَرًّا، فَقَدْ كُنْتَ سَرِيعًا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ، بَطِيئًا فِي
طَاعَةِ اللَّهِ، فَقَدْ هَلَكْتَ وَأَهْلَكْتَ، وَيَقُولُ الْجَسَدُ لِلرُّوحِ
مِثْلَ ذَلِكَ، وَتَلْعَنُهُ بِقَاعُ الْأَرْضِ الَّتِي كَانَ يَعْصِى اللَّهَ
عَلَيْهَا وَكُلُّ بَابٍ مِنَ السَّمَاءِ يَنْزِلُ مِنْهُ رِزْقُهُ وَيَصْعَدُ
مِنْهُ عَمَلُهُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ ضَيَّقَ
اللَّهُ عَلَيْهِ قَبْرَهُ حَتَّى تَخْتَلِفَ فِيهِ أَضْلَاعُهُ وَتَدْخُلُ
الْيُمْنَى فِي الْيُسْرَى وَالْيُسْرَى فِي الْيُمْنَى، قَالَ: وَيَبْعَثُ
اللَّهُ عَلَيْهِ أَفَاعِي دُهُمُاً كَأَعْنَاقِ الْإِبِلِ فَتَأْخُذُ
بِأَرْنَبَتِهِ وَإِبْهَامَيْ قَدَمَيْهِ فَيَقْرِضَانِهِ حَتَّى يَلْتَقِيَانِ
فِي وَسَطِهِ، قَالَ: وَيَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكَيْنِ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ
أَبْصَارُهُمَا كَالْبَرْقِ، وَأَنْيَابُهُمَا كَالصَّيَاصِي وَأَنْفَاسُهُمَا
كَاللَّهَبِ يَطِيَانِ فِي أَشْعَارِهِمَا بَيْنَ مَنْكِبَيْ كُلِّ وَاحِدٍ
مَسِيرَةُ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ نَزَعَ اللَّهُ مِنْهُمَا الرَّأْفَةَ
وَالرَّحْمَةَ، يُقَالَ لَهُمَا: مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ
مِنْهُمَا مِطْرَقَةٌ مِنْ حَدِيدٍ لوِ اجْتمَعَ رَبِيعٌ وَمُضَرُ لَمْ
يُقْلُوهَا، فَيَأْتِيَانِهِ فَيَضْرِبَانِهِ ضَرْبَةً يَتَطَايَرُ لَهَا شَرَرًا
فِي قَبْرِهِ ثُمَّ يَعُودُ كَمَا كَانَ يَقُولُانِ لَهُ: عَدُوَّ اللَّهِ مَا
كُنْتَ تَعْبُدُ؟ وَمَا دِينُكَ؟ وَمَنْ نَبِيُّكَ؟ فَيَقُولُ: لَا أَدْرِي،
فَيَقُولُانِ: عَدُوَّ اللَّهِ لَا دَرِيتَ وَلَا بَلِيتَ، وَيَضْرِبَانِهِ
ضَرْبَةً يتَطَايَرُ لَهُ شَرَرًا فِي قَبْرِهِ ثُمَّ يَعُودُ كمَا كَانَ ثُمَّ
يَقُولُانِ لَهُ: عَدُوَّ اللَّهِ انْظُرْ فَوْقَكَ، فَإِذَا بَابٌ مَفْتُوحٌ
إِلَى الْجَنَّةِ، فَيَقُولُانِ لَهُ: عَدُوَّ اللَّهِ لَوْ كُنْتَ أَطَعْتَ
اللَّهَ لَكَانَ هَذَا مَنْزِلَكَ، قَالَ: فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ
إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى قَلْبِهِ حَسْرَةٌ لَا تُرَدُّ أَبَدًا، فَيَقُولُانِ
لَهُ: عَدُوَّ اللَّهِ انْظُرْ إِلَى تَحْتِكَ، فَيَنْظُرُ تَحْتَهُ , فَإِذَا
بَابٌ مَفْتُوحٌ إِلَى النَّارِ , فَيَقُولُانِ لَهُ: عَدُوَّ اللَّهِ هَذَا
مَنْزِلُكَ، فَوَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، إِنَّهُ لَيَصِلُ إِلَى
قَلْبِهِ عِنْدَ ذَلِكَ حَسْرَةٌ لَا تُرِدُّ أَبَدًا، قَالَ يَزِيدُ
الرِّقَاشِيُّ: قَالَتْ عَائِشَةُ: وَيُفْتَحُ لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ بَابًا
إِلَى
النَّارِ , فَيَأْتِيهِ مِنْ
حَرِّهَا , وَسَمُومِهَا , حَتَّى يَبْعَثَهُ اللَّهُ إِلَيْهَا "
عن البراء بن عازب قال خرجنا في
جنازة رجل من الأنصار مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهينا إلى القبر ولما يلحد
بعد فجلس النبي صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة وجلسنا معه كأن على رؤوسنا الطير
فنكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء ثم رفع رأسه فقال اللهم إني أعوذ بك من
عذاب القبر قالها ثلاث مرات ثم أنشأ يحدثنا فقال ثم يقيض له أعمى أبكم معه مرزبة
من حديد لو ضرب بها جبلا لصار نارا فيضربه ضربة يسمعها ما بين المشرق والمغرب إلا
الثقلين فيصير ترابا ثم تعاد فيه الروح قال قلنا للبراء أملك هو أم شيطان قال فغضب
غضبا شديدا ثم قال نحن كنا أشد هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من أن نسأله
أملك هو أم شيطان قال ثم يناد مناد من السماء أن افرشوا له لوحين من نار وافتحوا
له بابا من النار قال فيفرش له لوحان من النار ويفتح له باب إلى النار فيقول رب لا
تقم الساعة لا تقم الساعة
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
قال الشيخ تاج الدين الفاكهاني: فإن قلت:
قوله "إلا رد الله علي روحي" لا يلتئم مع كونه حياً دائماً، بل يلزم منه
أن تتعدد حياته ومماته،
وقال العلامة السخاوي في كتاب
البديع: رد روحه يلزمه تعدد حياته ووفاته في أقل من ساعة
خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
خطبة قبل وفاته، وهي آخر خطبة خطبها بالمدينة حتى لحق بالله، فوعظنا فيها موعظة
ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، وتقشعرت منها الجلود، وتقلقلت منها الأحشاء،
أمر بلالا فنادى الصلاة جامعة قبل أن يتكلم، فاجتمع الناس إليه، فارتقى المنبر
فقال: باأيها الناس، ادنوا وأوسعوا لمن خلفكم - ثلاث مرات - فدنا الناس، وانضم
بعضهم إلى بعض، والتفتوا فلم يروا أحدا، ثم قال: ادنوا وأوسعوا لمن خلفكم فدنا
الناس وانضم بعضهم لبعض، والتفتوا فلم يروا أحدا، ثم قال: ادنوا وأوسعوا لمن
خلفكم، فدنوا وانضم بعضهم إلى بعض، والتفتوا فلم يروا أحدا، فقام رجل، فقال: لمن
نوسع للملائكة؟! قال: لا، إنهم إذا كانوا معكم لم يكونوا بين أيديكم، ولا خلفكم،
ولكن عن يمينكم وشمائلكم، فقال: ولم لا يكونون بين أيدينا، ولا خلفنا؟ أهم أفضل
منا؟ قال: بل أنتم أفضل من الملائكة، اجلس فجلس، ثم خطب،ثم يمطر الله عليهم من نهر
يقال له الحيوان وهو تحت العرش فيمطر عليهم شبيها بمني الرجال أربعين يوما وليلة
حتى تنبت اللحوم على أجسامها كما تنبت الطراثيث على وجه الأرض ثم يؤذن له في
النفخة الثانية فينفخ في الصور فتخرج الأرواح فتدخل كل روح في الجسد الذي خرجت
منه، قال حذيفة: قلت: يا رسول الله هل تعرف الروح الجسد؟ قال: نعم يا حذيفة إن
الروح لأعرف بالجسد الذي خرجت منه من أحدكم بمنزله، فيقوم الناس في ظلمة لا يبصر
أحدهم صاحبه فيمكثون مقدار ثلاثين سنة ثم تنجلي عنهم الظلمة
عدي بن حاتم الطائي وقال: وتبرز
الروح - قال البرساني: تريد الخروج سرعة لما ترى مما تحب - قال: ويقول ملك الموت:
اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى سدر مخضود، وطلح منضود، وظل ممدود، وماء مسكوب، قال:
ولملك الموت أشد به لطفا من الوالدة بولدها؛ يعرف أن ذلك الروح [حبيبة] إلى ربه،
فهو يلتمس لطفه تحببا لربه ورضا للرب عنه، فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين،
قال: وقال الله - تعالى - {الذين تتوفاهم الملآئكة طيبين} وقال عز وجل: {فأما إن
كان من المقربين {88} فروح وريحان وجنة نعيم} قال: روح من جهد الموت، وريحان يتلقى
به، وجنة نعيم تقابله، قال: فإذا قبض ملك الموت روحه، قال الروح للجسد: جزاك الله
عني خيرا؛ فقد كنت سريعا بي إلى طاعة الله - تعالى - بطيئا بي عن معصية الله - عز
وجل - فقد نجيت وأنجيت، قال: ويقول الجسد للروح مثل ذلك، قال: وتبكي عليه بقاع
الأرض التي كان يطيع الله - تعالى - فيها، وكل باب من السماء يصعد منه عمله، أو
ينزل منه رزقه أربعين سنة، قال: فإذا قبض ملك الموت روحه أقام الخمسمائة من
الملائكة عند جسده، فلا يقبله بنو آدم لشق إلا قلبته الملائكة قبلهم، [فحلته
بأكفان] قبل أكفان بني آدم، وحنوط قبل حنوط بني آدم، ويقوم من باب بيته إلى باب
قبره صفان من الملائكة يستقبلونه بالاستغفار، قال: فيصيح عند ذلك إبليس صيحة يصعد
منها عظام بعض جسده، ويقول لجنوده: الويل لكم، خلص هذا العبد منكم، قال فيقولون:
هذا العبد كان معصوما، قال: فإذا صعد الملك بروحه إلى السماء استقبله جبريل - عليه
السلام - في سبعين [ألفا] من الملائكة، كل يأتيه ببشارة من ربه سوى بشارة صاحبه،
قال: فإذا انتهى ملك الموت بروحه إلى العرش خر الروح ساجدا، فيقول الله - تبارك
وتعالى - لملك الموت: انطلق بروح عبدي هذا فضعه في سدر مخضود، وطلح منضود، وظل
ممدود، وماء مسكوب،
وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أبِي مُوسى الأشْعَرِيِّ
قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ««مَنِ اسْتَمَعَ إلى صَوْتِ غِناءٍ لَمْ يُؤْذَنْ
لَهُ أنْ يَسْمَعَ الرُّوحانِيِّينَ في الجَنَّةِ» . قِيلَ: ومَنِ
الرُّوحانِيُّونَ يا رَسُولَ اللَّهِ؟ قالَ: «قُرّاءُ أهْلِ الجَنَّةِ»»
النبي صلى الله عليه وسلم قال: ويقول
الله تعالى لملك الموت: انطلق إلى عدوي فأتني به فإني قد بسطت له رزقي ويسرت له
نعمي فأبى إلا معصيتي فأتني به لأنتقم منه، قال: فينطلق إليه ملك الموت في أكره
صورة رآها أحد من الناس قط، له اثنتا عشرة عينا ومعه سفود من النار كثير الشوك،
ومعه خمسمائة من الملائكة معهم نحاس وجمر من جمر جهنم ومعهم سياط من نار، لينها
لين السياط وهي نار تأجج قال: فيضربه ملك الموت بذلك السفود ضربة يغيب كل أصل شوكة
من ذلك السفود في أصل كل شعرة وعرق وظفر قال: ثم يلويه ليا شديدا، قال: فينزع روحه
من أظفار قدميه قال: فيلقيها في عقبيه، ثم يسكر عند ذلك عدو الله سكرة فيرفه ملك
الموت عنه، قال: وتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط قال: فيشده عليه ملك الموت
شدة فينزع روحه من عقبيه فيلقيها في ركبتيه ثم يسكر عدو الله عند ذلك سكرة فيرفه
ملك الموت عنه، قال: فتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط قال: ثم ينتره ملك
الموت نترة فينزع روحه من ركبتيه فيلقيها في حقويه قال: فيسكر عدو الله عند ذلك
سكرة فيرفه ملك الموت عنه، قال: وتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط، قال: كذلك
إلى صدره ثم كذلك إلى حلقه قال: ثم تبسط الملائكة ذلك النحاس وجمر جهنم تحت ذقنه،
قال: ويقول ملك الموت: اخرجي أيتها الروح اللعينة الملعونة إلى سموم وحميم وظل من
يحموم لا بارد ولا كريم، قال: فإذا قبض ملك الموت روحه قال الروح للجسد: جزاك الله
عني شرا فقد كنت سريعا بي إلى معصية الله بطيئا بي عن طاعة الله فقد هلكت وأهلكت،
قال: ويقول الجسد للروح مثل ذلك، وتلعنه بقاع الأرض التي كان يعصي الله عليها
وتنطلق جنود إبليس إليه فيبشرونه بأنهم قد أوردوا عبدا من ولد آدم النار،
قال حذيفة الروح بيد ملك وأن الجسد
ليغسل وأن الملك ليمشي معه إلى القبر فإذا سوى عليه سلك فيه
يقول الله - تبارك وتعالى - لملك
الموت: انظر إلى وليي فأتني به فإني قد ضربته بالسراء والضراء فوجدته حيث أحب
ائتني به فلأريحه قال: فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمئة من الملائكة معهم أكفان
وحنوط من الجنة ومعهم صبائر الريحان أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لونا لكل
لون منها ريح سوى ريح صاحبه، ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك الأذفر قال: فجلس ملك
الموت عند رأسه وتحفه الملائكة ويضع كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه، ويبسط ذلك
الحرير الأبيض والمسك الأذفر من تحت ذقنه، ويفتح له باب إلى الجنة، فإن نفسه لتعلل
عند ذلك بطرف الجنة مرة بأزواجها ومرة بكسوتها ومرة بثمارها كما يعلل الصبي أهله
إذا بكى قال: وإن أزواجه لتبتهشن عند ذلك ابتهاشا قال: وتبرز الروح
قال البرساني: تريد أن تخرج من
العجلة إلى ما تحب - قال: ويقول ملك الموت: اخرجي أيتها الروح الطيبة إلى سدر
مخضود، وطلح منضود , وظل ممدود , وماء مسكوب، قال ولملك الموت أشد به لطفا من
الوالدة بولدها يعرف أن ذلك الروح حبيبة لربه فهو يلتمس بلطفه تحببا لربه رضا للرب
عنه، فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين قال: وقال الله - تبارك وتعالى -: {الذين
تتوفاهم الملائكة طيبين} وقال تعالى: {فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة
نعيم} قال: روح: من جهد الموت قال: وريحان: يتلقى به قال: وجنة نعيم مقابلة قال:
فإذا قبض ملك الموت روحه قال الروح للجسد: جزاك الله عني خيرا فقد كنت سريعا بي
إلى طاعة الله بطيئا بي عن معصية الله فقد نجيت وأنجيب قال: ويقول الجسد للروح مثل
ذلك قال: وتبكي عليه بقاع الأرض التي كان يطيع الله فيها، وكل باب من السماء يصعد
منه عمله أو ينزل منه رزقه أربعين سنة قال: فإذا قبض ملك الموت روحه أقام الخمسمئة
من الملائكة عند جسده فلا يقلبه بنو آدم لشق إلا قلبته الملائكة قبلهم وعلته
بأكفان قبل أكفان بني آدم وحنطوه قبل حنوط بني آدم، ويقوم من بين باب بيته إلى باب
قبره صفان من الملائكة يستقبلونه بالاستغفار قال: فيصيح عند ذلك إبليس صيحة يتصدع
منها بعض عظام جسده ويقول لجنوده: الويل لكم كيف خلص هذا العبد منكم؟! قال:
فيقولون: إن هذا كان عبدا معصوما
عن بن عمر أنه مر بقوم قد نصبوا دجاجة يرمونها فاختلعها
وقال من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا لم يمت من الدنيا حتى تصيبه قارعة
عبد الرحمن بن مقرن قال قال لي خزيل
الطبيب وسقاني شربة من دواء إياك ومجالسة
الثقيل فإنا نجد في كتاب الطب أن مجالسة الثقيل حمى الروح
عن طعمة بن غيلان الجعفي اللهم إنك
تأخذ الروح من بين العصب والقصب والأنامل اللهم أعني على الموت وهونه علي.
قال أبو هريرة تأكل الأرض ابن آدم
كله إلا عظم الذنب ومنه يركب أو قال يوصل قال وقال تمطر الأرض مطرا ينبت أجساد
الناس حتى يصير جسدا بغير روح ثم ينفخ فيه الروح