وجعلنا من الماء كل شئ حي
مَدُ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، والحاكِمُ وصَحَّحَهُ، وابْنُ مَرْدُوَيْهِ، والبَيْهَقِيُّ في ”الأسْماءِ والصِّفاتِ“ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ قالَ: «قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، إنِّي إذا رَأيْتُكَ طابَتْ نَفْسِي، وقَرَّتْ عَيْنِي، فَأنْبِئْنِي عَنْ كُلِّ شَيْءٍ. قالَ: كُلُّ شَيْءٍ خُلِقَ مِنَ الماءِ» .
وفي رواية
خلق الله الماء وجعلها نصفين نصف وضعه تحت العرش ونصف وضعه في سماء الدنيا
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ في قَوْلِهِ: ﴿والبَحْرِ المَسْجُورِ﴾ قالَ: بَحْرٌ في السَّماءِ تَحْتَ العَرْشِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿والبَحْرِ المَسْجُورِ﴾ قالَ: المَحْبُوسِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿والبَحْرِ المَسْجُورِ﴾ قالَ: المُرْسَلِ.
واختاره الطبري. وقيل: المراد بـ {المسجور}بحر سماء الدنيا الممنوع المكفوف عن الأرض؛ لئلا يغمرها، فيغرق أهلها، قاله ابن عباس، وعليه يدل الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: (ليس من ليلة إلا والبحر يُشرف فيها ثلاث مرات، يستأذن الله أن ينفضخ عليهم، فيكفه الله عز وجل)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا هَذِهِ السَّمَاءُ، قَالَ: "مَوْجٌ مَكْفُوفٌ عَنْكُمْ"(١٢) إِسْنَادٌ غَرِيبٌ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ في ”العَظَمَةِ“ والبَيْهَقِيُّ في ”البَعْثِ والنُّشُورِ“ عَنْ عَلِيِّ ابْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: ما رَأيْتُ يَهُودِيًّا أصْدَقَ مِن فُلانٍ، زَعَمَ أنَّ نارَ اللَّهِ الكُبْرى هي البَحْرُ، فَإذا كانَ يَوْمُ القِيامَةِ جَمَعَ اللَّهُ فِيهِ الشَّمْسَ والقَمَرَ والنُّجُومَ، ثُمَّ بَعَثَ عَلَيْهِ الدَّبُورَ فَسَعَّرَتْهُ.
قال ابن كثير روي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما
فقال بعضهم: المراد أنه يوقد يوم القيامة ناراً، كقوله تعالى: {وإذا البحار سجرت} (التكوير:6) أي: أوقدت وأضرمت، فتصير ناراً تتأجج محيطة بأهل الموقف،
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس في قوله: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ قال: سجره حين يذهب ماؤه ويفجر
وَقَالَ الْعَلَاءُ بْنُ بَدْرٍ: إِنَّمَا سُمِّيَ الْبَحْرَ الْمَسْجُورَ لِأَنَّهُ لَا يُشرب مِنْهُ مَاءٌ، وَلَا يُسْقَى بِهِ زَرْعٌ، وَكَذَلِكَ الْبِحَارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. كَذَا رَوَاهُ عَنْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ قَالَ: الْفَارِغُ؛ خَرَجَتْ أُمَّةٌ تَسْتَسْقِي فَرَجَعَتْ فَقَالَتْ: "إِنَّ الْحَوْضَ مَسْجُورٌ"، تَعْنِي: فَارِغًا. رَوَاهُ ابْنُ مردويه في مسانيد الشعراء.
حديث ابن عباس ان الله يرسل العذاب قبل يوم القيامة الى قوم من بحر مسجور من السماء الدنيا فتهلكهم
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في الأهْوالِ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قالَ
وإذا البِحارُ سُجِّرَتْ﴾ قالَ: الجِنُّ لِلْإنْسِ نَحْنُ نَأْتِيكم بِالخَبَرِ فانْطَلَقُوا إلى البَحْرِ فَإذا هي نارٌ تَأجَّجُ فَبَيْنَما هم كَذَلِكَ إذْ تَصَدَّعَتِ الأرْضُ صَدْعَةً واحِدَةً إلى الأرْضِ السّابِعَةِ وإلى السَّماءِ السّابِعَةِ فَبَيْنَما هم كَذَلِكَ إذْ جاءَتْهم رِيحٌ فَأماتَتْهم.
وروى الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي أنه قال في البحر المسجور : هو بحر تحت العرش ، غمره كما بين سبع سموات إلى سبع أرضين ، فيه ماء غليظ يقال له : بحر الحيوان .
يمطر العباد بعد النفخة الأولى منه أربعين صباحا فينبتون في قبورهم بحيث إن الأبدان التي تحولت إلى رميم ، وانسحقت ، وصارت تراباً تحيا الأجساد الميتة وتدب فيها الحياة من جديد .
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَشْعَثَ [بْنِ سَوَّارٍ](٢٨) ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: يَسِيلُ وَادٍ مَنْ أَصْلِ الْعَرْشِ مِنْ مَاءٍ فِيمَا بَيْنَ الصَّيْحَتَيْنِ، وَمِقْدَارُ مَا بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ عَامًا، فَيَنْبُتُ مِنْهُ كُلُّ خَلْقٍ بَلِيَ، مِنَ الْإِنْسَانِ أَوْ طَيْرٍ أَوْ دَابَّةٍ، وَلَوْ مَرَّ عَلَيْهِمْ مَارٌّ قَدْ عَرَفَهُمْ قَبْلَ ذَلِكَ لَعَرَفَهُمْ عَلَى الْأَرْضِ. قَدْ نَبَتُوا، ثُمَّ تُرسَل الْأَرْوَاحُ فَتَزَوَّجُ الْأَجْسَادُ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى(٢٩) : ﴿وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ﴾
وقيل
هو المملوء بالماء، والمكفوف عن اليابسة،
وقيل
أن (البحر المسجور) هو الذي قد أوقد عليه حتى حميَ قاعه، فأصبح مسجوراً،
والبحر المسجور ) قال محمد بن كعب القرظي والضحاك : يعني الموقد المحمى بمنزلة التنور المسجور ، وهو قول ابن عباس ، وذلك ما روي أن الله تعالى يجعل البحار كلها يوم القيامة نارا فيزاد بها في نار جهنم ، كما قال الله تعالى : " وإذا البحار سجرت " ، ( التكوير - 6 ) وجاء في الحديث عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يركبن رجل بحرا إلا غازيا أو معتمرا أو حاجا ، فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا "
وقيل: إن المراد بالمسجور، الموقد الذي يوقد [نارا] يوم القيامة، فيصير نارا تلظى، ممتلئا على عظمته وسعته من أصناف العذاب.
قال ابن عباس: تملأ البحار كلها يوم القيامة بالنار، فيزاد بها في نار جهنم.
وبهذا نرى أن الله- تعالى- قد أقسم بخمسة أشياء من مخلوقاته، للدلالة على وحدانيته، وعلى شمول قدرته، وعلى بديع صنعته.
والبحر المسجور قال مجاهد : الموقد ; وقد جاء في الخبر : ( إن البحر يسجر يوم القيامة فيكون نارا ) .
وقال سعيد بن المسيب : قال علي رضي الله عنه لرجل من اليهود : أين جهنم ؟ قال : البحر .
قال : ما أراك إلا صادقا ، وتلا : والبحر المسجور .
" وإذا البحار سجرت " مخففة .
وقال عبد الله بن عمرو : لا يتوضأ بماء البحر لأنه طبق جهنم .
وقال كعب : يسجر البحر غدا فيزاد في نار جهنم ;
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ الْجُنَيْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ سُلَيْمَانَ أَبُو سُلَيْمَانَ النَّفَّاطُ-شيخٌ صَالِح يُشبهُ مالكَ بْنَ أَنَسٍ-عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ سَعِيدٍ قَالَ: إِنَّ هَذَا الْبَحْرَ بَرَكَةٌ-يَعْنِي بَحْرَ الرُّوم-وَسَطَ الْأَرْضِ، وَالْأَنْهَارُ كُلُّهَا تَصُبُّ فِيهِ، وَالْبَحْرُ الْكَبِيرُ يَصُبُّ فِيهِ، وَأَسْفَلُهُ آبَارٌ مُطَبَّقَةٌ بِالنُّحَاسِ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أسجر.
وَمُجَاهِدٍ: أَيْ فُجِّرَتْ فَصَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا. الْقُشَيْرِيُّ: وَذَلِكَ بِأَنْ يَرْفَعَ اللَّهُ الْحَاجِزَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: بَيْنَهُما بَرْزَخٌ لا يَبْغِيانِ [الرحمن: ٢٠]، فَإِذَا رُفِعَ ذَلِكَ الْبَرْزَخُ تَفَجَّرَتْ مِيَاهُ الْبِحَارِ، فَعَمَّتِ الْأَرْضَ كُلَّهَا، وَصَارَتِ الْبِحَارُ بَحْرًا وَاحِدًا. وَقِيلَ: صَارَتْ بَحْرًا وَاحِدًا مِنَ الْحَمِيمِ لِأَهْلِ النَّارِ
وأخْرَجَ الفِرْيابِيُّ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ما أرْسَلَ اللَّهُ شَيْئًا مِن رِيحٍ إلّا بِمِكْيالٍ، ولا قَطْرَةً مِن مَطَرٍ إلّا بِمِكْيالٍ، إلّا يَوْمَ نُوحٍ ويَوْمَ عادٍ، فَأمّا يَوْمَ نُوحٍ فَإنَّ الماءَ طَغى عَلى خُزّانِهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهم عَلَيْهِ سَبِيلٌ، ثُمَّ قَرَأ: ﴿إنّا لَمّا طَغى الماءُ﴾، وأما يَوْمَ عادٍ فَإنَّ الرِّيحَ عَتَتْ عَلى خُزّانِها، فَلَمْ يَكُنْ لَهم عَلَيْها سَبِيلٌ، ثُمَّ قَرَأ: ﴿بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ﴾ .
وأخْرَجَ ابْنُ عَساكِرَ، مِن طَرِيقِ ابْنِ شِهابٍ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ ذُؤَيْبٍ قالَ: ما يَخْرُجُ مِنَ الرِّيحِ شَيْءٌ إلّا عَلَيْها خُزّانٌ يَعْلَمُونَ قَدْرَها، وعَدَدَها، ووَزْنَها، وكَيْلَها، حَتّى كانَتِ الرِّيحُ الَّتِي أُرْسِلَتْ عَلى عادٍ، فانْدَفَقَ مِنها شَيْءٌ لا يَعْلَمُونَ وزْنَهُ، ولا قَدْرَهُ، ولا كَيْلَهُ؛ غَضَبًا لِلَّهِ، ولِذَلِكَ سُمِّيَتْ عاتِيَةً، والماءُ كَذَلِكَ حِينَ كانَ أمْرُ نُوحٍ؛ فَلِذَلِكَ سُمِّيَ طاغِيَةً.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ في قَوْلِهِ: ﴿سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وثَمانِيَةَ أيّامٍ حُسُومًا﴾ قالَ: كانُوا سَبْعَ لَيالٍ وثَمانِيَةَ أيّامٍ أحْياءً في عَذابٍ مِنَ الرِّيحِ، فَلَمّا أمْسَوُا اليَوْمَ الثّامِنَ ماتُوا، فاحْتَمَلَتْهُمُ الرِّيحُ، فَألْقَتْهم في البَحْرِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿فَهَلْ تَرى لَهم مِن باقِيَةٍ﴾، وقَوْلُهُ: ﴿فَأصْبَحُوا لا يُرى إلا مَساكِنُهُمْ﴾ [الأحقاف: ٢٥] [الأحْقافِ: ٢٥] .
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا لَمّا طَغى الماءُ﴾ قالَ: طَغى عَلى خُزّانِهِ فَنَزَلَ، ولَمْ يَنْزِلْ مِنَ السَّماءِ ماءٌ إلّا بِمِكْيالٍ أوْ مِيزانٍ إلّا زَمَنَ نُوحٍ؛ فَإنَّهُ طَغى عَلى خُزّانِهِ، فَنَزَلَ مِن غَيْرِ كَيْلٍ ولا وزْنٍ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: لَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ قَطْرَةً قَطُّ إلّا بِعِلْمِ الخُزّانِ، إلّا حَيْثُ طَغى الماءُ، فَإنَّهُ غَضِبَ لِغَضَبِ اللَّهِ فَطَغى عَلى الخُزّانِ، فَخَرَجَ ما لا يَعْلَمُونَ ما هو.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿طَغى الماءُ﴾ قالَ: بَلَغَنِي أنَّهُ طَغى فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِراعًا.
وقالَ اللَّهُ: ( ﴿يا أرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ﴾ [هود: ٤٤] ) بِلُغَةِ الحَبَشَةِ ( ﴿ويا سَماءُ أقْلِعِي﴾ [هود: ٤٤] ) أيْ أمْسِكِي بِلُغَةِ الحَبَشَةِ فابْتَلَعَتِ الأرْضُ ماءَها وارَتَفَعَ ماءُ السَّماءِ حَتّى بَلَغَ عَنانَ السَّماءِ رَجاءَ أنْ يَعُودَ إلى مَكانِهِ فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: أنِ ارْجِعْ فَإنَّكَ رِجْسٌ وغَضَبٌ، فَرَجَعَ الماءُ فَمَلُحَ وخَمَّ وتَرَدَّدَ فَأصابَ النّاسَ مِنهُ الأذى فَأرْسَلَ اللَّهُ الرِّيحَ فَجَمَعَهُ في مَواضِعِ البِحارِ فَصارَ زُعاقًا مالِحًا لا يُنْتَفَعُ بِهِ وتَطَلَّعَ نُوحٌ فَنَظَرَ فَإذا الشَّمْسُ قَدْ طَلَعَتْ وبَدا لَهُ اليَدُ مِنَ السَّماءِ وكانَتْ ذَلِكَ آيَةَ ما بَيْنَهُ وبَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وجَلَّ أمانٌ مِنَ الغَرَقِ واليَدُ القَوْسُ الَّذِي يُسَمُّونَهُ قَوْسَ قُزَحَ ونُهِيَ أنْ يُقالَ لَهُ قَوْسُ قُزَحَ لِأنَّ قُزَحَ شَيْطانٌ وهو قَوْسُ اللَّهِ وزَعَمُوا أنَّهُ كانَ عَلَيْهِ وتَرٌ وتَرٌ وسَهْمٌ قَبْلَ ذَلِكَ في السَّماءِ فَلَمّا جَعَلَهُ اللَّهُ تَعالى أمانًا لِأهْلِ الأرْضِ مِنَ الغَرَقِ نَزَعَ اللَّهُ الوَتَرَ والسَّهْمَ، فَقالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلامُ عِنْدَ ذَلِكَ: رَبِّ إنَّكَ وعَدْتَنِي أنْ تُنْجِيَ مَعِيَ أهْلِي وغَرَّقْتَ ابْنِي و( ﴿إنَّ ابْنِي مِن أهْلِي وإنَّ وعْدَكَ الحَقُّ وأنْتَ أحْكَمُ الحاكِمِينَ﴾ [هود: ٤٥] ) قالَ: ( ﴿يا نُوحُ إنَّهُ لَيْسَ مِن أهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ﴾ [هود: ٤٦] ) .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وأبُو الشَّيْخِ، وابْنُ عَساكِرَ مِن طَرِيقِ مُجاهِدٍ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قالَ: لَمّا أصابَ قَوْمَ نُوحٍ الغَرَقُ قامَ الماءُ عَلى
رَأْسِ كُلِّ جَبَلٍ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِراعًا فَأصابَ الغَرَقُ امْرَأةً في مَن أصابَ مَعَها صَبِيٌّ لَها فَوَضَعَتْهُ عَلى صَدْرِها فَلَمّا بَلَغَها الماءُ وضَعَتْهُ عَلى مَنكِبِها فَلَمّا بَلَغَها الماءُ وضَعَتْهُ عَلى يَدَيْها، فَقالَ اللَّهُ: لَوْ رَحِمْتُ أحَدًا مِن أهْلِ الأرْضِ لِرَحْمْتُها ولَكِنْ حَقَّ القَوْلُ مِنِّي.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ عَطاءٍ قالَ: بَلَغَنِي أنَّ نُوحًا قالَ لِجارِيَتِهِ: إذا فارَ تَنُّورُكِ ماءً فَأخْبِرِينِي فَلَمّا فَرَغَتْ مِن آخِرِ خُبْزِها فارَ التَّنُّورُ فَذَهَبَتْ إلى سَيِّدِها فَأخْبَرَتْهُ فَرَكِبَ هو ومَن مَعَهُ بِأعْلى السَّفِينَةِ وفَتَحَ اللَّهُ السَّماءَ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وفَجَّرَ الأرْضَ عُيُونًا.
وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قالَ: فارَ الماءُ مِنَ التَّنُّورِ مِن دارِ نُوحٍ مِن تَنُّورٍ تَخْتَبِزُ فِيهِ ابْنَتُهُ وكانَ نُوحٌ يَتَوَقَّعُ ذَلِكَ إذْ جاءَتْهُ ابْنَتُهُ فَقالَتْ: يا أبَتِ قَدْ فارَ الماءُ مِنَ التَّنُّورِ، فَآمَنَ بِنُوحٍ النَّجّارُونَ كُلُّهم إلّا نَجّارًا واحِدًا فَقالَ لَهُ: أعْطِنِي أجْرِي قالَ: أعْطَيْتُكَ أجْرَكَ عَلى أنْ تَرْكَبَ مَعَنا، قالَ: فَإنَّ ودًّا وسُواعًا ويَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْرًا سَيُنْجُونِي، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ أنِ ( ﴿احْمِلْ فِيها مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وأهْلَكَ إلا مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القَوْلُ﴾
وأخْرَجَ إسْحاقُ بْنُ بِشْرٍ، وابْنُ عَساكِرَ مِن طَرِيقِهِ أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ العُمَرِيُّ عَنْ نافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قالَ: لَمّا نَبَعَ الماءُ حَوْلَ سَفِينَةِ نُوحٍ خَرَجَ رَجُلٌ مِن تِلْكَ الأُمَّةِ إلى فِرْعَوْنَ مِن فَراعِنَتِهِمْ فَقالَ: إنَّ هَذا الَّذِي تَزْعُمُونَ أنَّهُ مَجْنُونٌ قَدْ أتاكم بِما كانَ يَعِدُكم فَجاءَ يَسِيرُ في مَوْكِبٍ لَهُ وجَماعَةٍ مِن أصْحابِهِ حَتّى وقَفَ مِن نُوحٍ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ لِنُوحٍ: ما تَقُولُ قالَ: قَدْ أتاكم ما كُنْتُمْ تُوعَدُونَ، قالَ: ما عَلامَةُ ذَلِكَ قالَ: اعْطِفْ بِرَأْسِ بِرْذَوْنِكَ، فَعَطَفَ بِرْذَوْنَهُ فَنَبَعَ الماءُ مِن
تَحْتَ قَوائِمِهِ فَخَرَجَ يَرْكُضُ إلى الجَبَلِ هارِبًا مِنَ الماءِ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْج، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ﴿فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ﴾ كَثِيرٍ، لَمْ تُمْطِرِ السَّمَاءُ قَبْلَ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَا بَعْدَهُ، وَلَا مِنَ السَّحَابِ؛ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ سَحَابٍ ذَلِكَ الْيَوْمَ، فَالْتَقَى الْمَاءَانِ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَنَّ ابْنَ الكُوَّاء سَأَلَ عَلِيًّا عَنِ الْمَجَرَّةِ فَقَالَ: هِيَ شَرَجُ السَّمَاءِ، وَمِنْهَا فتحت السَّمَاءُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ
فَالْتَقَى الْماءُ) أَيْ مَاءُ السَّمَاءِ وَمَاءُ الْأَرْضِ (عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) أَيْ عَلَى مِقْدَارٍ لَمْ يَزِدْ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ، حَكَاهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ أَيْ كَانَ مَاءُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ سَوَاءً. وَقِيلَ: (قُدِرَ) بِمَعْنَى قُضِيَ عَلَيْهِمْ. قَالَ قَتَادَةُ: قَدَّرَ لَهُمْ إِذَا كَفَرُوا أَنْ يَغْرَقُوا. وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: كَانَتِ الْأَقْوَاتُ قَبْلَ الْأَجْسَادِ، وَكَانَ الْقَدَرُ قَبْلَ الْبَلَاءِ، وَتَلَا هَذِهِ الآية. وقال: (فَالْتَقَى الْماءُ) وَالِالْتِقَاءُ إِنَّمَا يَكُونُ فِي اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا، لِأَنَّ الْمَاءَ يَكُونُ جَمْعًا وَوَاحِدًا. وَقِيلَ: لِأَنَّهُمَا لَمَّا اجْتَمَعَا صَارَا مَاءً وَاحِدًا. وَقَرَأَ الْجَحْدَرِيُّ: (فَالْتَقَى الْمَاءَانِ). وَقَرَأَ الْحَسَنُ: (فَالْتَقَى الْمَاوَانِ) وَهُمَا خِلَافُ الْمَرْسُومِ. الْقُشَيْرِيُّ: وَفِي بَعْضِ الْمَصَاحِفِ (فَالْتَقَى الْمَاوَانِ) وَهِيَ لُغَةُ طَيِّئٍ. وَقِيلَ: كَانَ مَاءُ السَّمَاءِ بَارِدًا مِثْلَ الثَّلْجِ وَمَاءُ الْأَرْضِ حَارًّا مِثْلَ الْحَمِيمِ.
فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ﴾ مُنْصَبٍّ انْصِبَابًا شَدِيدًا، لَمْ يَنْقَطِعْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَقَالَ يَمَانُ: قَدْ طَبَّقَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.
ومِنَ العَجِيبِ أنَّهم كانُوا يَطْلُبُونَ المَطَرَ سِنِينَ فَأهْلَكَهُمُ اللَّهُ تَعالى بِمَطْلُوبِهِمْ، وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ وأبُو جَعْفَرٍ والأعْرَجُ ويَعْقُوبُ «فَفَتَّحْنا» بِالتَّشْدِيدِ لِكَثْرَةِ الأبْوابِ
وَحُكِيَ أَنَّهُ لَمَّا كَثُرَ الْمَاءُ فِي السِّكَكِ خَشِيَتْ أُمُّ صَبِيٍّ عَلَيْهِ، وَكَانَتْ تُحِبُّهُ حُبًّا شَدِيدًا، فَخَرَجَتْ بِهِ إِلَى الْجَبَلِ، حَتَّى بَلَغَتْ ثُلُثَهُ، فَلَمَّا بَلَغَهَا الْمَاءُ خَرَجَتْ حَتَّى بَلَغَتْ ثُلُثَيْهِ، فَلَمَّا بَلَغَهَا الْمَاءُ اسْتَوَتْ عَلَى الْجَبَلِ، فَلَمَّا بَلَغَ الْمَاءُ رَقَبَتَهَا رَفَعَتْ يَدَيْهَا بِابْنِهَا حَتَّى ذَهَبَ بِهَا الْمَاءُ، فَلَوْ رَحِمَ اللَّهُ مِنْهُمْ أَحَدًا لَرَحِمَ أُمَّ الصَّبِيِّ.
عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ مَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَقَامَ عَلَى الْمَاءِ نَحْوَ السَّنَةِ
فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً) قال عبيد ابن عُمَيْرٍ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى الْأَرْضِ أَنْ تُخْرِجَ مَاءَهَا فَتَفَجَّرَتْ بِالْعُيُونِ، وَإِنَّ عَيْنًا تَأَخَّرَتْ فَغَضِبَ عَلَيْهَا فَجَعَلَ مَاءَهَا مُرًّا أُجَاجًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وقِيلَ: فِيها إشارَةٌ إلى أنَّ ماءَ الأرْضِ فارَ بِقُوَّةٍ وارْتَفَعَ حَتّى لاقى ماءَ السَّماءِ
وقيل والصَّحِيحُ المَشْهُورُ: ﴿فالتَقى الماءُ﴾ ولَهُ مَعْنًى لَطِيفٌ، وذَلِكَ أنَّهُ تَعالى لَمّا قالَ: ﴿فَفَتَحْنا أبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ﴾ ذَكَرَ الماءَ وذَكَرَ الِانْهِمارَ وهو النُّزُولُ بِقُوَّةٍ، فَلَمّا قالَ: ﴿وفَجَّرْنا الأرْضَ عُيُونًا﴾ كانَ مِنَ الحُسْنِ البَدِيعِ أنْ يَقُولَ: ما يُفِيدُ أنَّ الماءَ نَبَعَ مِنها بِقُوَّةٍ، فَقالَ: ﴿فالتَقى الماءُ﴾ أيْ: فارَ الماءُ مِنَ العَيْنِ بِقُوَّةٍ حَتّى ارْتَفَعَ والتَقى بِماءِ السَّماءِ، ولَوْ جَرى جَرْيًا ضَعِيفًا لَما كانَ هو يَلْتَقِي مَعَ ماءِ السَّماءِ بَلْ كانَ ماءُ السَّماءِ يَرِدُ عَلَيْهِ ويَتَّصِلُ بِهِ
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ في ”العَظَمَةِ“ والخَرائِطِيُّ في ”مَكارِمِ الأخْلاقِ“ عَنِ الشَّعْبِيِّ في قَوْلِهِ: ﴿فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ في الأرْضِ﴾ قالَ: كُلُّ ماءٍ في الأرْضِ أصْلُهُ مِنَ السَّماءِ.
أخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿ألَمْ تَرَ أنَّ اللَّهَ أنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسَلَكَهُ يَنابِيعَ في الأرْضِ﴾ قالَ: ما في الأرْضِ ماءٌ إلّا نَزَلَ مِنَ السَّماءِ، ولَكِنْ عُرُوقٌ في الأرْضِ تُغَيِّرُهُ،
قَالَ الشَّعْبِيُّ وَالضَّحَّاكُ: كُلُّ مَاءٍ فِي الْأَرْضِ فَمِنَ السَّمَاءِ نَزَلَ، إِنَّمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الصَّخْرَةِ، ثُمَّ تُقْسَمُ مِنْهَا الْعُيُونُ وَالرَّكَايَا
النَّبِيءِ ﷺ أنَّهُ قالَ: «مَثَلُ ما بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الهُدى والعِلْمِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أصابَ أرْضًا فَكانَتْ مِنها نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الماءَ فَأنْبَتَتِ الكَلَأ والعُشْبَ الكَثِيرَ، وكانَ مِنها أجادِبُ أمْسَكَتِ الماءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِها النّاسَ فَشَرِبُوا مِنها وسَقَوْا ورَعَوْا، وأصابَ مِنها طائِفَةً أُخْرى إنَّما هي قِيعانٌ لا تُمْسِكُ ماءً ولا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَن فَقُهَ في دِينِ اللَّهِ ونَفَعَهُ بِما بَعَثَنِيَ اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وعَلَّمَ، ومَثَلُ مَن لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا ولَمْ يَقْبَلْ هُدى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» .
عَنْ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كَانَ عِنْدَ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، فَذَكَرُوا الْمَاءَ، فَقَالَ خَالِدُ بْنُ يَزِيدَ: مِنْهُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْهُ مَا يَسْقِيهِ الْغَيْمُ مِنَ الْبَحْرِ فَيُعْذِبه الرَّعْدُ وَالْبَرْقُ. فَأَمَّا مَا كَانَ مِنَ الْبَحْرِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ نَبَاتٌ، فَأَمَّا النَّبَاتُ فَمِمَّا كَانَ مِنَ السَّمَاءِ.
وذَكَرَ القُرْطُبِيُّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيءِ ﷺ أنَّهُ قالَ: («ما مِن سَنَةٍ بِأمْطَرَ مِن أُخْرى، ولَكِنْ إذا عَمِلَ قَوْمٌ المَعاصِيَ صَرَفَ اللَّهُ ذَلِكَ إلى غَيْرِهِمْ، فَإذا عَصَوْا جَمِيعًا صَرَفَ اللَّهُ ذَلِكَ إلى الفَيافِيِ والبِحارِ» )
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ مَاءً طَهُوراً﴾قَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ. فَبَيَّنَ أَنَّ الْمَاءَ الْمُنَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ طَاهِرٌ فِي نَفْسِهِ مُطَهِّرٌ لِغَيْرِهِ
وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً" يعنى طاهرا ومطهرا
وَصْفُ شَرَابِ الْجَنَّةِ بِأَنَّهُ طَهُورٌ يُفِيدُ التَّطْهِيرَ عَنْ أَوْضَارِ الذُّنُوبِ وَعَنْ خَسَائِسِ الصِّفَاتِ كَالْغِلِّ وَالْحَسَدِ، فَإِذَا شَرِبُوا هَذَا الشَّرَابَ يُطَهِّرُهُمُ اللَّهُ مِنْ رَحْضِ الذُّنُوبِ وَأَوْضَارِ الِاعْتِقَادَاتِ الذَّمِيمَةِ، فَجَاءُوا اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
نهر الكوثر
وقد سميت سورة من سور القرآن الكريم بإسم ذلك النهر وقد وعد الله عز وجل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بذلك النهر وهو من أشهر الأنهار التي توجد في الجنة لكونه نهي النبي
وأخْرَجَ الطَّيالِسِيُّ، وابْنُ أبِي شَيْبَةَ وأحْمَدُ والبُخارِيُّ ومُسْلِمٌ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسائِيُّ، وابْنُ حِبّانَ، وابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ أنَسٍ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «دَخَلْتُ الجَنَّةَ فَإذا أنا بِنَهْرٍ حافَّتاهُ خِيامُ اللُّؤْلُؤِ فَضَرَبْتُ بِيَدِي إلى ما يَجْرِي فِيهِ الماءُ فَإذا مِسْكٌ أذْفَرُ، قُلْتُ: ما هَذا يا جِبْرِيلُ قالَ: هَذا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطاكَهُ اللَّهُ» .
وأخْرَجَ أحْمَدُ والتِّرْمِذِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ والحاكِمُ، وابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ أنَسٍ:
«أنَّ رَجُلًا قالَ يا رَسُولَ اللَّهِ: ما الكَوْثَرُ قالَ: نَهْرٌ في الجَنَّةِ أعْطانِيهِ رَبِّي لَهو أشَدُّ بَياضًا مِنَ اللَّبَنِ وأحْلى مِنَ العَسَلِ فِيهِ طُيُورُ أعْناقُها كَأعْناقِ الجُزُرِ، قالَ عُمَرُ: يا رَسُولَ اللَّهِ إنَّها لَناعِمَةٌ، قالَ: آكِلُها أنْعَمُ مِنها يا عُمَرُ»
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ أنَسٍ قالَ: «دَخَلْتُ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقالَ: قَدْ أُعْطِيتُ الكَوْثَرَ فَقُلْتُ يا رَسُولَ اللَّهِ: وما الكَوْثَرُ قالَ: نَهْرٌ في الجَنَّةِ عَرْضُهُ وطُولُهُ ما بَيْنَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ لا يَشْرَبُ مِنهُ أحَدٌ فَيَظْمَأُ ولا يَتَوَضَّأُ مِنهُ أحَدٌ فَيَشْعَثُ أبَدًا لا يَشْرَبُ مِنهُ مَن أخْفَرَ ذِمَّتِي ولا مَن قَتَلَ أهْلَ بَيْتِي» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ والبُخارِيُّ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ عائِشَةَ أنَّها سُئِلَتْ عَنْ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ قالَتْ: هو نَهْرٌ أُعْطِيَهُ نَبِيُّكم ﷺ في بُطْنانِ الجَنَّةِ شاطِئاهُ عَلَيْهِ دُرٌّ مُجَوَّفٌ فِيهِ مِنَ الآنِيَةِ والأبارِيقِ عَدَدُ النُّجُومِ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهَ مِن طَرِيقِ ابْنُ أبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ قالَ: الخَيْرُ الكَثِيرُ، قالَ: وقالَ أنَسُ بْنُ مالِكٍ: نَهْرٌ في الجَنَّةِ وقالَتْ عائِشَةُ: هو نَهْرٌ في الجَنَّةِ لَيْسَ أحَدٌ يَدْخُلُ إصْبَعَيْهِ في أُذُنَيْهِ إلّا سَمِعَ خَرِيرَ ذَلِكَ النَّهْرِ.
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ قالَ: نَهْرٌ في الجَنَّةِ عُمْقُهُ سَبْعُونَ ألْفَ فَرْسَخٍ ماؤُهُ أشَدُّ بَياضًا مِنَ اللَّبَنِ وأحْلى مِنَ العَسَلِ شاطِئاهُ الدُّرُّ والياقُوتُ الزَّبَرْجَدُ خَصَّ اللَّهُ بِهِ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا ﷺ دُونَ الأنْبِياءِ.
وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في الأوْسَطِ بِإسْنادٍ حَسَنٍ عَنْ حُذَيْفَةَ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ قالَ: نَهْرٌ في الجَنَّةِ أجْوَفُ فِيهِ آنِيَةٌ مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ لا يَعْلَمُها إلّا اللَّهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ أُسامَةَ بْنِ زَيْدٍ: «أنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أتى حَمْزَةَ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ يَوْمًا فَلَمْ يَجِدْهُ فَسَألَ امْرَأتَهُ عَنْهُ فَقالَتْ: خَرَجَ آنِفًا أوَلا تَدَخُلُ يا رَسُولَ اللَّهِ فَدَخَلَ فَقَدَّمَتْ لَهُ حَيْسًا فَأكَلَ فَقالَتْ: هَنِيئًا لَكَ يا رَسُولَ اللَّهِ ومَرِيئًا لَقَدْ جِئْتَ وأنا أُرِيدَ أنْ آتِيَكَ فَأُهَنِّيَكَ وأُمَرِّيَكَ أخْبَرَنِي أبُو عِمارَةَ أنَّكَ أُعْطِيتَ نَهْرًا في الجَنَّةِ يُدْعى الكَوْثَرَ فَقالَ: أجَلُ وأرْضُهُ ياقُوتٌ ومَرْجانٌ وزَبَرْجَدٌ ولُؤْلُؤٌ» .
وأخْرَجَ ابْنُ مَرْدُويَهَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: «أنَّ رَجُلًا قالَ يا رَسُولَ اللَّهِ: ما الكَوْثَرُ قالَ: هو نَهْرٌ مِن أنْهارِ الجَنَّةِ أعْطانِيهِ اللَّهُ عَرْضُهُ ما بَيْنَ أيْلَةَ وعَدْنَ، قالَ: يا رَسُولَ اللَّهِ ألَهُ طِينٌ أوْ حالٌ، قالَ: نَعَمُ المِسْكُ الأبْيَضُ، قالَ: ألَهُ رَضْراضٌ وحَصى قالَ: نَعَمْ رِضْراضُهُ الجَوْهَرُ وحَصْباؤُهُ اللُّؤْلُؤُ، قالَ: ألَهُ شَجَرٌ قالَ: نَعَمْ حافَّتاهُ قُضْبانُ ذَهَبٍ رَطْبَةٌ شارِعَةٌ عَلَيْهِ، قالَ: لَتِلْكَ القُضْبانُ ثِمارٌ قالَ: نَعَمْ تَنْبُتُ أصْنافَ الياقُوتِ الأحْمَرِ والزَّبَرْجَدِ الأخْضَرِ فِيهِ أكْوابٌ وآنِيَةٌ وأقْداحٌ تَسْعى إلى مَن أرادَ أنْ يَشْرَبَ مِنها مُنْتَشِرَةٌ في وسَطِهِ كَأنَّها الكَوْاكَبُ الدُّرِّيَّةُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الضَّحّاكِ في قَوْلِهِ: ﴿إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ﴾ قالَ: نَهْرٌ في الجَنَّةِ حافَّتاهُ قِبابُ الدُّرِّ فِيهِ أزْواجُ النَّبِيِّ ﷺ .
نهر بارق
وهو النهر الخاص بالشهداء والذي يوجد على باب الجنة وقد ورد حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص ذلك النهر مما يؤكد أن بارق هو ذلك النهر الذي يوجد على باب الجنة.
نهر البيذخ
وهو من الأنهار التي وردت في أحد الأحاديث الخاصة برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو.
جاءتِ امرأةٌ فقالت: يا رسول الله، رأيتُ كأني دخلتُ الجنة، فسمعتُ بها وَجْبَةً ارتجَّت لها الجنةُ، فنظرت فإذا قد جيء بفلانِ بن فلان، وفلان بن فلان، حتى عدَّت اثنَي عشر رجلاً، وقد بعَث رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سريةً قبل ذلك، قالت: فجيء بهم عليهم ثيابٌ طُلْسٌ، تشخَبُ أوداجُهم، قالت: فقيل: اذهَبوا بهم إلى نهر البَيْذَخ – أو قال إلى نهر البَيْدَح – قال: فغُمِسوا فيه، فخرجوا منه وجوههم كالقمر ليلة البدر، قالت: ثم أُتُوا بكراسي من ذهب، فقعدوا عليها، وأُتِي بصحفةٍ – أو كلمة نحوها – فيها بُسْر فأكلوا منها، فما يَقلِبُونها لشقٍّ إلا أكلوا من فاكهةٍ ما أرادوا.
روى "مسلم" في صحيحه (2839) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَيْحَانُ وَجَيْحَانُ ، وَالْفُرَاتُ وَالنِّيلُ: كُلٌّ مِنْ أَنْهَارِ الْجَنَّةِ
قال الحافظ "ابن حجر" في "الفتح" (7/ 214): " وفي حديث أبي سعيد : ( فإذا فيها عين تجري يقال لها السلسبيل ، فينشق منها نهران ، أحدهما : الكوثر ، والآخر يقال له : نهر الرحمة .
عن مقاتل قال: الباطنان ، السلسبيل والكوثر .
في الحديث الشريف الذي رواه "مسلم" في صحيحه (164) ، أن النبي صلى الله عليه وسلم : رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ ، فَقُلْتُ : يَا جِبْرِيلُ ، مَا هَذِهِ الْأَنْهَارُ؟ قَالَ : أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ: فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ، وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ : فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ .
حدث شقاق بين حاكم مصر وسيدنا يوسف
بعد نهاية السنوات السبع العجاف، ولما اجتمعت بنو إسرائيل عند سيدنا يوسف عليه السلام ، حسدهم الهكسوس على ذلك،فقال ملك مصر، يا يوسف رد على ملكى، فاجتمع رأيهم على الفرقة والقسمة،فقسمت إرض مصر، فوقع الجانب الغربى ليوسف عليه السلام،وكان قفراً ورمالاً وتلالاً،فأراد يوسف أن يجرى له نهرا من النيل،فجمع له مائة ألف عبد، ودفع لهم الكثير، وأمرهم بأن يحفروا من الجهة القبلية، فحفروا ثلاث سنين، فكان كلما جاء الليل ينسد ما حفروه، ففعل من الجهة الشرقية واستمر الحال.
*فأوحى الله إليه ، " يا يوسف قد استعنت برجالك ومالك، ولم تستعن بى،وعزتى وجلالى لو استعنت بى لحفرته لك فى أقل من طرفة عين"فخر يوسف ساجداً لله تعالى وهو يقول، سبحانك ما أعظم شأنك وأعز سلطانك،ثم قام من سجوده، ونزع أثوابه واغتسل، ولبس المسوح، وخرج إلى الربوة وخر ساجداً متضرعاً إلى الله تعالى،*فأوحى الله إليه ، أن ارفع رأسك فقد قضيت حاجتك.ثم أمر الله سبحانه وتعالى، جبريل عليه السلام فخرقه بخاطفة من جناحه ، وقال بعضهم "شقه جبريل بطرف ريشة من جناحه من فمه، من الجهة القبلية، إلى آخر الفيوم، فى أقل من طرفة عين بقدرة الله تعالى.
جبريل يفجر ينبوع ماء تحت قدمى إسماعيل عليه السلام
ظلت هاجر عليها السلام تسعى بين صخرتى الصفا والمروة ذهابا وإيابا تبحث عن قبيلة أو عابر سبيل يعطيهما من مائه وطعامه بعد أن بلغ بها وبالرضيع من الجوع والعطش مبلغه، وحينما أتمت ذهابها وإيابها سبعا أمر الله جبريل عليه السلام أن يفجر تحت قدمى الصغير نبع ماء يتدفق فشربت هاجر وطفلها حتى ارتويا وصارت تحاصر الماء بيديها وتقول: (زم...زم... زم) وتعنى فلينحصر الماء، ومن هنا جاءت تسميته ببئر زمزم، ولولا قولها لصار نهرا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله أم إسماعيل لو تركته لكان عيناً أو لكان نهراً معيناً).
سقط زنجي في عهد زبير ابن العوام في البئر فسئل ابن عباس عن ذالك فامر باخراج المياه فوجدوا ثلاثة انهار نهر من قبل الصفا والمروة ونهر من جبل فاران ونهر تحت الحجر الاسود وهو نهر الجنة
وأخْرَجَ أحْمَدُ في ”الزُّهْدِ“، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قالَ: غَشّى قَوْمَ يُونُسَ العَذابُ كَما يُغَشِّي الثَّوْبُ بِالقَبْرِ إذا أُدْخِلَ فِيهِ صاحِبُهُ ومَطَرَتِ السَّماءُ دَمًا.
خيرُ ماءٍ على وجهِ الأرضِ ماءُ زمزمَ فيه طعامُ الطُّعمِ وشفاءُ السُّقمِ وشرُّ ماءٍ على وجهِ الأرضِ ماءٌ بوادي بَرَهُوتَ بقُبَّةٍ بحضرَمَوْتَ كرِجلِ الجرادِ تُصبِحُ تتدفَّقُ وتُمسي لا بَلالَ فيها
وقد جاء عن ابن عباس من وجه آخر موقوفا: زمزم فيه طعام من الطعم. أي إشباع أو طعام شبع من إضافة الشيء إلى صفته، والطعم بالضم: الطعام (وشفاء من السقم) أي: شفاء من الأمراض إذا شرب بنية صالحة، وفيه تقوية لمن ذهب إلى تفضيله على ماء الكوثر.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: “كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحمل ماء زمزم في الأداوى والقِرب، وكان يصب على المرضى ويسقيهم” رواه الترمذي والبخاري.
وعن حبيب بن أبي ثابت قال: سألت عطاء: أأحمل ماء زمزم؟ فقال: قد حمله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحمله الحسن والحسين. وكان الصحابة والسلف الصالح (رضوان الله عليهم) يتحفون ضيوفهم بماء زمزم. عن مجاهد أن ابن عباس -رضي الله عنهما- كان إذا نزل به ضيف أتحفه من ماء زمزم، ولا أطعم قوما طعاما إلا سقاهم من ماء زمزم.
يقول الصحابي الجليل أبو ذر الغفاري (رضي الله عنه): لقد لبثت ثلاثين بين ليلة ويوم، ما كان لي طعام إلا ماء زمزم؛ فسمنت حتى تكسرت عُكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة جوع (صحيح مسلم).
(وشر ماء على وجه الأرض ماء بوادي برهوت) أي: ماء بئر بوادي برهوت، بفتح الباء، والبئر بئر عميقة بحضرموت، لا يمكن نزول قعرها، وقد تضم الباء وتسكن الراء، وهي المشار إليها بآية: وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ [الحج: 45]. (بقية حضرموت كرجل الجراد من الهوام تصبح تتدفق وتمسي لا بلال لها) قال الزمخشري: برهوت بئر بحضرموت، يقال إن بها أرواح الكفار، واسم للبلد التي فيها هذا البئر، أو أراد باليمن. اهـ. في الفردوس عن الأصمعي عن رجل من أهل برهوت: أنهم يجدون الريح المنتن الفظيع منها، وفيه أنه يكره استعمال هذا الماء في الطهارة وغيرها، وبه قال جمع من الشافعية. انتهى. من كلام المناوي باختصار. وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان: برهوت بضم الهاء وسكون الواو وتاء فوقها نقطتان: واد باليمن يوضع فيه أرواح الكفار، وقيل برهوت بئر بحضرموت، وقيل: هو اسم للبلد الذي فيه هذه البئر، ورواه ابن دريد برهوت بضم الباء وسكون الراء، وقيل: هو واد معروف، وقال محمد بن أحمد: وبقرب حضرموت وادي برهوت، وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: إن فيه أرواح الكفار والمنافقين، وهي بئر عادية في فلاة واد مظلم، وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: أبغض بقعة في الأرض إلى الله عز وجل: وادي برهوت بحضرموت، فيه أرواح الكفار، وفيه ماؤها، أسود منتن، تأوي إليه أرواح الكفار، وعنه أنه قال: شر بئر في الأرض: بئر بلهوت في برهوت، تجتمع فيه أرواح الكفار، وحكى الأصمعي عن رجل من حضرموت قال: إنا نجد من ناحية برهوت الرائحة المنتنة الفظيعة جدا، فيأتينا بعد ذلك أن عظيما من عظماء الكفار مات، فنرى أن تلك الرائحة منه، وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن أرواح المؤمنين بالجابية من أرض الشام، وأرواح الكفار ببرهوت من حضرموت. ومعنى قوله: كرجل الجراد: أي جماعة الجراد،
قصة المرأة التي تركت رضـيعها بالقرب من البئر لكي ترعى الغنم وعندما رجعت له وجدته اختفى ،وأيضا قصة الرجل الذي نزل إلى أعماق البئر ولم يعد بعدها !
عن علي رضي الله راي اناس من اصحابنا ان جسدا خرجا باكيا صائحا فارا وخرج في اثره يد وادخله في البئر
ونظرا للعمق البعيد لهذا البئر كانوا يقومون بربط أحد الرجال وتوثيقه بالحبال المتينة ويقومون بإنزاله للبئر حاملا بيده دلوا، ومن ثم يقومون بإخراجه حاملا المياه.
كان ستة من رجال القبيلة يمسكون بالحبال الموثوقة بالرجل، وبقية القبيلة يحيطون بالبئر في انتظار خروج المياه، وحسب ما ذكر بالقصة أن الرجل استطاع جلب المياه ثلاثة مرات على التوالي، وبمحاولته بالمرة الرابعة طال انتظاره، فشرعوا بالمناداة عليه ولكن دون استجابة منه، وفجأة شعورا الستة رجال بأيديهم تهتز بطريقة غريبة باهتزاز الحبل، لقد شعروا وكأن قوى عظيمة تقود بشدهم من الأسفل، قوى شعروا بأنها أٌقوى من قوتهم هم الستة الرجال، فصرخوا في طلب المساعدة من حولهم، وبالفعل تمكنوا من مفاداة ما حدث، ولكن القلق على الرجل الذي بالأسفل ازداد لأضعاف الأضعاف.
وفجأة سمعوا صوت صرخاته المتتالية: “أخرجوني.. أخرجوني.. أخرجوني”، وفجأة توقف الصوت، لقد كان متجليا عاليا بسبب صدى الصوت من داخل البئر المظلم؛ وفجأة انقطع الصوت، وبانقطاعه لم يشعروا بالثقل الذي كانوا يشعرون به، فسارعوا لإخراج الرجل، والكل مترقب لحظة خروج الرجل للاطمئنان عليه.
كان الرجال يسحبون الحبل للأعلى دون مقاومة تذكر، علت وجوههم الفرحة وخاصة عندما ظهر شعر الرجل ورأسه، ولكنه بدا دون حركة، وكانت الفاجعة الكبرى عندما ظهرت نهاية جسده، لقد كان نصفه السفلي مفقودا تماما، لقد شق نصفين والغريب في ذلك الأمر أنه لم تظهر به علامات أنياب ولا أداة حادة،
بكل سنة تخرج من داخل البئر أصوات أنين؛ وقال رجل من حضرموت بأنهم يجدون روائح كريهة نتنة قادمة إليهم من تجاه بئر برهوت.
يقال أن بئر برهوت تم حفرها بأيدي الجن، وكان السبب منها أن تكون سجنا لكل جني يخالف الأوامر والتعليمات.
ويقال أيضا أنه تم حفرها بأمر من أحد ملوك الدول الحميرية القديمة، والذي أعطى أوامره لأتباعه من الجن والشياطين بحفر بئر ليضع به ثروته وأملاكه.
ويوجد سيد المارة من الجن كما قال احد السلف
وذكرها الإمام الشافعي و قال إنَّ الماء المكروه ثمانية أنواع :
المشمس، وشديد الحرارة، وشديد البرودة، وماء ديار ثمود إلا بئر الناقة، وماء ديار قوم لوط، وماء بئر برهوت، وماء أرض بابل الذي دخل فيه مجاهد وراى هناك هاروت وماروت ، وماء بئر ذروان
وقد روى البخاري ومسلم بئر ذي أروان وكانت لبني زريق، وهي التي وضع فيها لبيد بن الأعصم، وكان منافقا وحليفا لبني زريق، وضع فيها السحر للنبي تحت راغومتها، وكان ماؤها كنقاعة الحناء ونخلها كرؤوس الشياطين، فأمر النبي بدفن البئر بعد إخراج السحر منها،
قال محمد بن إسحاق : ثم إن عبد المطلب بينما هو نائم في الحجر ، إذ أتي فأمر بحفر زمزم وكان أول ما ابتدئ به عبد المطلب من حفرها ، كما حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عبد الله بن زرير الغافقي أنه سمع علي بن أبي طالب يحدث حديث زمزم حين أمر عبد المطلب بحفرها قال : قال عبد المطلب : إني لنائم في الحجر إذ أتاني آت فقال لي : احفر طيبة قال : قلت : وما طيبة ؟ قال : ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فجاءني فقال : احفر برة قال : قلت : وما برة ؟ قال : ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فجاءني فقال : احفر المضنونة قال : قلت : وما المضنونة ؟ قال : ثم ذهب عني فلما كان الغد رجعت إلى مضجعي فنمت فيه فجاءني قال : احفر زمزم قال : قلت : وما زمزم ؟ قال : لا تنزف أبدا ولا تذم ، تسقي [ ص: 336 ] الحجيج الأعظم .
وهي بين الفرث والدم ، عند نقرة الغراب الأعصم ، عند قرية النمل . قال : فلما بين لي شأنها ، ودل على موضعها ، وعرف أنه قد صدق ، غدا بمعوله ، ومعه ابنه الحارث بن عبد المطلب - وليس له يومئذ ولد غيره - فحفر فلما بدا لعبد المطلب الطي كبر فعرفت قريش أنه قد أدرك حاجته فقاموا إليه فقالوا : يا عبد المطلب إنها بئر أبينا إسماعيل ، وإن لنا فيها حقا فأشركنا معك فيها . قال : ما أنا بفاعل ، إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم ، وأعطيته من بينكم ، قالوا له : فأنصفنا فإنا غير تاركيك حتى نخاصمك فيها . قال : فاجعلوا بيني وبينكم من شئتم أحاكمكم إليه . قالوا : كاهنة بني سعد بن هذيم . قال : نعم . وكانت بأشراف الشام فركب عبد المطلب ، ومعه نفر من بني أمية ، وركب من كل قبيلة من قريش نفر فخرجوا والأرض إذ ذاك مفاوز حتى إذا كانوا ببعضها نفد ماء عبد المطلب وأصحابه فعطشوا حتى استيقنوا بالهلكة فاستسقوا من معهم فأبوا عليهم ، وقالوا : إنا بمفازة ، وإنا نخشى على أنفسنا مثل ما أصابكم .
فقال عبد المطلب : إني أرى أن يحفر كل رجل منكم حفرته لنفسه بما بكم الآن من القوة فكلما مات رجل دفعه أصحابه في حفرته ثم واروه حتى يكون آخرهم [ ص: 337 ] رجلا واحدا فضيعة رجل واحد أيسر من ضيعة ركب جميعا . فقالوا : نعم ما أمرت به فحفر كل رجل لنفسه حفرة ، ثم قعدوا ينتظرون الموت عطشى ، ثم إن عبد المطلب قال لأصحابه : إن إلقاءنا بأيدينا هكذا للموت - لا نضرب في الأرض لا نبتغي لأنفسنا - لعجز فعسى أن يرزقنا الله ماء ببعض البلاد . فارتحلوا حتى إذا بعث عبد المطلب راحلته انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب فكبر عبد المطلب وكبر أصحابه ، ثم نزل فشرب وشرب أصحابه ، واستقوا حتى ملئوا أسقيتهم ، ثم دعا قبائل قريش ، وهم ينظرون إليهم في جميع هذه الأحوال فقال : هلموا إلى الماء فقد سقانا الله فجاءوا فشربوا واستقوا كلهم ، ثم قالوا لعبد المطلب : قد والله قضي لك علينا والله ما نخاصمك في زمزم أبدا ، إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاة لهو الذي سقاك زمزم فارجع إلى سقايتك راشدا فرجع ورجعوا معه ، ولم يصلوا إلى الكاهنة ، وخلوا بينه وبين زمزم .
قال ابن إسحاق : فهذا ما بلغني عن علي بن أبي طالب في زمزم قال ابن إسحاق وقد سمعت من يحدث عن عبد المطلب أنه قيل له حين أمر بحفر زمزم
ثم ادع بالماء الروى غير الكدر يسقي حجيج الله في كل مبر [ ص: 338 ] ليس يخاف منه شيء ما عمر قال : فخرج عبد المطلب حين قيل له ذلك إلى قريش فقال : تعلموا أني قد أمرت أن أحفر زمزم قالوا : فهل بين لك أين هي ؟ قال : لا ، قالوا : فارجع إلى مضجعك الذي رأيت فيه ما رأيت فإن يك حقا من الله يبين لك ، وإن يك من الشيطان فلن يعود إليك . فرجع ونام فأتي فقيل له : احفر زمزم إنك إن حفرتها لن تندم ، وهي تراث من أبيك الأعظم ، لا تنزف أبدا ولا تذم ، تسقي الحجيج الأعظم مثل نعام حافل لم يقسم ، وينذر فيها ناذر لمنعم ، تكون ميراثا وعقدا محكم ، ليست كبعض ما قد تعلم ، وهي بين الفرث والدم .
قال ابن إسحاق : فزعموا أن عبد المطلب حين قيل له ذلك قال : وأين هي ؟ قيل له : عند قرية النمل ، حيث ينقر الغراب غدا . فالله أعلم أي ذلك كان . قال : فغدا عبد المطلب ومعه ابنه الحارث ، وليس له يومئذ ولد غيره - زاد الأموي ومولاه أصرم - فوجد قرية النمل ، ووجد الغراب ينقر عندها بين الوثنين إساف ونائلة ، اللذين كانت قريش تنحر عندهما فجاء بالمعول وقام ليحفر حيث أمر فقامت إليه قريش ، وقالوا : والله لا نتركك تحفر بين [ ص: 339 ] وثنينا اللذين ننحر عندهما فقال عبد المطلب لابنه الحارث : ذد عني حتى أحفر فوالله لأمضين لما أمرت به فلما عرفوا أنه غير نازع خلوا بينه وبين الحفر ، وكفوا عنه فلم يحفر إلا يسيرا حتى بدا له الطي فكبر ، وعرف أنه قد صدق فلما تمادى به الحفر وجد فيها غزالتين من ذهب اللتين كانت جرهم قد دفنتهما ، ووجد فيها أسيافا قلعية وأدراعا فقالت له قريش : يا عبد المطلب لنا معك في هذا شرك وحق قال : لا ، ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم ، نضرب عليها بالقداح قالوا : وكيف نصنع ؟ قال : أجعل للكعبة قدحين ، ولي قدحين ، ولكم قدحين فمن خرج قدحاه على شيء كان له ، ومن تخلف قدحاه فلا شيء له قالوا : أنصفت فجعل للكعبة قدحين أصفرين ، وله أسودين ، ولهم أبيضين ، ثم أعطوا القداح للذي يضرب عند هبل ، وهبل أكبر أصنامهم ، ولهذا قال أبو سفيان يوم أحد اعل هبل يعني هذا الصنم ، وقام عبد المطلب يدعو الله ، وذكر يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق أن عبد المطلب جعل يقول :
اللهم أنت الملك المحمود ربي فأنت المبدئ المعيد وممسك الراسية الجلمود من عندك الطارف والتليد [ ص: 340 ] إن شئت ألهمت كما تريد لموضع الحلية والحديد فبين اليوم لما تريد إني نذرت العاهد المعهود اجعله لي رب فلا أعود قال : وضرب صاحب القداح فخرج الأصفران على الغزالتين للكعبة ، وخرج الأسودان على الأسياف والأدراع لعبد المطلب ، وتخلف قدحا قريش فضرب عبد المطلب الأسياف بابا للكعبة ، وضرب في الباب الغزالتين من ذهب فكان أول ذهب حليته الكعبة - فيما يزعمون - ثم إن عبد المطلب أقام سقاية زمزم للحاج .
وذكر ابن إسحاق وغيره أن مكة كان فيها أبيار كثيرة قبل ظهور زمزم في زمن عبد المطلب ، ثم عددها ابن إسحاق ، وسماها ، وذكر أماكنها من مكة ، وحافريها إلى أن قال : فعفت زمزم على البئار كلها ، وانصرف الناس كلهم إليها لمكانها من المسجد الحرام ، ولفضلها على ما سواها من المياه ، ولأنها بئر إسماعيل بن إبراهيم ، وافتخرت بها بنو عبد مناف على قريش كلها ، وعلى سائر العرب .
وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: كُنَّا نَعُدُّ الْآيَاتِ بَرَكَةً وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَلَّ الْمَاءُ فَقَالَ اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ ثُمَّ قَالَ حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ الْمُبَارَكِ وَالْبَرَكَةُ مِنْ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ.
روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر وهو بالزوراء (موضع بسوق المدينة) فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء في إناء فوضع يده في ذلك الإناء. فأمر الناس أن يتوضؤوا منه فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم. فتوضأ الناس حتى توضؤوا عن آخرهم. قيل لأنس: كم كنتم فقال: كنا زهاء ثلاثمئة.
وروى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناد ألا وضوء فقلت: ألا وضوء ألا وضوء ألا وضوء ثم قلت يا رسول الله. ما وجدت في الركب من قطرة. وكان رجل من الأنصار يبرد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأصحابه ماء في قربة بالية فقال رسول الله انطلق إلى فلان قال الأنصاري فانظر هل في قربته من شيء: فانطلقت إليه. فنظرت إليها فلم أجد إلا شيئاً يسيراً، لو أني أفرغه أشربه فرجعت إلى رسول الله فأخبرته. قال: اذهب فائت به. فأتيته به فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء لا أدري ما هو. ويغمزه بيده. ثم أعطانيه. فقال: يا جابر ناد بجفنة.
فقلت: يا جفنة الركب. فأتى بها تحمل. فوضعت بين يديه فقال صلى الله عليه وسلم بيده هكذا أي أشار بيده فبسطها وفرق بين أصابعه ثم وضعها في قعر الجفنة وقال: خذ يا جابر فصب علي وقل بسم الله فصببت عليه وقلت بسم الله. فرأيت الماء يفور من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت.
وذات مرة كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في سفر، فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل، فدعا اثنين من أصحابه، فقال: (اذهبا فابتغيا الماء)، فانطلقا، فتلقيا امرأة بين مزادتين من ماء على بعير لها، فقالا لها: (أين الماء)، قالت: (عهدي بالماء أمس هذه الساعة ونفرنا خلوفا)، قالا لها: (انطلقي إذا)، قالت: (إلى أين)، قالا: (إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم)، قالت: (الذي يقال له الصابئ)، قالا: (هو الذي تعنين)، فانطلقي فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثاه الحديث، فاستنزلوها عن بعيرها ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء ففرغ فيه من أفواه المزادتين وأوكأ أفواههما وأطلق العزالي ونودي في الناس اسقوا واستقوا فسقى من شاء واستقى من شاء.
فقال يا جابر: ناد فأفرغ من أفواه القربتين واربط أفواههما. ثم وضع يده في الماء فجعل يفور. ونودي في الناس اسقوا واستقوا ففعلوا. والمرأة قائمة تنظر ما يفعل بمائها ثم قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه اجمعوا لها أي تطييبا لخاطرها في مقابلة حبسها في ذلك الوقت عن السير إلى قومها.
وما نالها من خوف أخذ مائها. فجمعوا لها ما بين عجوة ودقيقة وسويقة. حتى جمعوا لها طعاماً كثيراً فجعلوه في ثوب. وحملوها على بعيرها. ووضعوا الثوب بين يديها. وقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. تعلمين ما نقصنا من مائك شيئاً ولكن الله هو الذي سقانا. فأتت أهلها وقد احتبست عنهم. فقالوا: ما حبسك يا فلانة. فقالت العجب. لقيني رجلان فذهبا بي إلى هذا الرجل. الذي يقال له الصابئ. ففعل كذا وكذا وحكت لهم ما فعل. ثم قالت: فوالله إنه لأسحر الناس كلهم. أو إنه لرسول حقاً، فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من المشركين ولا يصيبون القوم الذين هي منهم فقالت المرأة يوماً لقومها، ما أرى أن هؤلاء يدعونكم أي يتركون الإغارة عليكم إلا عمداً. فهل لكم رغبة في الإسلام. فأطاعوها فدخلوا في الإسلام.
وفى غزوة تبوك أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم توضأ من ميضأة لأبي قتادة رضي الله عنه. وبقي فيها شيء من ماء. ثم قال صلى الله عليه وسلم لأبي قتادة: احفظ علينا ميضاتك فسيكون لها نبأ. ثم أصابهم عطش شديد فشكوا إليه صلى الله عليه وسلم ذلك. فدعا بالميضأة فجعل صلى الله عليه وسلم.. يصب في قدحه وأبو قتادة يسقيهم. فازدحم الناس على الميضأة بمجرد رؤية الماء. لشدة عطشهم. فقال صلى الله عليه وسلم أحسنوا الملء - أي لأوانيكم فلا تزاحموا على أخذ الماء. كلكم سيروى.
ففعلوا. أي تركوا الازدحام. قال أبو قتادة رضي الله عنه. فجعل صلى الله عليه وسلم يصب في قدحه وأسقيهم فشرب القوم وسقوا دوابهم وركائبهم وملأوا ما كان معهم من قربة ومزادة حتى ما بقي غيري. وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صب الماء فقال لي اشرب فقلت: لا اشرب حتى تشرب يا رسول الله قال: إن ساقي القوم آخرهم شرباً. فشربت وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وفي رواية عند البخاري عن أنس: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَانَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَالْتُمِسَ الْوَضُوءُ فَلَمْ يَجِدُوهُ فَأُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَضُوءٍ فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فِي ذَلِكَ الْإِنَاءِ فَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يَتَوَضَّئُوا مِنْهُ فَرَأَيْتُ الْمَاءَ يَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ أَصَابِعِهِ فَتَوَضَّأَ النَّاسُ حَتَّى تَوَضَّئُوا مِنْ عِنْدِ آخِرِهِمْ.
وعند البخاري عن جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: عَطِشَ النَّاسُ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ رِكْوَةٌ فَتَوَضَّأَ فَجَهِشَ النَّاسُ نَحْوَهُ فَقَالَ مَا لَكُمْ قَالُوا لَيْسَ عِنْدَنَا مَاءٌ نَتَوَضَّأُ وَلَا نَشْرَبُ إِلَّا مَا بَيْنَ يَدَيْكَ فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الرِّكْوَةِ فَجَعَلَ الْمَاءُ يَثُورُ بَيْنَ أَصَابِعِهِ كَأَمْثَالِ الْعُيُونِ فَشَرِبْنَا وَتَوَضَّأْنَا قُلْتُ كَمْ كُنْتُمْ قَالَ لَوْ كُنَّا مِائَةَ أَلْفٍ لَكَفَانَا كُنَّا خَمْسَ عَشْرَةَ مِائَةً.
وهذا بئر الحديبية جفت ماؤه فبصق فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ففاض بالماء.
روى البخاري في صحيحه عَنْ الْبَرَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كُنَّا يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ أَرْبَعَ عَشْرَةَ مِائَةً وَالْحُدَيْبِيَةُ بِئْرٌ فَنَزَحْنَاهَا حَتَّى لَمْ نَتْرُكْ فِيهَا قَطْرَةً فَجَلَسَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَفِيرِ الْبِئْرِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَمَضْمَضَ وَمَجَّ فِي الْبِئْرِ فَمَكَثْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ ثُمَّ اسْتَقَيْنَا حَتَّى رَوِينَا وَرَوَتْ أَوْ صَدَرَتْ رَكَائِبُنَا" .
ابن عباس رضي الله عنهما ، وذلك في قوله : " أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم وليس في العسكر ماء ، فأتاه رجل فقال : يا رسول الله ، ليس في العسكر ماء ، فقال له : ( هل عندك شيء ؟ ) ، قال : نعم ، فقال له : ( فأتني به ) ، فأتاه بإناء فيه شيء من ماء قليل ، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصابعه في فم الإناء وفتح أصابعه ، فانفجرت من بين أصابعه عيون ، وأمر بلالا فقال : ( ناد في الناس الوضوء المبارك ) رواه أحمد
قيل معناه أن الماء كان يخرج من نفس أصابعه وينبع من ذواتها ، وقيل معناه : إن الله كثَّر الماء في ذاته ، فصار يفور بين أصابعه
تلك هي معجزة تكثير الماء على يديه ببركته - صلى الله عليه وسلم - ، ومن ذلك ما حصل في غزوة تبوك التي جرت وقائعها في ظروف قاسية من ندرة للمياه وقلّة للزاد ، فلما وصل الجيش إلى عين تبوك خاب أملهم حينما وجدوا أنها لا تكفي لشخص واحدٍ فضلاً عن جيش كامل ، فقام رسول الله – صلى الله عليه وسلم بجمع شيءٍ من مائها في وعاء وغسل فيه يديه ووجهه ثم أعاده فيها ، فجرت العين بماء غزير شرب منه الناس جميعاً ، ثم قال عليه الصلاة والسلام لمعاذ رضي الله عنه : ( يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جناناً ) رواه مسلم
عن معاذ بن جبل في قصة غزوة تبوك، وأنهم وردوا العين وهي تبض بشيء من ماء مثل الشراك، فغرفوا من العين بأيديهم حتى اجتمع في شيء، ثم غسل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وجهه فيه ويديه ثم أعاده فيها، فجرت بماء كثير فاستقى الناس. قال في حديث ابن إسحاق: فانهرق من الماء ما له حس كحس الصواعق، ثم قال: يوشك يا معاذ إن طالت بك الحياة أن ترى ما ههنا قد مليء جنانًا).
في حديث عمر رضي اللّه عنه في جيش العسرة وذكر ما أصابهم من العطش، حتى أن الرجل ينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه، فرغب أبو بكر إلى النبي في الدعاء، فرفع يديه فلم يرجعهما حتى قالت 2 السماء فانسكبت فملؤوا ما معهم من آنية ولم تجاوز العسكر.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ: ﴿وإذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ﴾ الآيَةَ. قالَ: كانَ هَذا في البَرِّيَّةِ حَيْثُ خَشُوا الظَّمَأ، اسْتَسْقى مُوسى، فَأُمِرَ بِحَجَرٍ أنْ يَضْرِبَهُ بِعَصاهُ، وكانَ حَجَرًا طُورانِيًّا مِنَ الطُّورِ يَحْمِلُونَهُ مَعَهُمْ،لَا يَرْتَحِلُونَ مِنْ مَنْقَلَة إِلَّا وَجَدُوا ذَلِكَ مَعَهُمْ(٢) بِالْمَكَانِ الَّذِي كَانَ مِنْهُمْ بِالْمَنْزِلِ الْأَوَّلِ.
حَتّى إذا نَزَلُوا ضَرَبَهُ مُوسى بِعَصاهُ﴿فانْفَجَرَتْ مِنهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ﴾ قالَ: لِكُلِّ سِبْطٍ مِنهم عَيْنٌ مَعْلُومَةٌ يَسْتَفِيدُ ماءَها.
أخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿وإذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ﴾ الآيَةَ، قالَ: ذَلِكَ في التِّيهِ ضَرَبَ لَهم مُوسى الحَجَرَ فَصارَ فِيهِ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْنًا مِن ماءٍ، لِكُلِّ سِبْطٍ مِنهم عَيْنٌ يَشْرَبُونَ مِنها.
وَقَالَ عَطِيَّةُ الْعَوْفِيُّ: وجُعل لَهُمْ حَجَرٌ مِثْلُ رَأْسِ الثَّوْرِ يُحْمَلُ عَلَى ثَوْرٍ، فَإِذَا نَزَلُوا مَنْزِلًا وَضَعُوهُ فَضَرَبَهُ مُوسَى بِعَصَاهُ، فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا، فَإِذَا سَارُوا حَمَلُوهُ عَلَى ثور، فاستمسك الماء.
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيُّ، عَنْ أَبِيهِ: كَانَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ حَجَرٌ، فَكَانَ يَضَعُهُ هَارُونُ وَيَضْرِبُهُ مُوسَى بِالْعَصَا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقالَ: اشْرَبُوا يا حَمِيرُ: فَقالَ اللَّهُ تَعالى لَهُ: لاتُسَمِّ عِبادِي حَمِيرًا.
كَانَ مِنْ أُسُسِ الْجَنَّةِ طُولُهُ عَشَرَةُ أَذْرُعٍ عَلَى طُولِ مُوسَى. وَلَهُ شُعْبَتَانِ تَتَّقِدَانِ فِي الظُّلْمَةِ وَكَانَ يُحْمَلُ عَلَى حِمَارٍ، قَالَ: وَقِيلَ: أَهْبَطَهُ آدَمُ مِنَ الْجَنَّةِ فَتَوَارَثُوهُ، حَتَّى وَقَعَ إِلَى شُعَيْبٍ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ مَعَ الْعَصَا، وَقِيلَ: هُوَ الْحَجَرُ الَّذِي وَضَعَ عَلَيْهِ ثَوْبَهُ حِينَ اغْتَسَلَ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ: ارْفَعْ هَذَا الْحَجَرَ فَإِنَّ فِيهِ قُدْرَةً وَلَكَ فِيهِ مُعْجِزَةً، فَحَمَلَهُ فِي مِخْلَاتِهِ
وَهَذَا أَظْهَرُ فِي الْمُعْجِزَةِ وَأَبْيَنُ فِي الْقُدْرَةِ فَكَانَ يَضْرِبُ الْحَجَرَ بِعَصَاهُ فَيَنْفَجِرُ ثُمَّ يَضْرِبُهُ فَيَيْبَسُ، فَقَالُوا: إِنْ فَقَدَ مُوسَى هَذَا الْحَجَرَ عَطِشْنَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يُكَلِّمَ الْحِجَارَةَ فَتَنْفَجِرَ وَلَا يَمَسَّهَا بِالْعَصَا لَعَلَّهُمْ يُقِرُّونَ
فَجاءَ جِبْرِيلُ ذاتَ يَوْمٍ، فَأخَذَ بِيَدِهِ ثُمَّ قالَ: قُمْ. فَقامَ فَنَحّاهُ عَنْ مَكانِهِ وقالَ: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وشَرابٌ﴾ فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ فَنَبَعَتْ عَيْنٌ، فَقالَ: اغْتَسِلْ، فاغْتَسَلَ مِنها، ثُمَّ جاءَ أيْضًا فَقالَ: ﴿ارْكُضْ﴾ فَرَكَضَ بِرِجْلِهِ فَنَبَعَتْ عَيْنٌ أُخْرى، فَقالَ لَهُ: اشْرَبْ مِنها. وهو قَوْلُهُ: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وشَرابٌ﴾ وألْبَسَهُ اللَّهُ حُلَّةً مِنَ الجَنَّةِ، فَرَجَعَ إلَيْهِ حُسْنُهُ وشَبابُهُ،
وأمْطَرَ عَلَيْهِمْ جَرادًا مِن ذَهَبٍ فَجَعَلَ يَأْخُذُ الجَرادَ بِيَدِهِ ثُمَّ يَجْعَلُهُ في ثَوْبِهِ، ويَنْشُرُ كِساءَهُ ويَأْخُذُهُ فَيَجْعَلُ فِيهِ، فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ: يا أيُّوبُ أما شَبِعْتَ؟ قالَ: يا رَبِّ مَن ذا الَّذِي يَشْبَعُ مِن فَضْلِكَ ورَحْمَتِكَ.بَلَى يَا رَبِّ وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ".
قَالَ: وَكَانَ لَهُ أَنْدَرَانِ أَنْدَرُ لِلْقَمْحِ وَأَنْدَرُ لِلشَّعِيرِ فَبَعَثَ اللَّهُ سَحَابَتَيْنِ فَلَمَّا كَانَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى أَنْدَرِ الْقَمْحِ أَفْرَغَتْ فِيهِ الذَّهَبَ حَتَّى فَاضَ وَأَفْرَغَتِ الْأُخْرَى فِي أَنْدَرِ الشَّعِيرِ حَتَّى فَاضَ.
فَتَنَحّى أيُّوبُ فَجَلَسَ في ناحِيَةٍ
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وشَرابٌ﴾ قالَ: رَكَضَ بِرِجْلِهِ اليُمْنى فَنَبَعَتْ عَيْنٌ، وضَرَبَ بِيَدِهِ اليُمْنى خَلْفَ ظَهْرِهِ فَنَبَعَتْ عَيْنٌ فَشَرِبَ مِن إحْداهُما واغْتَسَلَ مِنَ الأُخْرى.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ قَتادَةَ قالَ: ضَرَبَ بِرِجْلِهِ الأرْضَ، يُقالُ لَها: الجابِيَةُ فَإذا عَيْنانِ يَنْبُعانِ فَشَرِبَ مِن إحْداهُما واغْتَسَلَ مِنَ الأُخْرى.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الحَسَنِ أنَّ نَبِيَّ اللَّهِ أيُّوبَ لَمّا اشْتَدَّ بِهِ البَلاءُ إمّا دَعا وإمّا عَرَّضَ بِالدُّعاءِ فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ أنِ ارْكُضْ بِرِجْلِكَ فَنَبَعَتْ عَيْنٌ فاغْتَسَلَ مِنها فَذَهَبَ ما بِهِ، ثُمَّ مَشى أرْبَعِينَ ذِراعًا، ثُمَّ ضَرَبَ بِرِجْلِهِ فَنَبَعَتْ عَيْنٌ فَشَرِبَ مِنها.
وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمَا عَيْنَانِ بِأَرْضِ الشَّامِ فِي أَرْضٍ يُقَالُ لَهَا الْجَابِيَةُ، فَاغْتَسَلَ مِنْ إِحْدَاهُمَا فَأَذْهَبَ اللَّهُ تَعَالَى ظَاهِرَ دَائِهِ، وَشَرِبَ مِنَ الْأُخْرَى فَأَذْهَبَ اللَّهُ تَعَالَى بَاطِنَ دَائِهِ. وَنَحْوَهُ عَنِ الْحَسَنِ وَمُقَاتِلٍ، قَالَ مُقَاتِلٌ: نَبَعَتْ عَيْنٌ حَارَّةٌ واغتسل فيها فحرج صَحِيحًا ثُمَّ نَبَعَتْ عَيْنٌ أُخْرَى فَشَرِبَ مِنْهَا مَاءً عَذْبًا
أولا: العلاء بن الحضرمي –رضي الله عنه-والمشي على الماء
عن أبي هريرة قال لما بعث النبي صلى الله عليه و سلم العلاء بن الحضرمي إلى البحرين تبعته فرأيت منه ثلاث خصال لا أدري أيتهن أعجب انتهينا إلى شاطئ البحر فقال سموا واقتحموا قال فسمينا واقتحمنا فعبرنا فما بل الماء إلا أسافل خفاف إبلنا فلما قفلنا صرنا معه بفلاة من الأرض وليس معنا ماء فشكونا إليه فصلى ركعتين ثم دعا فاذا سحابة مثل الترس ثم أرخت غزاليها فسقينا واستقينا ومات فدفناه في الرمل فلما سرنا غير بعيد قلنا يجيىء سبع فيأكله فرجعنا فلم نره .([4]) وقد مشى كثير من الأولياء على متن الماء، وفي قصة العلاء بن زياد، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك، روى منجاب قال: غزونا مع العلاء بن الحضرمي دارين ، فدعا بثلاث دعوات فاستجيبت له، فنزلنا منزلا فطلب الماء فلم يجده، فقام وصلى ركعتين وقال، اللهم إنا عبيدك وفي سبيلك، نقاتل عدوك، اللهم اسقنا غيثا نتوضأ به ونشرب، ولا يكون لاحد فيه نصيب غيرنا، فسرنا قليلا فإذا نحن بماء حين أقلعت السماء عنه، فتوضأنا منه وتزودنا، وملأت إداوتي وتركتها مكانها حتى أنظر هل استجيب له أم لا، فسرنا قليلا ثم قلت لاصاحبي: نسيت إداوتي، فرجعت إلى ذلك المكان فكأنه لم يصبه ماء قط، ثم سرنا حتى أتينا دارين والبحر بيننا وبينهم، فقال، يا علي يا حكيم، إنا عبيدك وفي سبيلك، نقاتل عدوك، اللهم فاجعل لنا إليهم سبيلا، فدخلنا البحر فلم يبلغ الماء لبودنا، ومشينا على متن الماء ولم يبتل لنا شيء وقال ابن كثير في البداية والنهاية 6 /290 : حصل المشي على الماء مع الصحابي الجليل العلاء بن الحضرمي، رضي الله عنه، في مسيره إلى أهل الردة ونشر الإسلام، فساروا على الماء وهم يتحدثون دون أن يفقدوا شيئًا، وكذلك مع العلاء، رضي الله عنه، أيضًا حينما كان في الصحراء ليلًا ونفرت إبلهم وخيولهم، وباتوا بشر ليلة، وفي الصباح وبعد الصلاة دعا العلاء، رضي الله عنه، ربه، فجاءت سحابة وأمطرت حولهم لا تتعداهم، فجاءت إليهم إبلهم وخيولهم
ثانيا: سعد بن أبي وقاص –رضي الله عنه -السير على نهر دجلة:
لما فتح سعد نهر شير واستقر بها، وذلك في صفة لم يجد فيها أحدا ولا شيئا مما يغنم، بل قد تحولوا بكمالهم إلى المدائن وركبوا السفن وضموا السفن إليهم، ولم يجد سعد رضي الله عنه شيئا من السفن وتعذر عليه تحصيل شيء منها بالكلية، وقد زادت دجلة زيادة عظيمة واسود ماؤها، ورمت بالزبد من كثرة الماء بها، وأخبر سعد بأن كسرى يزدجرد عازم على أخذ الأموال والأمتعة من المدائن إلى حلوان، وأنك إن لم تدركه قبل ثلاث فات عليك وتفارط الأمر. فخطب سعد المسلمين على شاطئ دجلة، فحمد الله وأثنى عليه وقال إن عدوكم قد اعتصم منكم بهذا البحر فلا تخلصون إليهم معه، وهم يخلصون إليكم إذا شاءوا فينا وشونكم في سفنهم، وليس وراءكم شيء تخافون أن تؤتوا منه، وقد رأيت أن تبادروا جهاد العدو بنياتكم قبل أن تحصركم الدنيا، ألا إني قد عزمت على قطع هذا البحر إليهم. فقالوا جميعا: عزم الله لنا ولك على الرشد فافعل. فعند ذلك ندب سعد الناس إلى العبور ويقول: من يبدأ فيحمي لنا الفراض-يعني ثغرة المخاضة من الناحية الأخرى- ليجوز الناس إليهم آمنين، فانتدب عاصم بن عمرو وذو البأس من الناس قريب من ستمائة، فأمر سعد عليهم عاصم ابن عمرو فوقفوا على حافة دجلة فقال عاصم: من ينتدب معي لنكون قبل الناس دخولا في هذا البحر فنحمي الفراض من الجانب الآخر؟ فانتدب له ستون من الشجعان المذكورين- والأعاجم وقوف صفوفا من الجانب الآخر- فتقدم رجل من المسلمين وقد أحجم الناس عن الخوض في دجلة، فقال: أتخافون من هذه النطفة؟ ثم تلا قوله تعالى وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا 3: 145 ثم أقحم فرسه فيها واقتحم الناس، وقد افترق الستون فرقتين أصحاب الخيل الذكور، وأصحاب الخيل الإناث. فلما رآهم الفرس يطفون على وجه الماء قالوا: دبوانا دبوانا. يقولون مجانين مجانين. ثم قالوا: والله ما تقاتلون إنسا بل تقاتلون جنا. ثم أرسلوا فرسانا منهم في الماء يلتقون أول المسلمين ليمنعوهم من الخروج من الماء، فأمر عاصم بن عمرو أصحابه أن يشرعوا لهم الرماح ويتوخوا الأعين، ففعلوا ذلك بالفرس فقلعوا عيون خيولهم، فرجعوا أمام المسلمين لا يملكون كف خيولهم حتى خرجوا من الماء، واتبعهم عاصم وأصحابه فساقوا وراءهم حتى طردوهم عن الجانب الآخر، ووقفوا على حافة الدجلة من الجانب الآخر ونزل بقية أصحاب عاصم من الستمائة في دجلة فخاضوها حتى وصلوا إلى أصحابهم من الجانب الآخر فقاتلوا مع أصحابهم حتى نفوا الفرس عن ذلك الجانب وكانوا يسمون الكتيبة الأولى كتيبة الأهوال، وأميرها عاصم بن عمرو، والكتيبة الثانية الكتيبة الخرساء وأميرها القعقاع بن عمرو. وهذا كله وسعد والمسلمون ينظرون إلى ما يصنع هؤلاء الفرسان بالفرس، وسعد واقف على شاطئ دجلة. ثم نزل سعد ببقية الجيش، وذلك حين نظروا إلى الجانب الآخر قد تحصن بمن حصل فيه من الفرسان المسلمين، وقد أمر سعد المسلمين عند دخول الماء أن يقولوا: نستعين بالله ونتوكل عليه، حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. ثم اقتحم بفرسه دجلة واقتحم الناس لم يتخلف عنه أحد، فساروا فيها كأنما يسيرون على وجه الأرض حتى ملئوا ما بين الجانبين، فلا يرى وجه الماء من الفرسان والرجالة، وجعل الناس يتحدثون على وجه الماء كما يتحدثون على وجه الأرض، وذلك لما حصل لهم من الطمأنينة والأمن، والوثوق بأمر الله ووعده ونصره وتأييده، ولأن أميرهم سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ([5])
أبو مسلم الخولاني-رحمه الله تعالى -السير على نهر دجلة:
كان أبو مسلم الخولاني إذا غزا أرض الروم فمروا بنهر قال: أجيزوا بسم الله، ويمر بين أيديهم فيمرون بالنهر الغمر، فربما لم يبلغ من الدواب إلا الركب أو بعض ذلك قريباً من ذلك، فإذا جازوا قال للناس: هل لكم شيء؟ من ذهب له شيء فأنا له ضامن. قال: فألقى بعضهم مخلاة عمداً، فلما جاوزوا قال الرجل: مخلاتي وقعت في النهر قال له: اتبعني فإذا المخلاة قد تعلقت ببعض أعواد النهر، فقال: خذها. ([6]) عن حميد بن هلال العدوي: حدثني ابن عمي أخي أبي قال: خرجت مع أبي مسلم في جيش فأتينا على نهر عجاج منكر، فقلنا لاهل القرية: أين المخاضة ؟ فقالوا: ما كانت ههنا مخاضة ولكن المخاضة أسفل منكم على ليلتين، فقال أبو مسلم: اللهم أجزت بني إسرائيل البحر، وإنا عبيدك وفي سبيلك، فأجزنا هذا النهر اليوم، ثم قال: اعبروا بسم الله، قال ابن عمي: وأنا على فرس فقلت: لأدفعنه أول الناس خلف فرسه، قال: فو الله ما بلغ الماء بطون الخيل حتى عبر الناس كلهم، ثم وقف وقال: يا معشر المسلمين، هل ذهب لاحد
منكم شيء فأدعو الله تعالى يرده ؟. ([7]) الدعاء .....................................................
[1] - تفسير الشعراوي (ص: 5674)
[2] - الوسيط لسيد طنطاوي (ص: 100،)
[3] - تاريخ دمشق - (ج 47 / ص 408)
[4] -رواه الطبراني
[5] - البداية والنهاية ط الفكر (7/ 65)
[6] - مختصر تاريخ دمشق (4/ 138)
[7] - ا البداية والنهاية ط الفكر (6/ 261
بْنُ عَساكِرَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «“شَمَمْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رائِحَةً طَيِّبَةً فَقُلْتُ: يا جِبْرِيلُ، ما هَذِهِ الرّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ؟ قالَ: رِيحُ قَبْرِ الماشِطَةِ وابْنَيْها وزَوْجِها. وكانَ بَدْءُ ذَلِكَ أنَّ الخَضِرَ كانَ مِن أشْرافِ بَنِي إسْرائِيلَ، وكانَ مَمَرُّهُ بِراهِبٍ في صَوْمَعَةٍ، فَيَطْلُعُ عَلَيْهِ الرّاهِبُ فَيُعَلِّمُهُ الإسْلامَ، وأخَذَ عَلَيْهِ ألّا يُعَلِّمَهُ أحَدًا، ثُمَّ إنَّ أباهُ زَوَّجَهُ اِمْرَأةً فَعَلَّمَها الإسْلامَ، وأخَذَ عَلَيْها ألّا تُعَلِّمَهُ أحَدًا، وكانَ لا يَقْرَبُ النِّساءَ، ثُمَّ زَوَّجَهُ أُخْرى فَعَلَّمَها الإسْلامَ، وأخَذَ عَلَيْها ألّا تُعَلِّمَهُ أحَدًا، ثُمَّ طَلَّقَها فَأفْشَتْ عَلَيْهِ إحْداهُما وكَتَمَتِ الأُخْرى، فَخَرَجَ هارِبًا حَتّى أتى جَزِيرَةً في البَحْرِ، فَرَآهُ رَجُلانِ، فَأفْشى عَلَيْهِ أحَدُهُما وكَتَمَ الآخَرُ، فَقِيلَ لَهُ: ومَن رَآهُ مَعَكَ؟ قالَ: فُلانٌ. وكانَ في دِينِهِمْ أنَّ مَن كَذَبَ قُتِلَ، فَسُئِلَ فَكَتَمَ، فَقُتِلَ الَّذِي أفْشى عَلَيْهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَ الكاتِمُ عَلَيْهِ المَرْأةَ الكاتِمَةَ، فَبَيْنا هي تَمْشُطُ اِبْنَةَ فِرْعَوْنَ إذْ سَقَطَ المُشْطُ مِن يَدِها، فَقالَتْ: تَعِسَ فِرْعَوْنُ. فَأخْبَرَتِ الجارِيَةُ أباها، فَأرْسَلَ إلى المَرْأةِ وابْنِها وزَوْجِها، فَأرادَهم أنْ يَرْجِعُوا عَنْ دِينِهِمْ فَأبَوْا، فَقالَ: إنِّي قاتِلُكم. قالُوا: أحْبَبْنا مِنكَ إنْ أنْتَ قَتَلْتَنا أنْ تَجْعَلَنا في قَبْرٍ واحِدٍ. فَقَتَلَهم
وجَعَلَهم في قَبْرٍ واحِدٍ”. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ما شَمَمْتُ رائِحَةً أطْيَبَ مِنها وقَدْ دَخَلْتُ الجَنَّةَ”» .
وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ قالَ: قالَ مُوسى لِفَتاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ: ﴿لا أبْرَحُ حَتّى أبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ﴾ . فاصْطادا حُوتًا فاِتَّخَذاهُ زادًا، واسْتَقى ماءً، حَتّى اِنْتَهَيا إلى الصَّخْرَةِ الَّتِي إيّاها أرادا، هاجَتْ رِيحٌ، فاشْتَبَهَ عَلَيْهِ المَكانُ، ونَسِيا عَلَيْهِ الحُوتَ، ثُمَّ ذَهَبا فَسارا حَتّى اِشْتَهَيا الطَّعامَ، فَقالَ لِفَتاهُ: ﴿آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِن سَفَرِنا هَذا نَصَبًا﴾ . يَعْنِي جَهْدًا في السَّيْرِ. فَقالَ الفَتى لِمُوسى: ﴿أرَأيْت إذْ أوَيْنا إلى الصَّخْرَةِ فَإنِّي نَسِيت الحُوت وما أنْسانِيهِ إلّا الشَّيْطانُ أنْ أذْكُرَهُ﴾ . قالَ: فَسَمِعْنا عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ حَدَّثَ عَنْ رِجالٍ مِن عُلَماءِ أهْلِ الكِتابِ، أنَّ مُوسى دَعا رَبَّهُ فَسَألَهُ ومَعَهُ ماءٌ عَذْبٌ في سِقاءٍ، فَصَبَّ مِن ذَلِكَ الماءِ في البَحْرِ، وانْصَبَّ عَلى أثَرِهِ، فَصارَ حَجَرًا أبْيَضَ أجْوَفَ، فَأخَذَ فِيهِ حَتّى اِنْتَهى إلى الصَّخْرَةِ الَّتِي أرادَ، فَصَعِدَها وهو مُتَشَرِّفٌ، هَلْ يَرى ذَلِكَ الرَّجُلَ؟ حَتّى كادَ يُسِيءُ الظَّنَّ، ثُمَّ رَآهُ فَقالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَضِرُ. فَقالَ: عَلَيْكَ السَّلامُ يا مُوسى. قالَ: مَن حَدَّثَكَ أنِّي أنا مُوسى
؟ قالَ: حَدَّثَنِي الَّذِي حَدَّثَكَ أنِّي أنا خَضِرٌ. قالَ: إنِّي أُرِيدُ أنْ أصْحَبَكَ ﴿قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أتَّبِعُكَ عَلى أنْ تُعَلِّمَنِي مِمّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ وإنَّهُ تَقَدَّمَ إلَيْهِ فَنَصَحَهُ، فَقالَ: ﴿إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ ﴿وكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا
وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ الحَسَنِ بْنِ عُمارَةَ، عَنْ أبِيهِ قالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبّاسٍ: لَمْ نَسْمَعْ - يَعْنِي مُوسى - يَذْكُرُ مِن حَدِيثِ فَتاهُ وقَدْ كانَ مَعَهُ؟ فَقالَ اِبْنُ عَبّاسٍ في ما يَذْكُرُ مِن حَدِيثِ الفَتى، قالَ: شَرِبَ الفَتى مِنَ الماءِ فَخُلِّدَ، فَأخَذَهُ العالِمُ فَطابَقَ بِهِ سَفِينَةً، ثُمَّ أرْسَلَهُ في البَحْرِ، فَإنَّها لَتَمُوجُ بِهِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وذَلِكَ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أنْ يَشْرَبَ مِنهُ.
قالَ اِبْنُ كَثِيرٍ: الحَسَنُ مَتْرُوكٌ، وأبُوهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ
وأخْرَجَ العُقَيْلِيُّ عَنْ كَعْبٍ قالَ: الخَضِرُ عَلى مِنبَرٍ بَيْنَ البَحْرِ الأعْلى والبَحْرِ الأسْفَلِ، وقَدْ أُمِرَتْ دَوابُّ البَحْرِ أنْ تَسْمَعَ لَهُ وتُطِيعَ، وتُعْرَضُ عَلَيْهِ الأرْواحُ غُدْوَةً وعَشِيَّةً.
وأخْرَجَ اِبْنُ شاهِينٍ عَنْ خُصَيْفٍ قالَ: أرْبَعَةٌ مِنَ الأنْبِياءِ أحْياءٌ؛ اِثْنانِ في السَّماءِ، عِيسى وإدْرِيسُ، وإثْنانِ في الأرْضِ الخَضِرُ وإلْياسُ، فَأمّا الخَضِرُ، فَإنَّهُ في البَحْرِ. وأمّا صاحِبُهُ، فَإنَّهُ في البَرِّ.
وأخْرَجَ الحاكِمُ وصَحَّحَهُ، عَنْ أبِي مُوسى، أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: «(ثَلاثَةٌ لا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، مُدْمِنُ خَمْرٍ، وقاطِعُ الرَّحِمِ، ومُصَدِّقٌ بِالسِّحْرِ، ومَن ماتَ مُدْمِنَ الخَمْرِ سَقاهُ اللَّهُ مِن نَهْرِ الغُوطَةِ)، قِيلَ: وما نَهْرُ الغُوطَةِ؟ قالَ: (نَهْرٌ يَخْرُجُ مِن فُرُوجِ المُومِساتِ، يُؤْذِي أهْلَ النّارِ رِيحُ فُرُوجِهِمْ») .
وأخْرَجَ أحْمَدُ، وابْنُ أبِي الدُّنْيا، في (ذَمِّ المَلاهِي)، والطَّبَرانِيُّ، عَنْ أبِي أُمامَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «(إنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي رَحْمَةً وهُدًى لِلْعالَمِينَ، بَعَثَنِي لِأمْحَقَ المَعازِفَ، والمَزامِيرَ، وأمْرَ الجاهِلِيَّةِ والأوْثانَ، وحَلَفَ رَبِّي عَزَّ وجَلَّ بِعِزَّتِهِ لا يَشْرَبُ الخَمْرَ أحَدٌ في الدُّنْيا إلّا سَقاهُ اللَّهُ مِثْلَها مِنَ الحَمِيمِ يَوْمَ القِيامَةِ، مَغْفُورٌ لَهُ، أوْ مُعَذَّبٌ، ولا يَدَعُها أحَدٌ في الدُّنْيا إلّا سَقَيْتُهُ إيّاها في حَظِيرَةِ القُدْسِ حَتّى تَقْنَعَ نَفْسُهُ»
وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ: كَانَ هَذَا التَّنُّورُ بِالْكُوفَةِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: عَيْنٌ بِالْهِنْدِ. وَعَنْ قَتَادَةَ: عَيْنٌ بِالْجَزِيرَةِ، يُقَالُ لَهَا: عَيْنُ الْوَرْدَةِ.
وَقِيلَ بُرُوجُ الْحَمَامِ وَقِيلَ مآخذ المَاء " لَعَلَّكُمْ تخلدون " أَيْ رَجَاءً مِنْكُمْ أَنْ تُعَمِّرُوا فِي هَذِهِ الدَّارِ أَعْمَارًا طَوِيلَةً
" وَنَبِّئْهُمْ أَن المَاء قسْمَة بَينهم كل شرب مختضر
وَقَالَ السُّدِّيُّ: خَرَجَتِ الْمَلَائِكَةُ من عِنْد إِبْرَاهِيم نَحْو قَرْيَة لُوطٍ، فَأَتَوْهَا نِصْفَ النَّهَارِ، فَلَمَّا بَلَغُوا نَهْرَ سَدُومَ لَقُوا ابْنَةَ لُوطٍ تَسْتَقِي مِنَ الْمَاءِ لاهلها، وَكَانَت لَهُ ابنتان: اسْم الْكُبْرَى " ريثا " وَالصُّغْرَى " زغرتا ".
فَقَالُوا لَهَا: يَا جَارِيَةُ، هَلْ مِنْ مَنْزِلٍ؟ فَقَالَت لَهُم: [نعم (2) ] مَكَانكُمْ لَا تدْخلُوا حَتَّى آتيكم.
شَفَقَة (3) عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْمِهَا، فَأَتَتْ أَبَاهَا فَقَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ! أَرَادَكَ فِتْيَانٌ عَلَى بَابِ الْمَدِينَةِ، مَا رَأَيْتُ وُجُوهَ قَوْمٍ قَطُّ هِيَ أَحْسَنَ مِنْهُمْ، لَا يَأْخُذُهُمْ قَوْمُكَ فَيَفْضَحُوهُمْ.
وَقَدْ كَانَ قَوْمُهُ (4) نهوه أَن يضيف رجلا [فَقَالُوا: خل عَنَّا فلنضف الرِّجَال
فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * وَجَاءُوا أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ * قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ، وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ * وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ، قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ * وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ".
لَمْ يَزَالُوا بِأَبِيهِمْ حَتَّى بَعَثَهُ مَعَهُمْ، فَمَا كَانَ إِلَّا أَنْ غَابُوا عَنْ عَيْنَيْهِ (1) ، فَجَعَلُوا يَشْتُمُونَهُ وَيُهِينُونَهُ بِالْفَعَالِ وَالْمَقَالِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى إِلْقَائِهِ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ، أَيْ فِي قَعْرِهِ عَلَى رَاعُوفَتِهِ، وَهِيَ الصَّخْرَةُ الَّتِي تَكُونُ فِي وَسَطِهِ يَقِفُ عَلَيْهَا الْمَائِحُ، وَهُوَ الَّذِي يَنْزِلُ لِيَمْلَأَ الدِّلَاءَ إِذَا قَلَّ الْمَاءُ، وَالَّذِي يَرْفَعُهَا بِالْحَبْلِ يُسَمَّى الْمَاتِحَ.
فَلَمَّا أَلْقَوْهُ فِيهِ، أَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَنه لابد لَكَ مِنْ فَرَجٍ وَمَخْرَجٍ مِنْ هَذِهِ الشِّدَّةِ الَّتِي أَنْتَ فِيهَا، وَلَتُخْبِرَنَّ إِخْوَتَكَ بِصَنِيعِهِمْ هَذَا فِي حَالٍ أَنْتَ فِيهَا
عَزِيزٌ، وَهُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَيْك خائفون مِنْك، " وهم لَا يَشْعُرُونَ ".
قَالَ مُجَاهِد وَقَتَادَة: وهم لَا يَشْعُرُونَ بِإِيحَاءِ اللَّهِ إِلَيْهِ ذَلِكَ.
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " وهم لَا يَشْعُ
وَرَدَ الْمَاءَ الْمَذْكُورَ " وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ * وَوَجَدَ مِنْ دونهم امْرَأتَيْنِ تذودان " أَي تكفكفان [عَنْهُمَا (1) ] غَنَمَهُمَا أَنْ تَخْتَلِطَ بِغَنَمِ النَّاسِ.
وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ أَنَّهُنَّ كُنَّ سَبْعَ بَنَاتٍ، وَهَذَا أَيْضًا من الْغَلَط، ولعلهن كن سبعا (2) ، وَلَكِنْ إِنَّمَا كَانَ تَسْقِي اثْنَتَانِ مِنْهُنَّ، وَهَذَا الْجمع مُمكن إِن كَانَ ذَاك مَحْفُوظًا، وَإِلَّا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى بِنْتَيْنِ " قَالَ مَا خَطْبُكُمَا؟ قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ " أَي لَا نقدر على وُرُود الْمَاءِ إِلَّا بَعْدَ صُدُورِ الرِّعَاءِ، لِضَعْفِنَا، وَسَبَبُ مُبَاشَرَتِنَا هَذِهِ الرَّعِيَّةَ ضَعْفُ أَبِينَا وَكِبَرُهُ.
وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِم وَغَيره من الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ: أَنَّ صَاحِبَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ هَذَا، اسْمُهُ شُعَيْبٌ، وَكَانَ سَيِّدَ الْمَاءِ،
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: " لَمَّا دَعَا نَبِيُّ اللَّهِ مُوسَى صَاحِبَهُ إِلَى الْأَجَلِ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمَا، قَالَ لَهُ صَاحبه: كل شَاة ولدت على غير لَوْنهَا فلك وَلَدهَا، فَعمد مُوسَى فَوضع حِبَالًا (7) على المَاء فَلَمَّا رَأَتْ الحبال فَزِعَتْ فَجَالَتْ جَوْلَةً فَوَلَدْنَ كُلُّهُنَّ بُلْقًا إِلَّا شَاة وَاحِدَة، فَذهب بأولادهن [كُلهنَّ] (8) ذَلِك الْعَام " وَهَذَا إِسْنَاد [جيد (9) ] رِجَاله ثِقَات، وَالله أعلم.
____
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: " فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ، آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قوما مجرمين " أَمَّا الطُّوفَانُ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ كَثْرَةُ الامطار المغرقة الْمُتْلِفَةِ لِلزُّرُوعِ وَالثِّمَارِ،
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الطُّوفَانُ الْمَاءُ وَالطَّاعُونُ عَلَى كُلِّ حَالٍ،
فَأَرْسَلَ الطُّوفَانَ (1) ]- وَهُوَ الْمَاءُ - فَفَاضَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ثُمَّ رَكَدَ، لَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يَحْرُثُوا وَلَا أَنْ يَعْمَلُوا شَيْئًا، حَتَّى جُهِدُوا جوعا.
قَالُوا: وَأَمَرَ اللَّهُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَضْرِبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ، وَأَنْ يَقْسِمَهُ لِيَدْخُلَ بَنُو إِسْرَائِيلَ فِي الْبَحْرِ وَالْيَبَسِ.
وَصَارَ الْمَاءُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا كَالْجَبَلَيْنِ، وَصَارَ وَسَطُهُ يَبَسًا، لِأَنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَيْهِ رِيحَ الْجَنُوبِ وَالسَّمُومِ.
فَجَازَ بَنُو إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ وَأَتْبَعُهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ، فَلَمَّا تَوَسَّطُوهُ أَمَرَ اللَّهُ مُوسَى فَضَرَبَ الْبَحْرَ بِعَصَاهُ، فَرَجَعَ الْمَاءُ كَمَا كَانَ عَلَيْهِمْ لَكِنَّ عِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ: أَنَّ هَذَا كَانَ فِي اللَّيْلِ، وَأَنَّ الْبَحْرَ ارْتَطَمَ عَلَيْهِمْ عِنْدَ الصُّبْحِ.
فَذكر تَعَالَى إِنْعَامَهُ عَلَيْهِمْ، وَإِحْسَانَهُ إِلَيْهِمْ، بِمَا يَسَّرَ لَهُمْ مِنَ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى، طَعَامَيْنِ شَهِيَّيْنِ بِلَا كُلْفَةٍ وَلَا سَعْيٍ لَهُمْ فِيهِ، بَلْ يُنَزِّلُ اللَّهُ الْمَنَّ بَاكِرًا، وَيُرْسِلُ عَلَيْهِمْ طَيْرَ السَّلْوَى عشيا، وأنبع المَاء لَهُم، يضْرب مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَجَرًا كَانُوا يَحْمِلُونَهُ مَعَهُمْ بِالْعَصَا، فَتَفَجَّرَ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا، لِكُلِّ سبط عين مِنْهُ تنبجس، ثمَّ تتفجر مَاء زلالا فيستقون [فيشربون (1) ] وَيَسْقُونَ دَوَابَّهُمْ، وَيَدَّخِرُونَ كِفَايَتَهُمْ، وَظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ مِنَ الْحَرِّ.
قَالَ سُفْيَانُ: وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ عَمْرٍو قَالَ: وَفِي أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا الْحَيَاةُ، لَا يُصِيب من مَائِهَا شئ إِلَّا حَيِيَ، فَأَصَابَ الْحُوتُ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْعين، قَالَ: فَتحَرك وانسل من المكتل فَدخل الْبَحْرَ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ " قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ آتِنَا غداءنا لقد لَقينَا " الْآيَة "
قَالَ بَيْنَمَا هُوَ فِي ظِلِّ صَخْرَةٍ فِي مَكَانٍ ثَرْيَانَ (1) إِذْ تَضَرَّبَ (2) الْحُوتُ وَمُوسَى نَائِمٌ، فَقَالَ فَتَاهَ لَا أُوقِظُهُ، حَتَّى إِذَا اسْتَيْقَظَ نَسِيَ أَنْ يُخْبِرَهُ، وَتَضَرَّبَ الْحُوتُ حَتَّى دَخَلَ الْبَحْرَ فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جَرْيَةَ الْبَحْرِ حَتَّى كَأَنَّ أَثَرَهُ فِي حَجَرٍ، قَالَ لِي عَمْرٌو: هَكَذَا، كَأَنَّ أَثَره فِي حجر وَحلق بَين إيهاميه وَاللَّتَيْنِ تَلِيَانِهِمَا.
وَذَلِكَ أَنَّ الطُّيُورَ كَانَ عَلَى كُلِّ صنف مِنْهَا مقدمون يقدمُونَ بِمَا يُطْلَبُ مِنْهُمْ وَيَحْضُرُونَ عِنْدَهُ بِالنَّوْبَةِ كَمَا هِيَ عَادَةُ الْجُنُودِ مَعَ الْمُلُوكِ، وَكَانَتْ وَظِيفَةُ الْهُدْهُدِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا أَعْوَزُوا الْمَاءَ فِي الْقِفَارِ فِي حَال الاسفار يجِئ فَيَنْظُرُ لَهُمْ هَلْ بِهَذِهِ الْبِقَاعِ مِنْ مَاءٍ، وَفِيهِ مِنَ الْقُوَّةِ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْمَاءِ تَحْتَ تُخُومِ الْأَرْضِ، فَإِذَا دَلَّهُمْ عَلَيْهِ حَفَرُوا عَنْهُ (1) وَاسْتَنْبَطُوهُ وَأَخْرَجُوهُ [وَاسْتَعْمَلُوهُ (2) ] لِحَاجَتِهِمْ.
فَلَمَّا تَطَلَّبَهُ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَدَهُ وَلَمْ يَجِدْهُ فِي مَوْضِعه من مَحل
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ فِي كِتَابِ الْقَدَرِ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ خَيْثَمَة، قَالَ: قَالَ سُلَيْمَان
ابْن دَاوُدَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَقْبِضَ رُوحِي فَأَعْلِمْنِي قَالَ: مَا أَنَا أعلم بِذَاكَ مِنْك إِنَّمَا هِيَ كتب يلقى إِلَيَّ فِيهَا تَسْمِيَةُ مَنْ يَمُوتُ.
وَقَالَ أَصْبَغُ بْنُ الْفَرَجِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: قَالَ سُلَيْمَانُ لِمَلَكِ الْمَوْتِ: إِذَا أُمِرْتَ بِي فَأَعْلمنِي، فَأَتَاهُ فَقَالَ:
يَا سُلَيْمَانُ قَدْ أُمِرْتُ بِكَ قَدْ بَقِيَتْ لَكَ سُوَيْعَةٌ.
فَدَعَا الشَّيَاطِينَ فَبَنَوْا عَلَيْهِ صَرْحًا مِنْ قَوَارِيرَ لَيْسَ لَهُ بَابٌ، فَقَامَ يُصَلِّي فَاتَّكَأَ عَلَى عَصَاهُ قَالَ: فَدَخَلَ عَلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَبَضَ رُوحَهُ وَهُوَ مُتَوَكِّئٌ عَلَى عَصَاهُ وَلَمْ يَصْنَعْ ذَلِكَ فِرَارًا مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ.
الْحَوْض الَّذِي يجبى فِيهِ المَاء،
فَطَلَبُوا أَنْ يَقْتَرِعُوا مَرَّةً ثَانِيَةً وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِأَنْ يُلْقُوا أَقْلَامَهُمْ فِي النَّهْرِ فَأَيُّهُمْ جَرَى قَلَمُهُ عَلَى خِلَافِ جَرْيَةِ الْمَاءِ (2) فَهُوَ الْغَالِبُ فَفَعَلُوا فَكَانَ قَلَمُ زَكَرِيَّا هُوَ الَّذِي جَرَى عَلَى خِلَافِ جَرْيَةِ الْمَاءِ، وَسَارَتْ أَقْلَامُهُمْ مَعَ الْمَاءِ ثُمَّ طَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يَقْتَرِعُوا ثَالِثَةً فَأَيهمْ جرى قلمه مَعَ المَاء وَيكون بَقِيَّةُ الْأَقْلَامِ قَدِ انْعَكَسَ سَيْرُهَا صُعُدًا [فَهُوَ الْغَالِبُ فَفَعَلُوا (1) ] فَكَانَ زَكَرِيَّا هُوَ الْغَالِبَ لَهُمْ فَكَفَلَهَا إِذْ كَانَ أَحَقَّ بِهَا شَرْعًا وَقَدَرًا لِوُجُوهٍ عَدِيدَةٍ.
رَبْوَةٌ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُرْتَفِعُ مِنَ الْأَرْضِ الَّذِي أَعْلَاهُ مستو يقر عَلَيْهِ وارتفاعه متسع، وَمَعَ علوه فِيهِ عُيُون المَاء الْمعِين، وَهُوَ الْجَارِي السَّارِحُ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَقِيلَ الْمُرَادُ الْمَكَانُ الَّذِي وَلَدَتْ فِيهِ الْمَسِيحَ وَهُوَ نَخْلَة (1) بَيت الْمُقَدّس، وَلِهَذَا " ناداها مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتك سريا " وَهُوَ النَّهْرُ الصَّغِيرُ فِي قَوْلِ جُمْهُورِ السَّلَفِ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ أَنَّهَا أَنْهَارُ دِمَشْقَ فَلَعَلَّهُ أَرَادَ تَشْبِيهَ ذَلِكَ الْمَكَانِ بِأَنْهَارِ دمشق.
نَبِيَّهُمْ عِيسَى فَقِيلَ لَهُمْ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْبَحْرِ، فَانْطَلَقُوا يَطْلُبُونَهُ فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى الْبَحْرِ إِذَا هُوَ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ يَرْفَعُهُ الْمَوْجُ مَرَّةً وَيَضَعُهُ أُخْرَى، وَعَلَيْهِ كِسَاءٌ مُرْتَدٍ بِنِصْفِهِ وَمُؤْتَزِرٌ بِنِصْفِهِ، حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِمْ فَقَالَ لَهُ بَعضهم، قَالَ أَبُو هِلَال ظنت أَنه من أفاضلهم: أَلا أجئ إِلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ؟ قَالَ بَلَى.
قَالَ: فَوَضَعَ إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْمَاءِ ثُمَّ ذَهَبَ لِيَضَعَ الْأُخْرَى فَقَالَ: أَوَّهْ غَرِقْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ.
فَقَالَ: أَرِنِي يَدَكَ يَا قَصِيرَ الْإِيمَانِ، لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ مِنَ الْيَقِينِ قَدْرَ شَعِيرَةٍ مَشَى عَلَى الْمَاءِ!
وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْريّ: قَالَ عِيسَى بن مَرْيَمَ: لَا يَسْتَقِيمُ حُبُّ الدُّنْيَا وَحُبُّ الْآخِرَةِ فِي قَلْبِ مُؤْمِنٍ كَمَا لَا يَسْتَقِيمُ الْمَاءُ وَالنَّارُ فِي إِنَاءٍ.
وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ عَنْ دَاوُدَ بْنِ رَشِيدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّوفِيِّ قَالَ: قَالَ عِيسَى: طَالِبُ الدُّنْيَا مِثْلُ شَارِبِ مَاءِ الْبَحْرِ، كُلَّمَا ازْدَادَ شُرْبًا ازْدَادَ عَطَشًا حَتَّى يَقْتُلَهُ.
لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَتَّخِذ
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، عَنِ الحَسَنِ قالَ: كانَ تَنُّورًا مِن حِجارَةٍ كانَ لِحَوّاءَ حَتّى صارَ إلى نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ فَقِيلَ لَهُ: إذا رَأيْتَ الماءَ يَفُورُ مِنَ التَّنُّورِ فارْكَبْ أنْتَ وأصْحابُكَ.
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ والحاكِمُ وصَحَّحَهُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: كانَ بَيْنَ دَعْوَةِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ وبَيْنَ هَلاكِ قَوْمِهِ ثَلاثُمِائَةِ سَنَةٍ وكانَ فارَ التَّنُّورُ بِالهِنْدِ وطافَتْ سَفِينَةُ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلامُ بِالبَيْتِ
أُسْبُوعًا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ( ﴿وفارَ التَّنُّورُ﴾ ) قالَ: العَيْنُ الَّتِي بِالجَزِيرَةِ عَيْنُ الوَرْدَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: فارَ التَّنُّورُ مِن مَسْجِدِ الكُوفَةِ مِن قِبَلِ أبْوابِ كِنْدَةَ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ حَبَّةَ العُرَنِيِّ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى عَلِيٍّ فَقالَ: إنِّي قَدِ اشْتَرَيْتُ راحِلَةً وفَرَغْتُ مِن زادِي أُرِيدُ بَيْتَ المَقْدِسِ لِأُصَلِّيَ فِيهِ فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ: بِعْ راحِلَتَكَ، وكُلْ زادَكَ، وصَلِّ في هَذا المَسْجِدِ، فَإنَّهُ قَدْ صَلّى فِيهِ سَبْعُونَ نَبِيًّا ومِنهُ فارَ التَّنُّورُ
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ مِن طَرِيقِ الشَّعْبِيِّ عَنْ عَلِيٍّ قالَ: والَّذِي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرَأ النَّسَمَةَ إنَّ مَسْجِدَكم هَذا لَرابِعُ أرْبَعَةٍ مِن مَساجِدِ المُسْلِمِينَ ولَرَكْعَتانِ فِيهِ أحَبُّ إلى اللَّهِ مِن عَشْرٍ فِيما سِواهُ إلّا المَسْجِدَ الحَرامَ ومَسْجِدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالمَدِينَةِ وإنَّ مِن جانِبِهِ الأيْمَنِ مُسْتَقْبَلَ القِبْلَةِ فارَ التَّنُّورُ.
وأخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: التَّنُّورُ وجْهُ الأرْضِ
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ قَتادَةَ ( ﴿وفارَ التَّنُّورُ﴾ ) قالَ: أعْلى الأرْضِ وأشْرَفُها وكانَ عَلَمًا فِيما بَيْنَ نُوحٍ وبَيْنَ رَبِّهِ عَزَّ وجَلَّ.
وأخْرَجَ ابْنُ إسْحاقَ، وابْنُ عَساكِرَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ قالَ: فارَ الماءُ مِنَ التَّنُّورِ مِن دارِ نُوحٍ مِن تَنُّورٍ تَخْتَبِزُ فِيهِ ابْنَتُهُ وكانَ نُوحٌ يَتَوَقَّعُ ذَلِكَ إذْ جاءَتْهُ ابْنَتُهُ فَقالَتْ: يا أبَتِ قَدْ فارَ الماءُ مِنَ التَّنُّورِ،
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ، عَنْ بَسْطامِ بْنِ مُسْلِمٍ قالَ: قُلْتُ لِمُعاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ إنَّ قَتادَةَ إذا أتى عَلى هَذِهِ الآيَةِ قالَ: هي أعْلى الأرْضِ وأشْرَفُها فَقالَ: اللَّهُ أعْلَمُ أمّا أنا فَسَمِعْتُ مِنهُ بِحَدِيثَيْنِ فاللَّهُ أعْلَمُ، قالَ بَعْضُهم: فارَ مِنهُ الماءُ، وقالَ بَعْضُهم:
فارَتْ مِنهُ النّارُ
فَكانَ قَدْرُ كُلِّ قَطْرَةٍ مِثْلَ ما يَجْرِي مِن فَمِ القِرْبَةِ فَلَمْ يَبْقَ عَلى ظَهْرِ الأرْضِ شَيْءٌ إلّا هَلَكَ يَوْمَئِذٍ إلّا ما في السَّفِينَةِ ولَمْ يَدْخُلِ الحَرَمَ مِنهُ شَيْءٌ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الطُّوفانُ الغَرَقُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: الطُّوفانُ أنْ مُطِرُوا دائِمًا بِاللَّيْلِ والنَّهارِ [١٧٠ ظ] ثَمانِيَةَ أيّامٍ مِنَ السَّبْتِ إلى السَّبْتِ فدخل الماء بيوتهم ومكث فيهم
في ظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ لَمْ يَسْتَطِعْ أحَدٌ لَها أنْ يَخْرُجَ مِن بَيْتِهِ فَدَخَلَ الماءُ بُيُوتَهم حَتّى قامُوا فِيهِ إلى تَراقِيهِمْ ولَمْ يَدْخُلْ بُيُوتَ بَنِي إسْرائِيلَ مِنهُ قَطْرَةٌ، وكانَتْ مُشْتَبِكَةً في بُيُوتِهِمْ
فَفَاضَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ ثُمَّ رَكَدَ، لَا يَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ يَحْرُثُوا وَلَا يَعْمَلُوا شَيْئًا، حَتَّى جَهِدُوا جُوعًا
وأخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: أرْسَلَ اللَّهُ عَلى قَوْمِ فِرْعَوْنَ الطُّوفانَ - وهو المَطَرُ - فَقالُوا: يا مُوسى ادْعُ لَنا رَبَّكَ يَكْشِفْ عَنّا المَطَرَ فَنُؤْمِنَ لَكَ ونُرْسِلَ مَعَكَ بَنِي إسْرائِيلَ، فَدَعا رَبَّهُ فَكَشَفَ عَنْهم، فَأنْبَتَ اللَّهُ لَهم في تِلْكَ السَّنَةِ شَيْئًا لَمْ يُنْبِتْهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الزَّرْعِ والكَلَأِ، فَقالُوا: هَذا ما كُنّا نَتَمَنّى، فَأرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَرادَ، فَسَلَّطَهُ عَلَيْهِمْ،من نثرة الحوت فاكلوا ابوابهم ومساميرهم فَلَمّا رَأوْهُ عَرَفُوا أنَّهُ لا يُبْقِي الزَّرْعَ قالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، فَدَعا رَبَّهُ فَكَشَفَ عَنْهُمُ الجَرادَ، فَداسُوهُ وأحْرَزُوهُ في البُيُوتِ، فَقالُوا: قَدْ أحْرَزْنا، فَأرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ القَمْلَ: وهو السُّوسُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الحِنْطَةِ، فَكانَ الرَّجُلُ يَخْرُجُ بِالحِنْطَةِ عَشَرَةَ أجْرِبَةٍ إلى الرَّحى، فَلا يَرُدُّ مِنها بِثَلاثَةِ أقْفِزَةٍ، فَقالُوا مِثْلَ ذَلِكَ فَكَشَفَ عَنْهم، فَأبَوْا أنْ يُرْسِلُوا مَعَهُ بَنِي إسْرائِيلَ، فَبَيْنا مُوسى عِنْدَ فِرْعَوْنَ إذْ سَمِعَ نَقِيقَ ضِفْدَعٍ مَن نَهْرٍ فَقالَ: يا فِرْعَوْنَ ما تَلْقى أنْتَ وقَوْمُكَ مِن هَذا الضِّفْدَعِ ؟ فَقالَ: وما عَسى أنْ يَكُونَ عِنْدَ هَذا الضِّفْدَعِ فَما أمْسَوْا حَتّى كانَ الرَّجُلُ يَجْلِسُ إلى ذَقَنِهِ في الضَّفادِعِ، وما مِنهم مَن أحَدٍ يَتَكَلَّمُ إلّا وثَبَ ضِفْدَعٌ في فِيهِ، وما مِن شَيْءٍ مِن آنِيَتِهِمْ إلّا وهي مُمْتَلِئَةٌ مِنَ الضَّفادِعِ، فَقالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، فَكَشَفَ عَنْهم فَلَمْ فَأرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الدَّمَ، فَصارَتْ أنْهارُهم دَمًا، وصارَتْ آبارُهم دَمًا، فَشَكَوْا إلى فِرْعَوْنَ ذَلِكَ، فَقالَ: ويَحْكُمُ، قَدْ سَحَرَكم. فَقالُوا: لَيْسَ نَجِدُ مِن مائِنا شَيْئًا في إناءٍ ولا بِئْرٍ ولا نَهْرٍ إلّا ونَجِدُهُ طَعْمَ الدَّمِ العَبِيطِ، فَقالَ فِرْعَوْنُ: يا مُوسى، ادْعُ لَنا رَبَّكَ يَكْشِفْ عَنْهم فَكَشَفَ عَنْهُمُ الدَّمَ، فَلَمْ يَفُوا.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي شَيْبَةَ، وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ، عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿فَأرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ﴾، قالَ: الماءَ والطّاعُونَ
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنْ قَتادَةَ قالَ: أرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الدَّمَ، فَكانُوا لا يَغْتَرِفُونَ مِن مائِهِمْ إلّا دَمًا أحْمَرَ، حَتّى لَقَدْ ذُكِرَ لَنا أنَّ فِرْعَوْنَ كانَ يَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ عَلى الإناءِ الواحِدِ؛ القِبْطِيِّ والإسْرائِيلِيِّ، فَيَكُونُ ما يَلِي الإسْرائِيلِيَّ ماءً، وما يَلِي القِبْطِيَّ دَمًا.
وَأَرْسَلَ(٤٢) اللَّهُ عَلَيْهِمُ الدَّمَ، فَكَانُوا مَا اسْتَقَوْا مِنَ الْأَنْهَارِ وَالْآبَارِ، وَمَا كَانَ فِي أَوْعِيَتِهِمْ، وَجَدُوهُ دَمًا عَبِيطًا، فَشَكَوَا إِلَى فِرْعَوْنَ، فَقَالُوا: إِنَّا قَدِ ابْتُلِينَا بِالدَّمِ، وَلَيْسَ لَنَا شَرَابٌ. فَقَالَ: إِنَّهُ قَدْ سَحَرَكُمْ!! فَقَالُوا: مِنْ أَيْنَ سَحَرَنَا، وَنَحْنُ لَا نُجِدُ فِي أَوْعِيَتِنَا شَيْئًا مِنَ الْمَاءِ إِلَّا وَجَدْنَاهُ دَمًا عَبِيطًا؟ فَأَتَوْهُ وَقَالُوا: يَا مُوسَى، ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يَكْشِفْ عَنَّا هَذَا الدَّمَ فَنُؤْمِنَ بِكَ(٤٣) وَنُرْسِلَ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ. فَدَعَا رَبَّهُ، فَكَشَفَ عَنْهُمْ، فَلَمْ يُؤْمِنُوا، وَلَمْ يُرْسِلُوا مَعَهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ(٤٤)وفِي رِوايَةِ أبِي الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: أنَّهُ مَكَثَ عَلَيْهِ السَّلامُ بَعْدَ أنْ غَلَبَ أرْبَعِينَ سَنَةً يُرِيهِمْ ما ذُكِرَ، ورَأيْتُ في مُسامَراتِ الشَّيْخِ ابْنِ العَرَبِيِّ -قُدِّسَ سِرُّهُ- أنَّ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ مَكَثَ يُنْذِرُ آلَ فِرْعَوْنَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا إلى أنْ أُغْرِقُوا
حَتّى كانَ الرَّجُلُ مِنهم لا يَرى شَمْسًا ولا قَمَرًا ولا يَسْتَطِيعُ الخُرُوجَ مِن دارِهِ وجاءَهُمُ الغَرَقُ، فَصَرَخُوا إلى فِرْعَوْنَ واسْتَغاثُوا بِهِ، فَأرْسَلَ إلى مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ وقالَ: اكْشِفْ عَنّا العَذابَ فَقَدْ صارَتْ مِصْرُ بَحْرًا واحِدًا، فَإنْ كَشَفْتَ هَذا العَذابَ آمَنّا بِكَ، فَأزالَ اللَّهُ عَنْهُمُ المَطَرَ، وأرْسَلَ الرِّياحَ فَجَفَّفَتِ الأرْضَ، وخَرَجَ مِنَ النَّباتِ ما لَمْ يَرَوْا مِثْلَهُ قَطُّ.
فَأرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الجَرادَ، فَأكَلَ النَّباتَ وعَظُمَ الأمْرُ عَلَيْهِمْ حَتّى صارَتْ عِنْدَ طَيَرانِها تُغَطِّي الشَّمْسَ، ووَقَعَ بَعْضُها عَلى بَعْضٍ في الأرْضِ ذِراعًا، فَأكَلَتِ النَّباتَ، فَصَرَخَ أهْلُ مِصْرَ، فَدَعا مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، فَأرْسَلَ اللَّهُ تَعالى رِيحًا فاحْتَمَلَتِ الجَرادَ، فَألْقَتْهُ في البَحْرِ، فَنَظَرَ أهْلُ مِصْرَ إلى أنَّ بَقِيَّةً مِن كَلَئِهِمْ وزَرْعِهِمْ تَكْفِيهِمْ. فَقالُوا: هَذا الَّذِي بَقِيَ يَكْفِينا ولا نُؤْمِنُ بِكَ. فَأرْسَلَ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَيْهِمُ القُمَّلَ، سَبْتًا إلى سَبْتٍ، فَلَمْ يَبْقَ في أرْضِهِمْ عُودًا أخْضَرَ إلّا أكْلَتْهُ، فَصاحُوا وسَألَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ رَبَّهُ، فَأرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْها رِيحًا حارَّةً فَأحْرَقَتْها، واحْتَمَلَتْها الرِّيحُ فَألْقَتْها في البَحْرِ، فَلَمْ يُؤْمِنُوا، فَأرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الضَّفادِعَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَخَرَجَ مِنَ البَحْرِ مِثْلَ اللَّيْلِ الدّامِسِ، ووَقَعَ في الثِّيابِ والأطْعِمَةِ، فَكانَ الرَّجُلُ مِنهم يَسْقُطُ وعَلى رَأْسِهِ ذِراعٌ مِنَ الضَّفادِعِ، فَصَرَخُوا إلى مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، وحَلَفُوا بِإلَهِهِ لَئِنْ رَفَعْتَ عَنّا هَذا العَذابَ لَنُؤْمِنَنَّ بِكَ، فَدَعا اللَّهُ تَعالى فَأماتَ الضَّفادِعَ، وأرْسَلَ عَلَيْها المَطَرَ فَحَمَلَتْها إلى البَحْرِ
ثُمَّ رَوَاهُ(٣٤) الْبُخَارِيُّ عَنْ قُتَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيينة .
قَالَ سُفْيَانُ: وَفِي حَدِيثِ غَيْرِ(٣٦) عَمْرٍو قَالَ: وَفِي أَصْلِ الصَّخْرَةِ عَيْنٌ يُقَالُ لَهَا: الْحَيَاةُ، لَا يُصِيبُ مِنْ مَائِهَا شَيْءٌ إِلَّا حُيِيَ: فَأَصَابَ(٣٧) الْحُوتَ مِنْ مَاءِ تِلْكَ الْعَيْنِ، قَالَ، فَتَحَرَّكَ وَانْسَلَّ مِنَ الْمِكْتَلِ
قَالَ الْفَتَى: لَقَدْ رَأَيْتُ الْحُوتَ حِينَ اتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا فَأَعْجَبَ ذَلِكَ مُوسَى، فَرَجَعَ حَتَّى أَتَى الصَّخْرَةَ، فَوَجَدَ الْحُوتَ، فَجُعِلَ الْحُوتُ يَضْرِبُ فِي الْبَحْرِ وَيَتْبَعُهُ مُوسَى، وَجَعْلَ مُوسَى يُقَدِّمُ عَصَاهُ يُفَرِّجُ بِهَا عَنْهُ الْمَاءَ يَتْبَعُ(٨٩) الْحُوتَ، وَجَعَلَ الْحُوتُ لَا يَمَسُّ شَيْئًا مِنَ الْبَحْرِ إِلَّا يَبِسَ، حَتَّى يَكُونَ صَخْرَةً(٩٠) ، فَجَعَلَ نَبِيُّ اللَّهِ يَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى انْتَهَى بِهِ الْحُوتُ إِلَى جَزِيرَةٍ مِنْ جَزَائِرِ الْبَحْرِ، فَلَقِيَ الْخَضِرَ بِهَا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ الْخَضِرُ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ، وَأَنَّى يَكُونُ السَّلَامُ بِهَذِهِ(٩١) الْأَرْضِ؟ وَمَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا مُوسَى. فَقَالَ(٩٢) الْخَضِرُ: أَصَاحِبُ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ [قَالَ: نَعَمْ](٩٣) فَرَحَّبَ بِهِ وَقَالَ: مَا جَاءَ(٩٤) بِكَ؟ قال جئتك ﴿عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رشدا
وَقَالَ قَتَادَةُ: جَمَدَ الْمَاءُ فَصَارَ كَالسَّرَبِ. وَجُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ الْحُوتَ بَقِيَ مَوْضِعُ سُلُوكِهِ فَارِغًا، وَأَنَّ مُوسَى مَشَى عَلَيْهِ مُتَّبِعًا لِلْحُوتِ، حَتَّى أَفْضَى بِهِ الطَّرِيقُ إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ، وَفِيهَا وَجَدَ الْخَضِرَ
سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الْجَوْهَرِيَّ يَقُولُ فِي وَعْظِهِ: مَشَى مُوسَى إِلَى الْمُنَاجَاةِ فَبَقِيَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى طَعَامٍ، وَلَمَّا مَشَى إِلَى بشر لحقه الجوع في بعض يوم. وقوله: (نَصَباً) أَيْ تَعَبًا، وَالنَّصَبُ التَّعَبُ وَالْمَشَقَّةُ. وَقِيلَ: عَنَى بِهِ هُنَا الْجُوعَ، وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْإِخْبَارِ بِمَا يَجِدُهُ الْإِنْسَانُ مِنَ الْأَلَمِ وَالْأَمْرَاضِ
وَذَكَرَ صَاحِبُ كِتَابِ "الْعَرُوسِ" أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ تَوَضَّأَ مِنْ عَيْنِ الْحَيَاةِ فَقَطَرَتْ مِنْ لِحْيَتِهِ عَلَى الْحُوتِ قَطْرَةٌ فَحَيِيَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وأخْرَجَ اِبْنُ عَساكِرَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: «“شَمَمْتُ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي رائِحَةً طَيِّبَةً فَقُلْتُ: يا جِبْرِيلُ، ما هَذِهِ الرّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ؟ قالَ: رِيحُ قَبْرِ الماشِطَةِ وابْنَيْها وزَوْجِها. وكانَ بَدْءُ ذَلِكَ أنَّ الخَضِرَ كانَ مِن أشْرافِ بَنِي إسْرائِيلَ، وكانَ مَمَرُّهُ بِراهِبٍ في صَوْمَعَةٍ، فَيَطْلُعُ عَلَيْهِ الرّاهِبُ فَيُعَلِّمُهُ الإسْلامَ، وأخَذَ عَلَيْهِ ألّا يُعَلِّمَهُ أحَدًا، ثُمَّ إنَّ أباهُ زَوَّجَهُ اِمْرَأةً فَعَلَّمَها الإسْلامَ، وأخَذَ عَلَيْها ألّا تُعَلِّمَهُ أحَدًا، وكانَ لا يَقْرَبُ النِّساءَ، ثُمَّ زَوَّجَهُ أُخْرى فَعَلَّمَها الإسْلامَ، وأخَذَ عَلَيْها ألّا تُعَلِّمَهُ أحَدًا، ثُمَّ طَلَّقَها فَأفْشَتْ عَلَيْهِ إحْداهُما وكَتَمَتِ الأُخْرى، فَخَرَجَ هارِبًا حَتّى أتى جَزِيرَةً في البَحْرِ، فَرَآهُ رَجُلانِ، فَأفْشى عَلَيْهِ أحَدُهُما وكَتَمَ الآخَرُ، فَقِيلَ لَهُ: ومَن رَآهُ مَعَكَ؟ قالَ: فُلانٌ. وكانَ في دِينِهِمْ أنَّ مَن كَذَبَ قُتِلَ، فَسُئِلَ فَكَتَمَ، فَقُتِلَ الَّذِي أفْشى عَلَيْهِ، ثُمَّ تَزَوَّجَ الكاتِمُ عَلَيْهِ المَرْأةَ الكاتِمَةَ، فَبَيْنا هي تَمْشُطُ اِبْنَةَ فِرْعَوْنَ إذْ سَقَطَ المُشْطُ مِن يَدِها، فَقالَتْ: تَعِسَ فِرْعَوْنُ. فَأخْبَرَتِ الجارِيَةُ أباها، فَأرْسَلَ إلى المَرْأةِ وابْنِها وزَوْجِها، فَأرادَهم أنْ يَرْجِعُوا عَنْ دِينِهِمْ فَأبَوْا، فَقالَ: إنِّي قاتِلُكم. قالُوا: أحْبَبْنا مِنكَ إنْ أنْتَ قَتَلْتَنا أنْ تَجْعَلَنا في قَبْرٍ واحِدٍ. فَقَتَلَهم
وجَعَلَهم في قَبْرٍ واحِدٍ”. فَقالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ:“ما شَمَمْتُ رائِحَةً أطْيَبَ مِنها وقَدْ دَخَلْتُ الجَنَّةَ”» .
وأخْرَجَ اِبْنُ أبِي حاتِمٍ عَنِ الرَّبِيعِ بْنِ أنَسٍ قالَ: قالَ مُوسى لِفَتاهُ يُوشَعَ بْنِ نُونٍ: ﴿لا أبْرَحُ حَتّى أبْلُغَ مَجْمَعَ البَحْرَيْنِ﴾ . فاصْطادا حُوتًا فاِتَّخَذاهُ زادًا، واسْتَقى ماءً، حَتّى اِنْتَهَيا إلى الصَّخْرَةِ الَّتِي إيّاها أرادا، هاجَتْ رِيحٌ، فاشْتَبَهَ عَلَيْهِ المَكانُ، ونَسِيا عَلَيْهِ الحُوتَ، ثُمَّ ذَهَبا فَسارا حَتّى اِشْتَهَيا الطَّعامَ، فَقالَ لِفَتاهُ: ﴿آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِن سَفَرِنا هَذا نَصَبًا﴾ . يَعْنِي جَهْدًا في السَّيْرِ. فَقالَ الفَتى لِمُوسى: ﴿أرَأيْت إذْ أوَيْنا إلى الصَّخْرَةِ فَإنِّي نَسِيت الحُوت وما أنْسانِيهِ إلّا الشَّيْطانُ أنْ أذْكُرَهُ﴾ . قالَ: فَسَمِعْنا عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ، أنَّهُ حَدَّثَ عَنْ رِجالٍ مِن عُلَماءِ أهْلِ الكِتابِ، أنَّ مُوسى دَعا رَبَّهُ فَسَألَهُ ومَعَهُ ماءٌ عَذْبٌ في سِقاءٍ، فَصَبَّ مِن ذَلِكَ الماءِ في البَحْرِ، وانْصَبَّ عَلى أثَرِهِ، فَصارَ حَجَرًا أبْيَضَ أجْوَفَ، فَأخَذَ فِيهِ حَتّى اِنْتَهى إلى الصَّخْرَةِ الَّتِي أرادَ، فَصَعِدَها وهو مُتَشَرِّفٌ، هَلْ يَرى ذَلِكَ الرَّجُلَ؟ حَتّى كادَ يُسِيءُ الظَّنَّ، ثُمَّ رَآهُ فَقالَ: السَّلامُ عَلَيْكَ يا خَضِرُ. فَقالَ: عَلَيْكَ السَّلامُ يا مُوسى. قالَ: مَن حَدَّثَكَ أنِّي أنا مُوسى
؟ قالَ: حَدَّثَنِي الَّذِي حَدَّثَكَ أنِّي أنا خَضِرٌ. قالَ: إنِّي أُرِيدُ أنْ أصْحَبَكَ ﴿قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أتَّبِعُكَ عَلى أنْ تُعَلِّمَنِي مِمّا عُلِّمْتَ رُشْدًا﴾ وإنَّهُ تَقَدَّمَ إلَيْهِ فَنَصَحَهُ، فَقالَ: ﴿إنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا﴾ ﴿وكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا
وأخْرَجَ اِبْنُ جَرِيرٍ، مِن طَرِيقِ الحَسَنِ بْنِ عُمارَةَ، عَنْ أبِيهِ قالَ: قِيلَ لِابْنِ عَبّاسٍ: لَمْ نَسْمَعْ - يَعْنِي مُوسى - يَذْكُرُ مِن حَدِيثِ فَتاهُ وقَدْ كانَ مَعَهُ؟ فَقالَ اِبْنُ عَبّاسٍ في ما يَذْكُرُ مِن حَدِيثِ الفَتى، قالَ: شَرِبَ الفَتى مِنَ الماءِ فَخُلِّدَ، فَأخَذَهُ العالِمُ فَطابَقَ بِهِ سَفِينَةً، ثُمَّ أرْسَلَهُ في البَحْرِ، فَإنَّها لَتَمُوجُ بِهِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، وذَلِكَ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أنْ يَشْرَبَ مِنهُ.
قالَ اِبْنُ كَثِيرٍ: الحَسَنُ مَتْرُوكٌ، وأبُوهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ
قصة ابراهيم مع خضر لبئر
مجمع البحرين
ذهب بهم الحوت الى جزيرة
بحر في ظلمة
عين تحت الصخرة
بحار تحت الارض
بحار الدنيا السبعة
[عن عبد الله بن عمرو:] لا يركبُ البحرَ إلا حاجٌّ أو معتمرٌ أو غازٍ في سبيلِ اللهِ فإنّ تحت البحرِ نارًا وتحت النّارِ بحرًا.
أبو داود (ت ٢٧٥)، سنن أبي داود ٢٤٨٩ • سكت عنه [وقد قال في رسالته لأهل مكة كل ما سكت عنه فهو صالح]
٢٩- [عن أنس بن مالك:] دَخَلَ رَسولُ اللهِ ﷺ على ابْنَةِ مِلْحانَ، فاتَّكَأَ عِنْدَها، ثُمَّ ضَحِكَ فَقالَتْ: لِمَ تَضْحَكُ يا رَسولَ اللهِ؟ فَقالَ: ناسٌ مِن أُمَّتي يَرْكَبُونَ البَحْرَ الأخْضَرَ في سَبيلِ اللهِ، مَثَلُهُمْ مَثَلُ المُلُوكِ على الأسِرَّةِ، فَقالَتْ: يا رَسولَ اللهِ ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، قالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْها منهمْ، ثُمَّ عادَ فَضَحِكَ، فَقالَتْ له مِثْلَ - أوْ مِمَّ - ذلكَ، فَقالَ لَها مِثْلَ ذلكَ، فَقالَتْ: ادْعُ اللهَ أنْ يَجْعَلَنِي منهمْ، قالَ: أنْتِ مِنَ الأوَّلِينَ، ولَسْتِ مِنَ الآخِرِينَ، قالَ: قالَ أنَسٌ: فَتَزَوَّجَتْ عُبادَةَ بنَ الصّامِتِ فَرَكِبَتِ البَحْرَ مع بنْتِ قَرَظَةَ، فَلَمّا قَفَلَتْ: رَكِبَتْ دابَّتَها، فَوَقَصَتْ بها، فَسَقَطَتْ عَنْها، فَماتَتْ..
البخاري (ت ٢٥٦)، صحيح البخاري ٢٨٧٧ • [صحيح] • أخرجه البخاري (٢٨٧٧، ٢٨٧٨) واللفظ له، ومسلم (١٩١٢) • شرح رواية أخرى
١- [عن أبي حكيم بن معاوية:] في الجَنَّةِ بَحرُ الماءِ، وبَحْرُ اللَّبنِ، وبَحْرُ الخَمْرِ، وبَحْرُ العَسَلِ، ثم تَتفجَّرُ الأنهارُ بَعدُ..
شعيب الأرنؤوط (ت ١٤٣٨)، تخريج سير أعلام النبلاء ٨/٢٧٩ • رجاله ثقات
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني حيي بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمن الحبلي، عن عبد الله بن عمرو، قال: ( إن لجهنم سواحل فيها حيات وعقارب، أعناقها كأعناق البخت ).
المسلم أبو العباس اليعقوبي:
"من أراد الذهاب إلى الصين في البحر قطع سبعة أبحر، كل واحد له لونه الخاص ورياحه وأسماكه ونسيمه، عكس البحر الذي يليه. فأولها بحر عرب الذي يركب فيه من سيراف، وآخره رأس الجمحة، وهو ضيق فيه مغائص اللؤلؤ. والبحر الثاني الذي مبتدأه من رأس الجمحة يقال له لاروي، وهو بحر عظيم، وفيه جزائر الوقواق، وغيرهم من الزنج، وفي تلك الجزائر ملوك، وإنما يسار في هذا البحر بالنجوم، وله سمك عظيم، وفيه عجائب كثيرة وأمور لا توصف. ثم البحر الثالث الذي يقال له هركند، وفيه جزيرة سرنديب، وفيه الجوهر والياقوت وغيره، ولها جزائر فيها ملوك، ولهم ملك عليهم، وفي جزائر هذا البحر الخيزران والقنا. والبحر الرابع يقال له كلاهبار، وهو بحر قليل الماء، وفيه حيات عظام، وربما ركبت الريح فيه، فقطعت المراكب، وفيه جزائر فيها شجر الكافور. والبحر الخامس يقال له سلاهط، وهو بحر عظيم كثير العجائب. والبحر السادس يقال له كردنج، وهو كثير الأمطار. والبحر السابع يقال له بحر صنجي، ويقال له أيضاً كنجلى، وهو بحر الصين، وإنما يسار فيه بريح الجنوب، حتى يصيروا إلى بحر عذب عليه المسالح والعمران، حتى ينتهوا إلى مدينة خانفو."
وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴿٥٠ البقرة﴾
... وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ ... ﴿١٦٤ البقرة﴾
أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ ۖ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿٩٦ المائدة﴾
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَىٰ قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَىٰ أَصْنَامٍ لَّهُمْ ۚ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَـٰهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ ۚ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴿١٣٨ الأعراف﴾
وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴿١٦٣ الأعراف﴾
وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٩٠ يونس﴾
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ۖ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ ﴿٣٢ ابراهيم﴾
وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿١٤ النحل﴾
رَّبُّكُمُ الَّذِي يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ فِي الْبَحْرِ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ ۚ إِنَّهُ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا ﴿٦٦ الإسراء﴾
وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ ۖ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ ۚ وَكَانَ الْإِنسَانُ كَفُورًا ﴿٦٧ الإسراء﴾
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا ﴿٦١ الكهف﴾
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا ﴿٦٣ الكهف﴾
أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدتُّ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا ﴿٧٩ الكهف﴾
قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا ﴿١٠٩ الكهف﴾
وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَّا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَىٰ ﴿٧٧ طه﴾
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ ﴿٦٥ الحج﴾
فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴿٦٣ الشعراء﴾
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُم مِّنْ آيَاتِهِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ﴿٣١ لقمان﴾
وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ﴿٣٢ الشورى﴾
وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْوًا ۖ إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ ﴿٢٤ الدخان﴾
اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴿١٢ الجاثية﴾
وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ ﴿٢٤ الرحمن﴾
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴿٥٩ الأنعام﴾
قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـٰذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴿٦٣ الأنعام﴾
وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴿٩٧ الأنعام﴾
- ذكر مصطلح "البحار السبعة" عند القدماء الهندوس والصينيين والفرس والرومان وثقافات أخرى ، تطور مصطلح "البحار السبعة" ليصبح مصطلحًا رمزيًا لوصف جميع البحار والمحيطات في العالم ، انها بالفعل حقيقة لا يمكن انكارها .
لم يكن مسطلح البحار السبعة مجرد اسطورة فبعض الاساطيرة في البداية و النهاية تبين على انها حقيقة ، و الوصول الى تلك الحقيقة لن يكون سهلا لأصحاب العقول الضعيفة ففي البداية وحتى النهاية التعامل مع القرآن لم يكن صحيحا ابدا لمعظم الناس ، فهناك اشياء لا زلنا نجهلها رغم تطورنا في الآونة الأخيرة ، واذا كنت انا على خطأ فكيف عرف الاقدمون ان هناك بحار سبعة قبل نزول القرآن ، وهذا سؤال جيد جدا لمن يظن ان البشر تطورو من فراغ .
اسطورة البحار السبعة ترافق كل بحار في حياته وتحكى قصصا كثيرة و احد اهم البحار السبعة المعروفة جدا والتي ارتبطت بالاساطير و الروايات هو البحر المظلم او ما تمت تسميته كذالك وتم نسج قصص خيالية كثيرة حول هذا البحر العظيم ، فاين هو البحر المظلم احد البحار السبعة ، ويوجد بحر اخر المعروف للكل بالبحر العذب الفرات فاين يوجد هذا البحر ايضا و البحر الثالث المعروف ايضا بالبحر الملح الاجاج هذه ثلاثة ابحر ذكر منها اثنان في القرآن و الثاث لم يذكر ابدا في القرآن ولكن ذكرو كلهم في آية قال تعالى وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (27) ، وفيه كلام واضح وصريح على ان البحر سبعة ابحر ، وسنبين في هذه الحلقة ان البحار السبع العظيمة حقيقة قرآنية لا جدال فيها.
بعض الآراء تناقشت حول مواقع هذه البحار ولكن لا احد يعلم اين هي وبالطبع لن يعرف اي شخص مكانها لانه يبحث على كرة طائرة محدودة الحجم و المساحة ، فلا وجود لهته البحار على الفقاعة ابدا لا وجود لها الا في ارض عظيمة .
بالتحديد يمكن لاي شخص ان يستنتج اين يوجد البحر الأول وهو البحر الملح الاجاج ، وهو بحرنا الذي يعرفه الكل ، وهناك اشخاص اخرون يعتقدون على وجه الايمان فقط وليس الحقيقة ان البحار السبعة هي البحار التي تم تقسيمها في الوقت الحالي الى سبعة محيطات ، و المعروفة الا ان هذا لا يمكن ان يكون صحيحا ، واذا كان هذا صحيحا فاين هو البحر العذب الفرات؟ ، فانا متأكد انه يوجد من بيننا من يريد ان يتذوق طعمه ويرى عظمته ، الا ان هذا لا يحدث لان البحر العذب الفرات ليس ضمن نطاق رؤيتنا او علمنا حتى .
البحر المظلم احد البحار السبعة العظيمة ، لا يعرف مكانه ابدا ولكنه وبالتأكيد موجود فلقد حكى عنه الكثير وحكوا عن مخلوقاته الغريبة ، وهي تشبه كثيرا المخلوقات التي كتب عنها المسعودي رحمه الله في كتابه اخبار الزمان وعجائب البلدان ، وهو كتاب غريب جدا الا ان فيه بعض الاشياء اللتي تذهل العقل ، وقد سبق وذكرنا ما ذكر عن البحر المحيط وعجائبه في حلقة خاصة ، وقد سمى المسعودي ذالك البحر بالبحر المظلم ايضا وذكر عدة ابحر اخرى ولعلها والله اعلى واعلم من بين الابحر السبعة التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم، وذكر المسعودي ما في هذه البحار من مخلوقات غريبة ، وذكر ان في البحر المظلم يوجد عرش ابليس و الكثير من الأشياء الاخرى ، الا ان ما وصل للمسعودي لا يمكن ان يأخذ على سبيل الحق و اليقين لانه لا دليل على ذالك في واقعنا سوى بعض الاقوال و الروايات التي لا يمكن ان نجزم بها عن حقيقة البحر المظلم .
البحر الاول البحر المالح احد البحار السبعة واولها في القائمة ، وهو بحر ذكر في القرآن الكريم كثيرا ، وهو بحرنا المعروف ، ونقصد بالبحر هنا البحر على الارض كلها لانه بحر واحد وكله ملح اجاج لا يمكن شربه ولكن احل اكله و التوضأ به وذكر النبي صلى الله عليه وسلم انه طاهر وهو البحر الذي احلت ميتته ، يتم الخلط دائما بين المفاهيم الاولية في القرآن الكريم ومنها حقيقة البحر ، فالبحر مصطلح يطلق على الماء الكثير وذكر الله تعالى البحرين على الأرض فقال أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) وهذه اية من ايات الخلق ، وذكر الله البحرين وهما البحر العذب و البحر المالح ، وهما اكثر بحرين يذكران في القرآن بتفصيل عكس البحار الاخرى ، فاذا كان البحر في ارضنا مالح فبطبيعة الحال سيكون بحرا واحدا بوصف واحد وهو انه مالح ، اما البحر الثاني فهو البحر العذب الذي مائه حلو يمكن شربه ، وهذا البحر غير موجود على ارضنا التي نعرفها اذا فهو بحر اخر في مكان اخر وذكر تعالى انه بحر منفصل بحاجز عن البحر المالح وهذا ما يدل على ان البحر في القائمة الثانية هو البحر العذب .
البحر العذب الفرات ، البحر الثاني بعد البحر المالح ، بالنظر في القرآن الكريم فالبحر العذب الفرات هو البحر الذي مائه عذب وشرابه حلو واسماكه و حليه كلها تصلنا بطريقة او بأخرى ، قال تعالى وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ۖ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا ۖ وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12) .
فالبحر العذب تصلنا اسماكه ويصلنا كل شيء فيه اي انه مرتبط ببحرنا هذا بطريقة ما تجعل اسماكه تنتقل بن البحرين ، الا انهما لا يبغيان اي لا يغلب البحر المالح عل العذب او العكس كما ذكر في الآية الكريمة مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ . بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ . فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) الرحمن/19-21. ، والبحران بينهما برزخ عظيم وهو حاجز ذكر في القرآن الكريم ولكن لا نعلم مماذا مكون ولكن اغلب التحليل هو ان الحاجز المقصود به في الآية هو الدائرة القطبية الجنوبية للأرض المسطحة و الغريب في الأمر هو انه في عام 2007 تم اكتشاف شيء غريب تحت الجليد في الدائرة القطبية من قبل العلماء الغربيين وهي شبكة غريبة من الاحجار مباشرة تحت الجليد في وتم اكتشاف ايضا تدفقا كاملا للماء من خلال هذه الشبكات ، قال تعالى وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا ) الفرقان/53.
فالحجر المحجور اي الحجر الكبير العملاق يوجد مباشرة تحت البرزخ و البرزخ هو الدائرة القطبية الجنوبية وهي الحدود المعروفة الآن للأرض الأولى ، و بالتأكيد اشخاص كثر تخطو هذه الحدود الا ان التاريخ لا يذكرهم كثيرا ، من بينهم ذو القرنين الرجل الصالح الذي بنى ردم يأجوج و مأجوج و تبعهم بعثات اخرى وبالتحديد في عهد عمر بن الخطاب فلقد ارسل فاتح اذريبيجان رجل الى السد فرأى السد و خندق اشد سواد من الليل كما وصفه وتبعته بعثات اخرى وبالتحديد في العصر الاموي في عهد معاوية بن ابي سفيان فلقد ارسل هو بالذات بعثة تتألف من 25 شخصا الى السد ، وكثير من الاشخاص وصلوا الى السد بعد ذي القرنين اي وايضا البحار الشهير سلام الترجمان وهذا ان دل على شيء فانما يدل على ان الناس في الماضي عرفت تماما اين موقع السد و عرفت كيف تصل اليه ووصلت اليه اي انها كانت تمتلك العلم و المعرفة بذالك المكان ، وعرفت ايضا ان هناك سبعة ابحر من بينها البحر العذب الفرات الذي يصب مائه في بحرنا هذا ، و لقد تم اكتشاف بحيرة كاملة تمتد على طول ثلاث كيلومترات و نصف من المياه العذبة تدعى فوستوك ، وهذه المنطقة ايضا تختوي تقريبا على ما يصل الى 70 بالمئة من المياه العذبة النقية في سائر الأرض ، وهي من الأشياء التي تدعنا نستنتج ان البحر الذي نعرفه الآن ليس سوى احد من سبعة ابحر عظيمة ذكرها الله في للقرآن ونام عنها العميان .
ان باقي البحار الأخرى لا نعرف عنها اشياء كثيرة وذالك بسبب قلة المعلومات خصوصا حول موضوع البحار السبعة ، الا انه هناك معلومات كثيرة جائت من اساطير تذكر سفر البحارة في السبع ابحر لانهم بالفعل سافروا في السبعة ابحر وليست مجرد اساطير ، وروو في كثير من المخطوطات لكثير من البحارة مخلوقات بحرية عظيمة تحت الماء ، و من بين هذه المخلوقات الحوت الكبير صاحب الجزيرة فوق ظهره ، فقد ذكر العديد من البحارة هذا المخلوق من جميع انحاء العالم في العصور القديمة وكذالك فعل المسعودي وغيره من الكتاب القدماء ، هل من الممكن ان البحارة في الماضي كانو يسافرون عبر محيطات العالم وكتبوا ما رأوه ام انها مجرد تخيلات و اوهام ، لا يمكن اثبات هذا السؤال ولكن لكل شيء بداية وقد تكون بداية هذه الاشياء لم تكن صدفة ابدا .
وحتى قبل زمن بعيد كان الناس يعبرون الاراضي كلها ويجوبون البحار كلها ، فهل كانت كل الأشياء اسطورة ام ان البدايات جعلت الاسطورة في عذا الزمان منسية .
ان البحار السبعة المذكورة في القرآن ليست تعبيرا فقط عن عظمة الله ولكن عن عظمة الارض وكبر حجمها ، فالبحر مده الله سبعة ابحر اي في الاصل البحر واحد و المد هنا يفيد التوزيع و التقسيم اي ان الله جعل البحر الواحد ممدودا و منقسما الى سبعة اقسام ، وبين البحر الاول و البحر الثاني حاجزا كما اخبرنا الله تعالى في قرآنه ، و البحار الاخرى لا نعلم عنها اشياء كثيرة ولكن اسطورة البحار السبعة تبين في النهاية على انها حقيقة وان البحار السبعة لم تكن محيطات هذه الارض بل محيطات ارض اخرى و مكان اخر ، وتبين على انه اينما نظرنا حولنا في هذا المكان الواسع فوق هذه الارض لا نرى الا آثار لأشياء كنا نسمع عنها في الماضي انها اساطير .
عن عمارِ بنِ ياسرٍ أنه قال يومَ صفينَ الجنةُ تحتَ الآبارِ قِفوا الظمآنَ يردُ الماءُ مواردَه.
الهيثمي (ت ٨٠٧)، مجمع الزوائد ٥/٢٨١ • رجاله ثقات
٣٣- [عن خالد بن معدان:] عن كعبِ الأحبارِ أنّ معاويةَ سألهُ عن الصَّخرةُ فقال: على نخلةٍ، والنَّخلةُ على نَهَرٍ من أنهارِ الجنَّةِ، وتحتَ النَّخلةِ مريمُ وآسيةُ ينظِمانِ سُموطَ أهلِ الجنَّة حتّى تقوم السّاعةُ.
ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢)، تحفة النبلاء ٤٢٠ • روي مرفوعًا والأولى وقفه
[لفظه نفس لفظ الحديث ٦٢ مع اختلاف في الحركات أو علامات الترقيم]
٦٣- [عن أبي هريرة:] أنهارُ الجنَّةِ تخرُجُ مِن تحتِ تلالِ - أو مِن تحتِ جِبالِ - مِسْكٍ.
ابن حبان (ت ٣٥٤)، صحيح ابن حبان ٧٤٠٨ • أخرجه في صحيحه
٧٠- [عن عبادة بن الصامت:] الصخرةُ صخرةُ بيتِ المقدسِ على نخلةٍ، والنخلةُ على نهرٍ من أنهارِ الجنةِ، و تحتَ النخلةِ آسيةُ بنتُ مُزاحَمٍ امرأةُ فرعونَ، و مريمُ بنتُ عمرانَ، ينظمانِ سُمُوطِ أهلِ الجنةِ إلى يومِ القيامةِ.
السيوطي (ت ٩١١)، الجامع الصغير ٥١٢٣ • صحيح
٨٠- [عن عبد الله بن الزبير:] من قرأ القرآنَ طاهرًا ونظرًا أُعطِيَ شجرةً في الجنَّةِ لو أنّ غُرابًا أفرخَ تحت ورقةٍ منها لأدركَه الهَرَمُ قبل أن يقطعَ تلكَ الشَّجرةِ.
ابن حبان (ت ٣٥٤)، المجروحين ١/٤٠٢ • [فيه] سعيد بن سالم القداح وكان يهم في الأخبار حتى يجيء بها مقلوبة حتى خرج بها عن حد الاحتجاج به
٨١- [عن —:] عن ابنِ عبّاسٍ قال: إنّ في الجنَّةِ نهرًا يُقالُ لهُ: البَيدَجُ علَيهِ قِبابٌ مِن ياقوتٍ تحتَهُ جَوارٍ يقولُ أهلُ الجنَّةِ: انطلِقوا بنا إلى البَيدَجِ فيجيبونَ فيتصفحونَ تلكَ الجواري فإذا أعجبَ رجلٌ منهُم جاريةً جسَّ مِعصمَها فتَتبعُهُ وتثبُت مكانَها أُخرى.
السيوطي (ت ٩١١)، البدور السافرة ٤٢٥ • رجاله ثقات
وأخْرَجَ الحَكِيمُ التِّرْمِذِيُّ في نَوادِرِ الأُصُولِ عَنِ الحَسَنِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أرْبَعُ عُيُونٍ في الجَنَّةِ عَيْنانِ تَجْرِيانِ مِن تَحْتِ العَرْشِ إحْداهُما الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ ﴿يُفَجِّرُونَها تَفْجِيرًا﴾ [الإنسان: ٦] والأُخْرى الزَّنْجَبِيلُ وعَيْنانِ نَضّاخَتانِ مِن فَوْقِ إحْداهُما الَّتِي ذَكَرَ اللَّهُ سَلْسَبِيلًا والأُخْرى التَّسْنِيمُ» .
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ وسَعِيدُ بْنُ مَنصُورٍ وهَنادٌ وعَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ والبَيْهَقِيُّ عَنْ مُجاهِدٍ في قَوْلِهِ: ﴿عَيْنًا فِيها تُسَمّى سَلْسَبِيلا﴾ قالَ: حَدِيدَةُ الجِرْيَةِ.
وأخْرَجَ ابْنُ المُنْذِرِ عَنِ الضَّحّاكِ ﴿عَيْنًا فِيها تُسَمّى سَلْسَبِيلا﴾ قالَ: عَيْنُ الخَمْرِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجاهِدٍ ﴿تُسَمّى سَلْسَبِيلا﴾ قالَ: تَجْرِي سِلْسِلَةَ السَّبِيلِ.
وأخْرَجَ عَبْدُ الرَّزّاقِ، وعَبْدُ بْنُ حَمِيدٍ، وابْنُ جَرِيرٍ وابْنُ المُنْذِرِ عَنْ قَتادَةَ في قَوْلِهِ ﴿عَيْنًا فِيها تُسَمّى سَلْسَبِيلا﴾ قالَ: سِلْسِلَةٌ فَهم يُصَرِّفُونَها حَيْثُ شاءُوا وفي قَوْلِهِ:
الزَّنْجَبِيلُ عَيْنٌ فِي الْجَنَّةِ تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا.
قَالَ عِكْرِمَةُ: اسْمُ عَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسَلَاسَةِ سَيْلِهَا وحِدّة جَريها.
وَقَالَ قَتَادَةُ: ﴿عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا﴾ عَيْنٌ سَلِسَة مُستَقِيد(٧) مَاؤُهَا.
وَحَكَى ابنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِسَلَاسَتِهَا فِي الحَلْق. وَاخْتَارَ هُوَ أَنَّهَا تَعُمّ ذَلِكَ كلَّه، وَهُوَ كَمَا قَالَ.
وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا﴾ أَيْ: طَهَّرَ بَوَاطِنَهُمْ مِنَ الحَسَد وَالْحِقْدِ وَالْغِلِّ وَالْأَذَى وَسَائِرِ الْأَخْلَاقِ الرّديَّة، كَمَا رَوَيْنَا عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ: إِذَا انْتَهَى أهلُ الْجَنَّةِ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ وَجَدوا هُنَالِكَ عَيْنَيْنِ فَكَأَنَّمَا أُلْهِمُوا ذَلِكَ فَشَرِبُوا مِنْ إِحْدَاهُمَا [فَأَذْهَبَ اللَّهُ](١٥) مَا فِي بُطُونِهِمْ مِنْ أَذًى، ثُمَّ اغْتَسَلُوا مِنَ الْأُخْرَى فَجَرت عَلَيْهِمْ نضرةُ النَّعِيمِ.
اسماء عيون الجنة
كتابة: Nessma آخر تحديث: 31 ديسمبر 2020 , 15:55
الجنة هي الجزاء الأكبر الذي أعدّه الله لعباده الصالحين ؛ حيث أن الله خلق الإنسان لعبادته عزّ وجل ، ولقد وعد الله عباده المؤمنين بنعيم لا يزول في جنات النعيم التي لا مثيل لها في الحياة الدنيا ولا يمكن للعقل البشري أن يتصور مدى جمالها ، وقد تحدث الله تعالى عنها في القرآن الكريم ، ووصفها سبحانه ببعض الأوصاف ؛ حيث ذكر وجود ابواب الجنة وأنهارها وعيونها ؛ فالجنة بها ما لا عين رأت ولا يمكن أن يخطر جمالها على بال إنسان.
عيون الجنة
لقد جعل الله في الجنة عيونًا متعددة من أجل أن يرتوي منها أهل الجنة ، وهي مختلفة الأوصاف والطعوم والمشارب ، وقد ذكرها الله تعالى في عدة آيات بالقرآن الكريم ؛ حيث يقول المولى عزّ وجل “إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ” ، كما قال سبحانه وتعالى “إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ” ، وورد في بعض التفسيرات القرآنية أن العيون هي أنهار تجري خلال الأشجار الموجودة بالجنة والتي ورد ذكرها في قوله تعالى “مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفّىً وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ”.
أسماء عيون الجنة
وردت عدة أسماء مختلفة لعيون الجنة بالقرآن الكريم ، وهي :
عين تسنيم
يقول الله عزّ وجل في سورة المطففين ” يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (26) وَمِزَاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ (27) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ” ، والأصل اللغوي لكلمة تسنيم أنها الارتفاع ، قد ذكرت التفسيرات أن عين تسنيم هي عين تجري في الهواء من أعلى إلى أسفل بقدرة الخالق سبحانه وتعالى ؛ ثم تنزل في أواني مخصصة لأهل الجنة حتى تمتلئ دون ان تقع قطرة على الأرض.
عين كافور
وذكر الله تعالى هذه العين في قوله بسورة الإنسان ” إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا” ، وقد وُصفت بأنها عين ماء جارية في الجنة ومعروفة باسم عين الكافور ، ويتصرف فيها عباد الله كيفما شاءوا.
عين زنجبيل
قال الله تعالى في سورة الإنسان أيضًا ” وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلا” ، وعُرف عنها أنها عين تحتوي على طعم الزنجبيل.
عين سلسبيل
وقد ورد في سورة الإنسان أيضًا قوله تعالى “عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا” ، وذُكر أنها قد سميت باسم سلسبيل لسلاسة وحدة جريها ، وهي نابعة من جنة عدن إلى أهل الجنة.
عين طهور
ومما ورد كذلك في سورة الإنسان ” وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا” ، وقيل أنها عين ماء موجودة على باب الجنة ونابعة من ساق شجرة.
العين الجارية
ورد في سورة الغاشية قول المولى عزّ وجل “فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ” ، بمعنى أنها عين سارحة في الجنة ، وقد جاءت جارية نكرة في سياق الإثبات ؛ حيث أنها تشير إلى الكثير من العيون الجاريات وليست عين واحدة ، وذكر الله أيضًا في سورة الرحمن “فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ” ، بمعنى أنهما تسرحان من أجل سقي الأشجار والأغصان لتثمر بجميع الألوان.
عين نضاخة
يقول الله تعالى في سورة الرحمن “فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ” ، بمعنى أنهما عينان فوارتان حيث أن الماء يفور منهما.
١٢- [عن أبي هريرة:] في السماءِ الدنيا بيتٌ يقال لهُ المعمورُ حيالَ الكعبةِ. وفي السماءِ الرابعةِ نهرٌ يقال لهُ الحيوانُ يدخلُه جبريلُ كلَّ يومٍ، فينغمسُ فيهِ انغماسةً ثم يخرجُ فينتفضُ انتفاضةً يخرجُ منهُ سبعون ألفَ قطرةً، يخلقُ اللهُ من كل قطرةٍ ملكًا يُؤمرونَ أن يأتوا البيتَ المعمورَ فيطوفون بهِ، فلا يعودون إليهِ أبدًا، يُوَلّى عليهم أحدُهم، يؤمرُ أن يقفَ بهم من السماءِ موقفًا يسبحون اللهَ فيهِ إلى يومِ القيامةِ.
الذهبي (ت ٧٤٨)، ميزان الاعتدال ٢/٥٧ • [فيه روح بن جراح ذكر من جرحه] • أخرجه العقيلي في «الضعفاء الكبير» (٢/٥٩)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (٣/١٤٤)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (١/١٢٢)
عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" يجمع الله الأطفال من أمة محمد صلى الله عليه وسلم في حياض تحت العرش ، فيطلع الله عليهم اطلاعة فيقول : مالي أراكم رافعي رؤوسكم ؟
فيقولون : ربنا الآباء والأمهات في عطش ، ونحن في هذه الحياض .
فيوحي إليهم أن اغرفوا في هذه الآنية من هذا الماء ، ثم خللوا الصفوف ، فاسقوا الآباء والأمهات "
١٨٨- [عن أنس بن مالك:] لَمّا عُرِجَ بالنبيِّ ﷺ إلى السَّماءِ، قالَ: أتَيْتُ على نَهَرٍ، حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤْلُؤِ مُجَوَّفًا، فَقُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ.
البخاري (ت ٢٥٦)، صحيح البخاري ٤٩٦٤ • [صحيح] • أخرجه البخاري (٤٩٦٤) واللفظ له، ومسلم (١٦٢) • شرح الحديث
١٩١- [عن جابر بن عبد الله:] حديثُ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ عنِ النَّبيِّ ﷺ كذلك وفيه: ومعه نَهرانِ، أنا أعلَمُ بهما منه، وفيه: ويأمُرُ السَّماءَ فتُمطِرُ فيما يرى النّاسُ..
شعيب الأرنؤوط (ت ١٤٣٨)، تخريج مشكل الآثار ٢/ ٤٢٥ • رجاله ثقات رجال الصحيح
٢٠١- [عن أنس بن مالك:] إنّ في الجنةِ نهرًا يقالُ له رجبُ أشدُّ بياضًا من اللبَنِ وأحلى من العسلِ من صام من رجبَ يومًا سقاه اللهُ ﷿ من ذلك النهرِ.
ابن حبان (ت ٣٥٤)، المجروحين ٢/٢٤٥ • [فيه] موسى بن عمير يزعم أنه سمع أنس بن مالك يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات
٢٢١- [عن —:] عنِ ابنِ مسعودٍ في قولِه { فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا } قال الغَيُّ نهرٌ أو وادٍ في جهنَّمَ من قَيحٍ بَعيدِ القَعرِ خَبيثِ الطعمِ يُقذَفُ فيه الذينَ يتَّبِعونَ الشهَواتِ.
الشوكاني (ت ١٢٥٥)، فتح القدير ٣/٤٨٣ • [له] طرق
٢٢٥- [عن عبد الله بن عباس:] أجرى اللهُ ﷿ من الجنةِ إلى الأرضِ خمسةَ أنهارٍ: سَيحونَ وهو نهر الهندِ، وجَيحونَ وهو نهر بلْخٍ، ودِجلةَ والفراتَ وهما نهرا العراقِ، والنيلَ وهو نهرُ أهلِ مصرَ. أنزلها من عينٍ واحدةٍ من عيون الجنةِ من أسفلِ درجةٍ من درجاتِها على جناحَي جبرائيلَ فاستودعَها الجبالَ وأجراها في الأرضِ وجعل فيها منافعَ للناسِ في أصنافِ معايشهم، فذلك قولُه تعالى: وأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنّاهُ فِي الأَرْضِ فإذا كان عند خروج يأجوجَ ومأجوجَ أرسل اللهُ جبرائيلَ فرفع القرآنَ والعلمَ كلَّه والحجَرَ الأسودَ ومقامَ إبراهيمَ وتابوتَ موسى بما فيه وهذه الأنهارَ الخمسَ فترفع إلى السماءِ، فذلك قولُه ﷿ وإنّا عَلى ذَهابٍ بِهِ لَقادِرُونَ فإذا رُفعتْ هذه الأشياءُ من الأرضِ فقَد أهلُها خيرَ الدَّنيا والدِّينِ.
الذهبي (ت ٧٤٨)، ميزان الاعتدال ٤/١١١ • [فيه] مسلمة بن علي الخشني واه • أخرجه الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (١/٥٧)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (٦/٣١٥).
٢٣٣- [عن عبد الله بن عباس:] ذكر رسولُ اللهِ ﷺ الجنةَ فقال: لا شبهَ لها، هي وربِّ الكعبةِ ريحانةٌ تهتزُّ، ونورٌ يتلألأُ، ونهرٌ مطردٌ، وزوجةٌ لا تموتُ، في خلودٍ ونعمةٍ، في مقامٍ أمينٍ.
الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣)، تاريخ بغداد ٥/٥ • إسناده غريب
٢٣٧- [عن أبي سعيد الخدري:] أمّا أهلُ النّارِ الَّذينَ هم أهلُها فلا يموتونَ ولا يحيَونَ وأمّا من يردِ اللهُ بِهمُ الرَّحمةَ فتُميتُهمُ النّارُ فيدخلُ عليهمُ الشُّفعاءُ فيأخذُ الرَّجلُ الضِّبارةُ فيبثُّهم على نَهرِ الحياةِ أوِ الحيوانِ أوِ الحياءِ أو قال نَهرُ الجنَّةِ فينبُتونَ نباتَ الحبَّةِ في حميلِ السَّيلِ فقال النَّبيُّ ﷺ أوَ ما ترونَ الشَّجرةَ تَكونُ خضراءَ ثمَّ تَكونُ صفراءَ أو قال تَكونُ صفراءَ ثمَّ تَكونُ خضراءَ فقال رجلٌ كأنّ رسولَ اللهِ ﷺ كانَ من أهلِ الباديةِ.
ابن خزيمة (ت ٣١١)، التوحيد ٦٧٩/٢ • [أشار في المقدمة أنه صح وثبت بالإسناد الثابت الصحيح] • شرح رواية أخرى
٢٥٣- [عن عبادة بن الصامت:] الصخرةُ صخرةُ بيتِ المَقْدِسِ على نخلةٍ، والنخلةُ على نهرٍ من أنهارِ الجنةِ، وتَحْتَ النخلةِ آسِيَةُ بنتُ مُزاحِمٍ امرأةُ فرعونَ، ومريمُ بنتُ عِمْرانَ، يُنَظِّمانِ سُمُوطَ أهلِ الجنةِ إلى يومِ القيامةِ.
الألباني (ت ١٤٢٠)، ضعيف الجامع ٣٥٤١ • موضوع • أخرجه الطبراني كما في «مجمع الزوائد» للهيثمي (٩/٢٢٠)، والديلمي في «الفردوس» (٣٨٧١) واللفظ لهما، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (٧٠/١٢٠)
٢٦١- [عن أنس بن مالك:] أُنزِلَت عليَّ آنفًا سورةٌ فقرأَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ إنّا أعْطَيْناكَ الكَوْثَرَ حتّى ختمَها قالَ هل تدرونَ ما الكوثَرُ قالوا اللهُ ورسولُهُ أعلَمُ قالَ فإنّهُ نَهرٌ وعدَنيهِ ربِّي في الجنَّةِ.
الألباني (ت ١٤٢٠)، صحيح أبي داود ٧٨٤ • حسن • شرح رواية أخرى
٢٦٤- [عن عبد الله بن مسعود:] يكونُ قومٌ في النّارِ ما شاء اللهُ أنْ يكونوا ثمَّ يرحَمُهم اللهُ فيُخرِجُهم منها فيكونونَ في أدنى الجنَّةِ في نهرٍ يُقالُ له: الحيوانُ لو استضافهم أهلُ الدُّنيا لَأطعَموهم وسقَوْهم وأتحَفوهم.
ابن حبان (ت ٣٥٤)، صحيح ابن حبان ٧٤٣٣ • أخرجه في صحيحه
٢٦٨- [عن أنس بن مالك:] ذاك نهرٌ أعطانيه اللهُ - يعني - في الجنَّةِ، أشدَّ بياضًا من الَّلبَنِ، و أحْلى من العسلِ، فيه طيرٌ أعناقُها كأعناقِ الجُزُرِ قال عمرُ: إنّ هذه لَناعِمةٌ: قال رسولُ اللهِ: أكَلَتُها أنعمُ منها.
الألباني (ت ١٤٢٠)، السلسلة الصحيحة ٢٥١٤ • صحيح بمجموع طرقه • أخرجه الترمذي (٢٥٤٢)، وأحمد (١٣٥٠٠)، والنسائي في «السنن الكبرى» (١١٧٠٣) باختلاف يسير.
٢٨٤- [عن أبي سعيد الخدري:] كنا مع رسول ِاللهِ ﷺ في غزوةٍ فمرَّ بنا على نهرٍ فيه ماءٌ من ماءِ السماءِ قال رسولُ اللهِ ﷺ وهو على بعيرٌ والقومُ صيامٌ اشرَبوا فأبَوا فنزل النبيُّ ﷺ فشرِبَ وشرِب الناسُ.
ابن جرير الطبري (ت ٣١٠)، مسند ابن عباس ١/١٠٨ • إسناده صحيح
٣١٤- [عن أبي سعيد الخدري:] قال لنا رسولُ اللهِ ﷺ على نهرٍ مِن ماءِ السَّماءِ وهو على بغلةٍ له والنّاسُ صيامٌ فقال: (اشرَبوا) فجعَلوا ينظُرون إليه فقال: (اشرَبوا فإنِّي راكبٌ وإنِّي أيسَرُكم وأنتم مشاةٌ) فجعَلوا ينظُرونَ إليه فحوَّل ورِكَه فشرِب وشرِب النّاسُ.
ابن حبان (ت ٣٥٤)، صحيح ابن حبان ٣٥٥٠ • أخرجه في صحيحه
٣٥٤- [عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص:] مَن شَرِبَ الخمرَ، لم تُقْبَلْ له صلاةٌ أرْبَعِينَ صباحًا، فإن تاب تاب اللهُ عليه، فإن عاد لم تُقْبَلْ له صلاةٌ أرْبَعِينَ صباحًا، فإن تاب تاب اللهُ عليه، فإن عاد الرابعةَ لم تُقْبَلْ له صلاةٌ أربعين صباحًا، فإن تاب لم يَتُبِ اللهُ عليه، وسقاه من نهرِ الخَبالِ.
الألباني (ت ١٤٢٠)، صحيح الجامع ٦٣١٢ • صحيح • شرح رواية أخرى
٣٥٥- [عن أبي هريرة:] في السَّماءِ الدُّنيا بيتٌ يُقالُ له: البيتُ المعمورُ، بحِيالِ هذه الكعبةِ، وفي الرّابعةِ نهرٌ يُقالُ له: الحيوانُ، يدخلُ فيه جبريلُ كلَّ يومِ فينغمِسُ، وينتفِضُ فيخرُّ عنه سبعون ألفَ قطرةٍ، يخلقُ اللهُ من كلِّ قطرةٍ ملَكًا، يأتون البيتَ المعمورَ فيُصلُّون فيه، ثمَّ يخرجون ولا يعودون إليه أبدًا.
الذهبي (ت ٧٤٨)، ترتيب الموضوعات ٢٨ • تفرد به روح، وهو منكر لا ينبغي أن يدخل هذا في الموضوعات • أخرجه العقيلي في «الضعفاء الكبير» (٢/٥٩)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (٣/١٤٤)، والخطيب في «تاريخ بغداد» (١/١٢٢)
٤٢٠- [عن الحسن البصري:] إن أهلَ الجنةِ لينظرونَ إلى ربِّهم في كلِّ جمعةٍ على كثيبٍ من كافورٍ لا يرى طرفاهُ، وفيه نهرٌ جارٍ حافتاهُ المسكُ عليْهِ جوارٍ يقرأنَ القرآنَ بأحسنِ أصواتِهنَّ سمِعَها الأولونَ والآخرونَ، فإذا انصَرفوا إلى منازلِهم أخذَ كلُّ رجلٍ بيدِ من شاءَ منهنَّ، ثم يمرونَ على قناطرَ من لؤلؤٍ إلى منازلِهم، فلولا أن اللهَ تعالى يَهديهم إلى منازلِهم ما اهتَدوا إليها لما يُحدثُهُ اللهُ إليهم كلَّ جمعةٍ.
السيوطي (ت ٩١١)، البدور السافرة ٤٨٩ • مرسل
٤١٩- [عن أنس بن مالك:] عسقلانُ إحدى العروسيْنِ التي بها شهداؤُها وفودُ الجنةِ، يبعثُ اللهُ من مقبرتها سبعين ألفَ شهيدٍ، رءوسُهم بأيديهم، وتَثُجُّ أوداجُهم دمًا، يقولون: رَبَّنا آتِنا ما وعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ ولا تُخْزِنا يَوْمَ القِيامَةِ، إنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعادَ، يقول اللهُ تعالى: صدقَ عبادي، أدْخِلُوهم الجنةَ، واغْسِلُوهم في نهرِ البيضةِ فيخرجون منه بِيضًا نقاةً يمرحون من الجنةِ حيثُ شاءوا، وإنّ بها لمصافُّ الشهداءِ يومَ القيامةِ وخمسون ألفًا وفودٌ إلى ربِّهم.
الذهبي (ت ٧٤٨)، ميزان الاعتدال ٤/٣١٣ • [فيه] هلال بن زيد قال أبو حاتم والنسائي: منكر الحديث، زاد النسائي: ليس بثقة • أخرجه أحمد (١٣٣٥٦)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (٧/١١٨)، وابن الجوزي في «الموضوعات» (٢/٥٣) باختلاف يسير.
٤٨٢- [عن سمرة بن جندب:] كانَ رَسولُ اللهِ ﷺ ممّا يُكْثِرُ أنْ يَقُولَ لأصْحابِهِ: هلْ رَأى أحَدٌ مِنكُم مِن رُؤْيا قالَ: فَيَقُصُّ عليه مَن شاءَ اللهُ أنْ يَقُصَّ، وإنّه قالَ ذاتَ غَداةٍ: إنّه أتانِي اللَّيْلَةَ آتِيانِ، وإنّهُما ابْتَعَثانِي، وإنّهُما قالا لي انْطَلِقْ، وإنِّي انْطَلَقْتُ معهُما، وإنّا أتَيْنا على رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ، وإذا آخَرُ قائِمٌ عليه بصَخْرَةٍ، وإذا هو يَهْوِي بالصَّخْرَةِ لِرَأْسِهِ فَيَثْلَغُ رَأْسَهُ، فَيَتَدَهْدَهُ الحَجَرُ ها هُنا، فَيَتْبَعُ الحَجَرَ فَيَأْخُذُهُ، فلا يَرْجِعُ إلَيْهِ حتّى يَصِحَّ رَأْسُهُ كما كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عليه فَيَفْعَلُ به مِثْلَ ما فَعَلَ المَرَّةَ الأُولى قالَ: قُلتُ لهما: سُبْحانَ اللهِ ما هذانِ؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ قالَ: فانْطَلَقْنا، فأتَيْنا على رَجُلٍ مُسْتَلْقٍ لِقَفاهُ، وإذا آخَرُ قائِمٌ عليه بكَلُّوبٍ مِن حَدِيدٍ، وإذا هو يَأْتي أحَدَ شِقَّيْ وجْهِهِ فيُشَرْشِرُ شِدْقَهُ إلى قَفاهُ، ومَنخِرَهُ إلى قَفاهُ، وعَيْنَهُ إلى قَفاهُ، - قالَ: ورُبَّما قالَ أبو رَجاءٍ: فَيَشُقُّ - قالَ: ثُمَّ يَتَحَوَّلُ إلى الجانِبِ الآخَرِ فَيَفْعَلُ به مِثْلَ ما فَعَلَ بالجانِبِ الأوَّلِ، فَما يَفْرُغُ مِن ذلكَ الجانِبِ حتّى يَصِحَّ ذلكَ الجانِبُ كما كانَ، ثُمَّ يَعُودُ عليه فَيَفْعَلُ مِثْلَ ما فَعَلَ المَرَّةَ الأُولى قالَ: قُلتُ: سُبْحانَ اللهِ ما هذانِ؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فانْطَلَقْنا، فأتَيْنا على مِثْلِ التَّنُّورِ - قالَ: فأحْسِبُ أنّه كانَ يقولُ - فإذا فيه لَغَطٌ وأَصْواتٌ قالَ: فاطَّلَعْنا فِيهِ، فإذا فيه رِجالٌ ونِساءٌ عُراةٌ، وإذا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِن أسْفَلَ منهمْ، فإذا أتاهُمْ ذلكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا قالَ: قُلتُ لهما: ما هَؤُلاءِ؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ قالَ: فانْطَلَقْنا، فأتَيْنا على نَهَرٍ - حَسِبْتُ أنّه كانَ يقولُ - أحْمَرَ مِثْلِ الدَّمِ، وإذا في النَّهَرِ رَجُلٌ سابِحٌ يَسْبَحُ، وإذا على شَطِّ النَّهَرِ رَجُلٌ قدْ جَمع عِنْدَهُ حِجارَةً كَثِيرَةً، وإذا ذلكَ السّابِحُ يَسْبَحُ ما يَسْبَحُ، ثُمَّ يَأْتي ذلكَ الذي قدْ جَمع عِنْدَهُ الحِجارَةَ، فَيَفْغَرُ له فاهُ فيُلْقِمُهُ حَجَرًا فَيَنْطَلِقُ يَسْبَحُ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِ كُلَّما رَجَعَ إلَيْهِ فَغَرَ له فاهُ فألْقَمَهُ حَجَرًا قالَ: قُلتُ لهما: ما هذانِ؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ قالَ: فانْطَلَقْنا، فأتَيْنا على رَجُلٍ كَرِيهِ المَرْآةِ، كَأَكْرَهِ ما أنْتَ راءٍ رَجُلًا مَرْآةً، وإذا عِنْدَهُ نارٌ يَحُشُّها ويَسْعى حَوْلَها قالَ: قُلتُ لهما: ما هذا؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ، فانْطَلَقْنا، فأتَيْنا على رَوْضَةٍ مُعْتَمَّةٍ، فيها مِن كُلِّ لَوْنِ الرَّبِيعِ، وإذا بيْنَ ظَهْرَيِ الرَّوْضَةِ رَجُلٌ طَوِيلٌ، لا أكادُ أرى رَأْسَهُ طُولًا في السَّماءِ، وإذا حَوْلَ الرَّجُلِ مِن أكْثَرِ وِلْدانٍ رَأَيْتُهُمْ قَطُّ قالَ: قُلتُ لهما: ما هذا ما هَؤُلاءِ؟ قالَ: قالا لِي: انْطَلِقِ انْطَلِقْ قالَ: فانْطَلَقْنا فانْتَهَيْنا إلى رَوْضَةٍ عَظِيمَةٍ، لَمْ أرَ رَوْضَةً قَطُّ أعْظَمَ مِنها ولا أحْسَنَ قالَ: قالا لِي: ارْقَ فيها قالَ: فارْتَقَيْنا فيها، فانْتَهَيْنا إلى مَدِينَةٍ مَبْنِيَّةٍ بلَبِنِ ذَهَبٍ ولَبِنِ فِضَّةٍ، فأتَيْنا بابَ المَدِينَةِ فاسْتَفْتَحْنا فَفُتِحَ لنا فَدَخَلْناها، فَتَلَقّانا فيها رِجالٌ شَطْرٌ مِن خَلْقِهِمْ كَأَحْسَنِ ما أنْتَ راءٍ، وشَطْرٌ كَأَقْبَحِ ما أنْتَ راءٍ قالَ: قالا لهمْ: اذْهَبُوا فَقَعُوا في ذلكَ النَّهَرِ قالَ: وإذا نَهَرٌ مُعْتَرِضٌ يَجْرِي كَأنّ ماءَهُ المَحْضُ في البَياضِ، فَذَهَبُوا فَوَقَعُوا فِيهِ، ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْنا قدْ ذَهَبَ ذلكَ السُّوءُ عنْهمْ، فَصارُوا في أحْسَنِ صُورَةٍ قالَ: قالا لِي: هذِه جَنَّةُ عَدْنٍ وهذاكَ مَنزِلُكَ قالَ: فَسَما بَصَرِي صُعُدًا فإذا قَصْرٌ مِثْلُ الرَّبابَةِ البَيْضاءِ قالَ: قالا لِي: هذاكَ مَنزِلُكَ قالَ: قُلتُ لهما: بارَكَ اللهُ فِيكُما ذَرانِي فأدْخُلَهُ، قالا: أمّا الآنَ فلا، وأَنْتَ داخِلَهُ قالَ: قُلتُ لهما: فإنِّي قدْ رَأَيْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ عَجَبًا، فَما هذا الذي رَأَيْتُ؟ قالَ: قالا لِي: أما إنّا سَنُخْبِرُكَ، أمّا الرَّجُلُ الأوَّلُ الذي أتَيْتَ عليه يُثْلَغُ رَأْسُهُ بالحَجَرِ، فإنّه الرَّجُلُ يَأْخُذُ القُرْآنَ فَيَرْفُضُهُ ويَنامُ عَنِ الصَّلاةِ المَكْتُوبَةِ، وأَمّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه، يُشَرْشَرُ شِدْقُهُ إلى قَفاهُ، ومَنخِرُهُ إلى قَفاهُ، وعَيْنُهُ إلى قَفاهُ، فإنّه الرَّجُلُ يَغْدُو مِن بَيْتِهِ، فَيَكْذِبُ الكَذْبَةَ تَبْلُغُ الآفاقَ، وأَمّا الرِّجالُ والنِّساءُ العُراةُ الَّذِينَ في مِثْلِ بناءِ التَّنُّورِ، فإنّهُمُ الزُّناةُ والزَّوانِي، وأَمّا الرَّجُلُ الذي أتَيْتَ عليه يَسْبَحُ في النَّهَرِ ويُلْقَمُ الحَجَرَ، فإنّه آكِلُ الرِّبا، وأَمّا الرَّجُلُ الكَرِيهُ المَرْآةِ، الذي عِنْدَ النّارِ يَحُشُّها ويَسْعى حَوْلَها، فإنّه مالِكٌ خازِنُ جَهَنَّمَ، وأَمّا الرَّجُلُ الطَّوِيلُ الذي في الرَّوْضَةِ فإنّه إبْراهِيمُ ﷺ، وأَمّا الوِلْدانُ الَّذِينَ حَوْلَهُ فَكُلُّ مَوْلُودٍ ماتَ على الفِطْرَةِ قالَ: فَقالَ بَعْضُ المُسْلِمِينَ: يا رَسولَ اللهِ، وأَوْلادُ المُشْرِكِينَ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: وأَوْلادُ المُشْرِكِينَ، وأَمّا القَوْمُ الَّذِينَ كانُوا شَطْرٌ منهمْ حَسَنًا وشَطْرٌ قَبِيحًا، فإنّهُمْ قَوْمٌ خَلَطُوا عَمَلًا صالِحًا وآخَرَ سَيِّئًا، تَجاوَزَ اللهُ عنْهمْ..
البخاري (ت ٢٥٦)، صحيح البخاري ٧٠٤٧ • [صحيح] • شرح رواية أخرى
٤- [عن أبي موسى الأشعري:] ومَن ماتَ مُدْمن الخمرِ سَقاهُ اللهُ من نَهْرِ الغُوطَةِ قِيلَ وما نَهْرُ الغُوطَةِ قال نَهْرٌ يَجرِي من فُروجِ المُومِساتِ يَعنِي الزّانِياتِ يُؤذِي أهلَ النارِ رِيحُ فُرُوجِهِمْ.
الألباني (ت ١٤٢٠)، ضعيف الترغيب ١٤٣٩ • ضعيف
٣٠- [عن جابر بن عبد الله:] إنّ أقْوامًا يَخرُجون مِن النّارِ بَعدَما مُحِشوا فيها، فيُنطَلَقُ بهم إلى نَهرٍ في الجَنَّةِ، يُقالُ له: نَهرُ الحَياةِ، فيَغتَسِلون فيه، فيَخرُجون منه أمْثالَ الثَّعاريرِ..
شعيب الأرنؤوط (ت ١٤٣٨)، تخريج المسند ١٥٠٤٨ • إسناده قوي • أخرجه البخاري (٦٥٥٨) بنحوه، وأحمد (١٥٠٤٨) واللفظ له
٤١- [عن سمرة بن جندب:] رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتَيانِي، فأخْرَجانِي إلى أرْضٍ مُقَدَّسَةٍ، فانْطَلَقْنا حتّى أتَيْنا على نَهَرٍ مِن دَمٍ فيه رَجُلٌ قائِمٌ وعلى وسَطِ النَّهَرِ رَجُلٌ بيْنَ يَدَيْهِ حِجارَةٌ، فأقْبَلَ الرَّجُلُ الذي في النَّهَرِ، فإذا أرادَ الرَّجُلُ أنْ يَخْرُجَ رَمى الرَّجُلُ بحَجَرٍ في فِيهِ، فَرَدَّهُ حَيْثُ كانَ، فَجَعَلَ كُلَّما جاءَ لِيَخْرُجَ رَمى في فيه بحَجَرٍ، فَيَرْجِعُ كما كانَ، فَقُلتُ ما هذا؟ فقالَ: الذي رَأَيْتَهُ في النَّهَرِ آكِلُ الرِّبا..
البخاري (ت ٢٥٦)، صحيح البخاري ٢٠٨٥ • [صحيح] • شرح رواية أخرى
٥٧- [عن أبي هريرة:] وفي السماءِ نهرٌ يقالُ له نهرُ الحيرانِ يدخلُه جبريلُ كلَّ يومٍ فيُغَمسُ ثم يخرجُ فينتفِضُ فيخرُّ عنه سبعون ألفَ قطرةٍ يخلقُ اللهُ من كلِّ قطرةٍ ملكًا، فهم الذين يُصلون فيه ثم لا يعودون إليه..
ابن حجر العسقلاني (ت ٨٥٢)، فتح الباري لابن حجر ٣٥٦/٦ • إسناده ضعيف [مرفوعا] وقد روي نحوه بدون ذكر (النهر) من طريق صحيحة عن أبي هريرة موقوفا
٦٠- [عن مالك بن صعصعة:] رُفِعَتْ لي سِدرةُ المُنتهى فإذا نَبقُها مِثْلُ قِلالِ هَجَرَ وإذا ورَقُها مِثْلُ آذانِ الفِيَلةِ وإذا أربعةُ أنهارٍ: نهرانِ باطنانِ ونهرانِ ظاهرانِ فقُلْتُ: ما هذا يا جِبريلُ؟ قال: أمّا الباطنانِ فنهرانِ في الجنَّةِ وأمّا الظّاهرانِ فالنِّيلُ والفُراتُ.
ابن حبان (ت ٣٥٤)، صحيح ابن حبان ٧٤١٥ • أخرجه في صحيحه • شرح رواية أخرى
٦٤- [عن يزيد بن درهم:] [عن] أنسٍ وجَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقًا قال: نهرٌ في جهنمَ من قَيحٍ ودمٍ.
الذهبي (ت ٧٤٨)، ميزان الاعتدال ٤/٤٢٢ • [فيه] يزيد بن درهم قال ابن معين: ليس بشيء
٦٥- [عن أبي أمامة الباهلي:] أنّ غيًّا وأثامًا: نهرانِ في أسفلِ جهنمَ، يَسيلُ فيهما صديدُ أهلِ النارِ.
محمد الأمين الشنقيطي (ت ١٣٩٣)، أضواء البيان ٤/٣٨٧ • الظاهر أنه لم يصح في ذلك شيء عن النبي ﷺ
٨٠- [عن —:] [عن ابنِ مسعودٍ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا قال] نهرٌ في جهنَّمَ بعيدُ القعرِ خبيثُ الطَّعمِ.
المنذري (ت ٦٥٦)، الترغيب والترهيب ٤/٣٤١ • إسناده جيد لولا الانقطاع
[لفظه نفس لفظ الحديث ١٢٢ مع اختلاف في الحركات أو علامات الترقيم]
١٢٣- [عن عبد الله بن عمر:] إنّ السَّرِيَّ الذي قال اللهُ لمَريَمَ { قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا } نَهرٌ أخرَجَه اللهُ لِتَشرَبَ منه.
الشوكاني (ت ١٢٥٥)، فتح القدير ٣/٤٦٨ • في إسناده أيوب بن نهيك الجبلي قال فيه أبو حاتم الرازي ضعيف وقال أبو زرعة منكر الحديث
١٥- [عن مكحول:] بَينا امرأةٌ منَ الجِنِّ يقالُ لَها الفارعةُ ابنَةُ المستَوردِ تَمشي على شاطئِ البحرِ، وإذا هيَ بإبليسَ ساجدٌ على صَفاةٍ تَسيلُ دموعُهُ على خدَّيهِ فقالَت ويحكَ يا إبليسُ ما يُغني عنكَ طولُ سجودِكَ ! فقالَ: أيَّتُها المرأةُ الصّالحةُ ابنَةَ الشَّيخِ الصّالحِ، أرجو إذا أبرَّ ربي قسمَهُ أن يُخْرِجَني منَ النّارِ برحمتِهِ.
جرير بن حازم: حدثنا عثمان بن القاسم، قال: "لما هاجرت أم أيمن أمست بالمنصرف دون الروحاء، فعطشت وليس معها ماء وهي صائمة، وجهدت، فدلي عليها من السماء دلو من ماء برشاء أبيض، فشربت، وكانت تقول: ما أصابني بعد ذلك عطش، ولقد تعرضت للعطش بالصوم في الهواجر فما عطشتُ[6]، فيوؤل أن أم أيمن - ربما - ضلت الطريق عن الركب حال التوقف، ثم عادت وانضمت إليهم ثانية؛ وذلك لأنها لم تصل المدينة وحدها.
هي غزية بنت جابر بن حكيم قيل أنها كانت من بني النجار من قبيلة الخزرج وقيل من دوس من قبيلة زهران وقيل من بني غفار من قبيلة كنانة والأكثر على أنها من بني معيص بن عامر بن لؤي من قبيلة قريش .[4] [3]
عن ابن عباس قال وقع في قلب ام شريك الإسلام فاسلمت وهي بمكة وكانت تحت أبي العكر الدوسي ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرا فتدعوهن وترغبهن في الإسلام حتى ظهر امرها لاهل مكة فاخذوها وقالوا لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا لكنا سنردك إليهم.
قالت فحملوني على بعير ليس تحتي شيء ثم تركوني ثلاثا لا يطعموني ولا يسقوني وكانوا إذا نزلوا منزلا أوثقوني في الشمس واستظلوا هم منها وحبسوني عن الطعام والشراب فبينا هم قد نزلوا منزلا واوثقوني في الشمس إذا انا ببرد شيء على صدري فتناولته فاذا هو دلو من ماء أحلى من العسل و أبرد من الثلج فشربت منه قليلا ثم نرع مني فرفع ثم عاد فتناولته فشربت منه ثم رفع ثم عاد فتناولته ثم رفع مرارا ثم تركت فشربت حتى رويت ثم افضت سائره على جسدي وثيابي فلما استيقظوا إذا هم بأثر الماء ورأوني حسنة الهيئة فقالوا لي انحللت فاخذت سقاءنا فشربت منه قلت لا والله لكنه كان من الأمر كذا وكذا قالوا لئن كنت صادقة لدينك خير من ديننا. فلما نظروا إلى اسقيتهم وجدوها كما تركوها فاسلموا عند ذلك واقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوهبت نفسها له بغير مهر فقبلها وخطبها.[5
بُو يَعْلى، وابْنُ المُنْذِرِ، وابْنُ أبِي حاتِمٍ، عَنِ اِبْنِ عَبّاسٍ في قَوْلِهِ: ﴿زِدْناهم عَذابًا فَوْقَ العَذابِ﴾ . قالَ: خَمْسَةُ أنْهارٍ مِن نارٍ صَبَّها اللَّهُ عَلَيْهِمْ، يُعَذَّبُونَ بِبَعْضِها بِاللَّيْلِ، وبِبَعْضِها بِالنَّهارِ.
وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ، عَنْ جابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: «”الزِّيادَةُ خَمْسَةُ أنْهارٍ تَجْرِي مِن تَحْتِ العَرْشِ عَلى رُءُوسِ أهْلِ النّارِ؛ ثَلاثَةُ أنْهارٍ عَلى مِقْدارِ اللَّيْلِ، ونَهْرانِ عَلى مِقْدارِ النَّهارِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿زِدْناهم عَذابًا فَوْقَ العَذابِ بِما كانُوا يُفْسِدُونَ﴾“» .
وأخْرَجَ اِبْنُ مَرْدُويَهْ عَنْ مُجاهِدٍ قالَ: قالَ اِبْنُ عَبّاسٍ: أتُدْرِي ما سِعَةُ جَهَنَّمَ؟ قُلْتُ: لا. قالَ: إنَّ ما بَيْنَ شَحْمَةِ أُذُنِ أحَدِهِمْ وبَيْنَ عاتِقِهِ مَسِيرَةُ سَبْعِينَ خَرِيفًا، تَجْرِي فِيها أوْدِيَةُ القَيْحِ والدَّمِ. قُلْتُ لَهُ: الأنْهارُ؟ قالَ: لا، بَلِ الأوْدِيَةُ
بْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ أبِي العالِيَةِ: ﴿ونَجَّيْناهُ﴾ يَعْنِي إبْراهِيمَ: ﴿ولُوطًا إلى الأرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ﴾ قالَ: هي الأرْضُ المُقَدَّسَةُ الَّتِي بارَكَ اللَّهُ فِيها لِلْعالَمِينَ؛لِأنَّ كُلَّ ماءٍ عَذْبٍ في الأرْضِ مِنها يَخْرُجُ، يَعْنِي مِن أصْلِ الصَّخْرَةِ الَّتِي في بَيْتِ المَقْدِسِ، يَهْبِطُ مِنَ السَّماءِ إلى الصَّخْرَةِ، ثُمَّ يَتَفَرَّقُ في الأرْضِ.
﴿وأنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقًا لَكُمْ﴾ .
أخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ في ”العَظَمَةِ“ عَنِ الحَسَنِ، أنَّهُ سُئِلَ: المَطَرُ مِنَ السَّماءِ أمْ مِنَ السَّحابِ؟ قالَ: مِنَ السَّماءِ، إنَّما السَّحابُ عَلَمٌ يَنْزِلُ عَلَيْهِ الماءُ مِنَ السَّماءِ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنْ وهْبٍ قالَ: لا أدْرِي المَطَرُ أُنْزِلَ قَطْرُهُ مِنَ السَّماءِ في السَّحابِ، أمْ خُلِقَ في السَّحابِ فَأُمْطِرَ؟
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ عَنْ كَعْبٍ قالَ: السَّحابُ غِرْبالُ المَطَرِ ولَوْلا السَّحابُ حِينَ يَنْزِلُ الماءُ مِنَ السَّماءِ لِأفْسَدَ ما يَقَعُ عَلَيْهِ مِنَ الأرْضِ والبَذْرُ يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ عَنْ خالِدِ بْنِ مَعْدانَ قالَ: المَطَرُ ماءٌ يَخْرُجُ مِن تَحْتِ العَرْشِ، فَيَنْزِلُ مِن سَماءٍ إلى سَماءٍ حَتّى يَجْتَمِعَ في السَّماءِ الدُّنْيا فَيَجْتَمِعُ في مَوْضِعٍ يُقالُ لَهُ: الأبْزَمُ. فَتَجِيءُ السَّحابُ السُّودُ فَتَدْخُلُهُ فَتَشْرَبُهُ مِثْلَ شُرْبٍ الإشْفَنْجَةِ فَيَسُوقُها اللَّهُ حَيْثُ يَشاءُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: يَنْزِلُ الماءُ مِنَ السَّماءِ السّابِعَةِ فَتَقَعُ القَطْرَةُ مِنهُ عَلى السَّحابَةِ مِثْلَ البَعِيرِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ عَنْ خالِدِ بْنِ يَزِيدَ قالَ: المَطَرُ مِنهُ مِنَ السَّماءِ، ومِنهُ ماءٌ يَسْقِيهِ الغَيْمُ مِنَ البَحْرِ فَيُعْذِبُهُ الرَّعْدُ والبَرْقُ، فَأمّا ما كانَ مِنَ البَحْرِ فَلا يَكُونُ لَهُ نَباتٌ، وأمّا النَّباتُ فَما كانَ مِنَ السَّماءِ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي حاتِمٍ، وأبُو الشَّيْخِ عَنْ عِكْرِمَةَ قالَ: ما أنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ قَطْرَةً إلّا أنْبَتَ بِها في الأرْضِ عُشْبَةً أوْ في البَحْرِ لُؤْلُؤَةً.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا في ”كِتابِ المَطَرِ“ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: إذا جاءَ القَطْرُ مِنَ السَّماءِ تَفَتَّحَتْ لَهُ الأصْدافُ فَكانَ لُؤْلُؤًا.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: يَخْلُقُ اللَّهُ اللُّؤْلُؤَ في الأصْدافِ مِنَ المَطَرِ تَفْتَحُ الأصْدافُ أفْواهَها عِنْدَ المَطَرِ، فاللُّؤْلُؤَةُ العَظِيمَةُ مِنَ القَطْرَةِ العَظِيمَةِ، واللُّؤْلُؤَةُ الصَّغِيرَةُ مِنَ القَطْرَةِ الصَّغِيرَةِ.
وأخْرَجَ الشّافِعِيُّ في ”الأُمِّ“، وابْنُ أبِي الدُّنْيا في ”كِتابِ المَطَرِ“ عَنِ المُطَّلِبِ بْنِ حَنْطَبٍ، «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ: ما مِن ساعَةٍ مِن لَيْلٍ ولا نَهارٍ إلّا والسَّماءُ تُمْطِرُ فِيها، يُصَرِّفُهُ اللَّهُ حَيْثُ يَشاءُ» .
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: ما نَزَلَ مَطَرٌ مِنَ السَّماءِ إلّا ومَعَهُ البَذْرُ، أما إنَّكم لَوْ بَسَطْتُمْ نِطْعًا لَرَأيْتُمُوهُ.
وأخْرَجَ ابْنُ أبِي الدُّنْيا، وأبُو الشَّيْخِ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: المَطَرُ مِزاجُهُ مِنَ الجَنَّةِ، فَإذا كَثُرَ المِزاجُ عَظُمَتِ البَرَكَةُ، وإنْ قَلَّ المَطَرُ، وإذا قَلَّ المِزاجُ قَلَّتِ البَرَكَةُ وإنْ كَثُرَ المَطَرُ.
وأخْرَجَ أبُو الشَّيْخِ عَنِ الحَسَنِ قالَ: ما مِن عامٍ بِأمْطَرَ مِن عامٍ، ولَكِنَّ اللَّهَ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشاءُ، ويَنْزِلُ مَعَ المَطَرِ كَذا وكَذا مِنَ المَلائِكَةِ، ويَكْتُبُونَ حَيْثُ يَقَعُ ذَلِكَ المَطَرُ، ومَن يَرْزُقُهُ، وما يَخْرُجُ مِنهُ مَعَ كُلِّ قَطْ
روى الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان ، والحميدي والبزار عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقى له الماء العذب من بئر أو بيوت السقيا ، زاد فيه أبو داود : فقال قتيبة : وهي عين بينها وبين المدينة يومان ، وزاد ابن حبان وأبو الشيخ : والسقيا من أطراف الحرة عند أرض بني فلان .
وروى عن جعفر بن محمد قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعذب له من بئر غرس ، ومنها غسل .
وروى ابن سعد ومحمد بن عمر الأسلمي عن سلمى امرأة أبي رافع قالت : كان أبو أيوب حين نزل عنده رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعذب له الماء من بئر مالك بن النضر والد أنس ، ثم كان أنس وهند وجارية أبناء أسماء يحملون الماء إلى بيوت نسائه من بيوت السقيا ، وكان رباح الأسود مولاه يستسقي له من بئر غرس مرة وبيوت السقيا مرة .
وروى ابن سعد عن الهيثم بن نصر بن رهم الأسلمي قال : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولزمت بابه في قوم محاويج ، فكنت آتيه بالماء من جاسم بئر أبي الهيثم بن التيهان ، وكان ماؤها طيبا .
الثاني : في شربه من المطاهر .
وروى الطبراني بسند جيد عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين .
الثالث : في الآبار التي شرب منها وبصق فيها ودعا فيها بالبركة . [ ص: 222 ]
جملة الآبار التي ورد فيها ذلك إحدى وعشرون .
الأولى : بئر أريس كجليس نسبة إلى رجل من يهود اسمه أريس ، وهو الفلاح بلغة أهل الشام قديما ، وهي في حديقة بالقرب من مسجد قباء .
وروى البيهقي من حديث إبراهيم بن طهمان عن يحيى بن سعيد أنه حدثه أن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أتاهم بقباء فسأله عن بئر هناك ، فدللته عليها ، فقال : لقد كانت هذه ، وإن الرجل لينضح حماره فتنزح فيستخرجها له ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر بذنوب للسقي فإما أن يكون توضأ منه أو تفل فيه ، ثم أمر به فأعيد في البئر فما نزحت بعد .
قال السيد السمهودي رحمه الله تعالى في تاريخه ولم يعد ابن شبة ولا ابن زبالة بئر [أريس من الآبار التي كانت يستسقي منها النبي صلى الله عليه وسلم وإنما ذكرها] ابن شبة رحمه الله تعالى في حديقة عثمان ، وهذه البئر المعروفة اليوم تعد من أعذب آبار المدينة الشريفة . انتهى .
الثانية : بئر الأعواف إحدى الصدقات النبوية .
روى ابن شبة عن محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان قال : توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفة بئر الأعواف ، صدقته ، وسال الماء فيها ، ونبتت نابتة على أثر وضوئه ، ولم تزل فيها حتى الساعة ، قال السيد : قلت : والأعواف اليوم اسم لجزع كبير في قبلته المربوع ، وفي شامية خفافة ، وفيه آبار متعددة ، فلا يعرف البئر المذكورة منها ولم يذكر المطري ومن تبعه هذه البئر ، ولا الثلاثة بعدها لسكوت ابن النجار عنها .
الثالثة : بئر أنا بضم الهمزة ، وتخفيف النون كهنا ، وقيل : بالفتح وكسر النون المشددة بعدها مثناة تحتية ، وقيل : بالفتح والتشديد كحتى وضبطه في النهاية : بفتح الهمزة وتشديد الباء الموحدة كحتى ، أو النون الخفيفة ، وذكره في القاموس أيضا ، وذكره ياقوت في المشترك له ، وقال : كذا هو مضبوط بخط ابن الحسين بن الفرات ، ثم قال : وذكر آخرون أنها بئر أنا بضم الهمزة والنون الخفيفة .
روى ابن زبالة عن عبد الحميد بن جعفر قال : ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبته حين حاصر بني قريظة على بئر أنا ، وصلى في المسجد الذي هناك وشرب من بئر [أنا] وربط دابته بالسدرة التي في أرض مريم ابنة عثمان . [ ص: 223 ]
قال ابن إسحاق : لما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني قريظة نزل على بئر من آبارها ، وتلاحق الناس وهي بئر أنا .
وقال السيد رحمه الله تعالى : قلت : وهي غير معروفة اليوم ، وناحية بني قريظة عند مسجدهم .
الرابعة : بئر أنس بن مالك بن النضر وتضاف أيضا لأبيه رضي الله تعالى عنه .
وروى ابن سعد عن مروان بن سعد بن العلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب من بئر مالك بن النضر بن ضمضم ، وهي التي يقال لها : بئر أبي أنس .
وروى أيضا عن محمود بن الربيع أنه يعقل مجة مجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدلو من بئر أنس .
وروى ابن زبالة عن أنس رضي الله تعالى عنه بلفظ : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى فنزع له دلو من بئر دار أنس ، فسكب على اللبن ، فأتي به فشرب ، وعمر بين يديه ، وأبو بكر عن يساره ، وأعرابي عن يمينه الحديث ، وهو في الصحيح عن أنس رضي الله تعالى عنه بلفظ : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في دارنا هذه فاستسقى ، فحلبنا له شاة لنا ثم شبته من بئرنا هذه ، فأعطيته الحديث .
وروى ابن شبة عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب من بئر أنس رضي الله تعالى عنه .
وروى أبو نعيم عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بزق في بئر داره ، فلم تكن بالمدينة بئر أعذب منها ، قال : وكانوا إذا حوصروا استعذب لهم منها ، وكانت تسمى في الجاهلية البرود .
قال السيد وهي غير معروفة اليوم ، لكن تقدم عن ابن شبة في الأخبار أنه كان له شرب يخرج عند دار أنس بن مالك في بني جديلة .
الخامسة : بئر إهاب .
قال السيد : وفي نسخة عن ابن زبالة بئر ألهاب ، والأول هو الصواب الذي اعتمده المحب .
روى ابن زبالة عن محمد بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بئر إهاب بالحرة وهي يومئذ لسعد بن عثمان فوجد ابنه عبادة بن سعد مربوطا بين القرنين يفتل ، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يلبث سعد أن جاء ، فقال لابنه : هل جاءك أحد ؟ قال : نعم ، ووصف له صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فالحقه ، فخرج عبادة حتى لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس عبادة رضي الله تعالى عنه ، وبرك فيه . [ ص: 224 ]
فقال : فمات وهو ابن ثمانين ، وما شاب ، قال : وبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئرها .
قال المطري : إن ابن زبالة رحمه الله تعالى ذكر عدة آبار أتاها النبي صلى الله عليه وسلم ، وشرب منها ، وتوضأ لا يعرف الآن شيء منها .
قال : ومن جملة ما ذكر بئر بالحرة الغربية في آخر منزلة السقيا ، ومنها بئر أخرى ، [إذا] وقفت على جادة الطريق كانت السقيا على يسارك ، وهذه عن يمينك بعيدة عن الطريق في سند من الحرة ، قد حوط حولها بناء مجصص ، لم يزل أهل المدينة يتبركون بها ، ويشربون من مائها ، وينقل إلى الآفاق منها كما ينقل من ماء زمزم ، ويسمونها زمزم أيضا لبركتها ، ولم أعلم أحدا ذكر فيها أثرا يعتمد عليه .
السادسة : بئر البصة بضم الموحدة وبالصاد المهملة .
قال المجد اللغوي : إنها مشددة ، قال السيد رحمه الله تعالى : الدائر على ألسنة أهل البلد تخفيفها .
قال المجد رحمه الله تعالى كأنه من بص الماء بصا إذا رشح قال : وإن روي بالتخفيف فمن وبص يبص وبصا وبصة كوعد يعد وعدا أو عدة ، ومن وبص لي من المال أي أعطاني .
روى ابن زبالة ، وابن عدي من طريقه عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي الشهداء وأبناءهم ويتعاهد عيالاتهم ، قال :
فجاء يوما أبا سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه فقال : هل عندك من سدر أغسل به رأسي فإن اليوم الجمعة ؟ قال :
نعم ، فأخرج له سدرا ، وخرج معه إلى البصة ، فغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ، وصب غسالة رأسه ومراقة شعره في البصة .
قال ابن النجار رحمه الله تعالى : وهذه البئر قريبة من البقيع على طريق الماضي إلى قباء .
السابعة : بئر بضاعة بضم الموحدة على المشهور ، وحكي كسرها ، وبفتح الضاد [ ص: 225 ] المعجمة ، وأهملها بعضهم ، وبالعين المهملة ثم هاء .
روى ابن سعد عن مروان بن أبي سعيد المعلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشرب من بئر بضاعة ، وبصق فيها وبرك فيها .
وروى ابن سعد عن محمد بن عمر الأسلمي قال : حدثني أبي عن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه ، قال : سمعت عدة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم أبو أسيد وأبو حميد وسهل ابن سعد رضي الله تعالى عنهم يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بئر بضاعة فتوضأ في الدلو ، ورده في البئر ، ومج في الدلو مرة أخرى ، وبصق فيها وشرب من مائها ، وكان إذا مرض المريض في عهده يقول : اغسلوه من بضاعة ، فيغسل كأنما حل من عقال .
وروى الإمام أحمد وأبو يعلى والطبراني برجال ثقات عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه قال : لو أني سقيتكم من بئر بضاعة لكرهتم ذلك ، قد- والله- سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من مائها .
وروى الطبراني عنه رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل في بئر بضاعة وبصق فيها .
وروى الطبراني برجال ثقات عن أبي أسيد الساعدي رضي الله تعالى عنه أن له بئرا بالمدينة يقال لها : بئر بضاعة ، قد بصق فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهي يتبرك بها ، ويتيمن بها ، وبئر جاسوم ، ويقال جاسم بالجيم والسين المهملة فيهما .
وروى ابن سعد عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من جاسم بئر أبي الهيثم بن التيهان براتج .
وروى محمد بن عمر الواقدي عن الهيثم بن نصر الأسلمي رضي الله تعالى عنه ، قال :
خدمت النبي صلى الله عليه وسلم ، ولزمت بابه ، فكنت آتيه بالماء من بئر جاسم ، وهي بئر أبي الهيثم بن التيهان ، وكان ماؤها طيبا .
الثامنة : بئر جمل بلفظ الجمل من الإبل .
قال المجد رحمه الله تعالى وهي بئر معروفة بناحية الجرف بآخر العقيق ، وعليها مال من أموال أهل المدينة ، يحتمل أنها سميت بجمل مات فيها ، أو برجل اسمه جمل حفرها .
قال السيد رحمه الله تعالى قلت : وهي غير معروفة اليوم ، ولم أر من سبق المجد بكونها بالجرف غير ياقوت ، وقوله : بآخر العقيق لم أره في السنن الصغرى للنسائي ، ويبعده ما رواه ابن زبالة عن عبد الله بن رواحة ، وأسامة بن زيد قالا : ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بئر جمل ، وذهبنا [ ص: 226 ]
معه ، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودخل معه بلال ، فقلنا : لا نتوضأ حتى نسأل بلالا كيف توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومسح على الخفين والخمار- في صحيح البخاري حديث أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل ، فلقيه رجل مسلم عليه الحديث .
وفي رواية للدارقطني رحمه الله تعالى : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغائط ، فلقيه رجل عند بئر جمل ، وفي أخرى له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب نحو بئر جمل ليقضي حاجته ، فلقيه رجل ، وهو مقبل ، فسلم عليه ، وفي رواية للنسائي أقبل من نحو بئر جمل بالعقيق .
وقال المطري عقب ذكر الآبار التي اقتصر عليها ابن النجار ، ولم يعلم أنها ست والسابعة لا تعرف اليوم إلا ما يسمع من قول العامة إنها بئر جمل ، ولم يعلم أين هي ؟ ولا من ذكرها غير ما ورد في حديث البخاري رحمه الله تعالى ، وذكر ما تقدم .
التاسعة : بيرحاء بكسر الباء وفتحها ممدودا اسم لحديقة نخل بقرب المسجد كانت لأبي طلحة ، وقيل بفتح الموحدة والراء مقصورا والأول تصحيف ، وروي بضم الراء في الرفع ، وفتحها في النصب ، وكسرها في الجر ، على حسب العامل ، وكسر مرخما ، وجاء على هذا كما قيل : اسم رجل تنسب إليه بيرحاء ، وكانت مستقبلة المسجد ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ، ويشرب من ماء فيها طيب .
قال أنس رضي الله تعالى عنه فلما نزلت هذه الآية قوله تعالى : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون [آل عمران 92] قام أبو طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إن الله تبارك وتعالى يقول : لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإن أحب مالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله عز وجل أرجو برها وذخرها عند الله تعالى ، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله تعالى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بخ بخ ، ذلك مال رابح ، وقد سمعت ما قلت ، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين» ، وفي رواية : «فقراء أقاربك» ، فقال أبو طلحة رضي الله تعالى عنه : أفعل يا رسول الله ، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه ، وفي رواية فجعلها لحسان ، وأبي بن كعب .
العاشرة : بئر حلوة بالحاء المهملة لم يذكرها ابن النجار وذكرها ابن زبالة .
فروي عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر عن أبيه قال : نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم جزورا فبعث إلى بعض نسائه منها بالكتف ، فتكلمن في ذلك بكلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
«أنتن أهون على الله تعالى من ذلك» ، وهجرهن ،
وكان يقيل تحت أراكة على حلوة : بئر كانت في الزقاق الذي فيه دار آمنة بنت سعد ، وبه سمي الزقاق زقاق حلوة ، ويبيت في مشربة له ، فلما مضت تسع وعشرون ليلة
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله تعالى عنها [ ص: 227 ]
فقالت : يا رسول الله إنك آليت شهرا قال : «إن الشهر يكون تسعا وعشرين» .
قال السيد : قلت : وهذه البئر غير معروفة اليوم بعينها .
الحادية عشرة : بئر ذرع بالذال المعجمة وهي بئر بني خطمة .
روى ابن زبالة حديث أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني خطمة ، فصلى في بيت العجوز ، ثم خرج منه فصلى في مسجد بني خطمة ، ثم مضى إلى بئرهم ، ذرع ، فجلس في قفها ، فتوضأ وبصق فيها .
وروى ابن شبة عن الحارث بن الفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ من ذرع بئر بني خطمة التي بفناء مسجدهم ، وفي رواية فصلى في مسجدهم ، وفي رواية عن رجل من الأنصار رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بصق في بئر بني خطمة ، قال السيد رحمه الله تعالى : وهذه البئر غير معروفة اليوم .
الثانية عشرة : بئر رومة بضم الراء وسكون الواو وفتح الميم بعدها هاء ، وقيل رؤمة بهمزة ساكنة بعد الراء .
وروى ابن سعد عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من بئر رومة بالعقيق .
وروى ابن سعد عن محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان قال : نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بئر رومة ، وكانت لرجل من مزينة يسقي عليها بأجر ، فقال : «نعم صدقة المسلم هذه ، من رجل يبتاعها من المزني فيتصدق بها ؟ » فاشتراها عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه بأربعمائة دينار ، فتصدق بها ، فلما علق عليها العلق مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عنها ، فأخبر أن عثمان اشتراها وتصدق بها فقال : «اللهم أوجب له الجنة» ، ودعا بدلو من مائها فشرب منه ، وقال صلى الله عليه وسلم : «هذا المتاع أما إن هذه الوادي ستكثر مياهه ، وتعذب ، وبئر المزني أعذبها» .
وروى أيضا عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال : مر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ببئر المزني ، وله خيمة إلى جنبها ، وجرة فيها ماء بارد ، فسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء باردا في الصيف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا العذب الزلال» .
في أسانيد الجميع محمد بن عمر .
وروى البخاري عن عبد الرحمن السلمي أن عثمان رضي الله تعالى عنه حيث حوصر أشرف عليهم فقال : أنشدكم الله تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «من حفر رومة فله الجنة» ،
فحفرتها الحديث ، قال : وفيه فصدقوه بما قال ، وللنسائي من طريق الأحنف بن قيس أن الذين صدقوه بذلك سعد بن أبي وقاص وعلي بن أبي طالب وطلحة والزبير . [ ص: 228 ]
وبئر زمزم : على يمين السالك إلى العقيق سميت بذلك لبركتها ، ولم تزل أهل المدينة قديما وحديثا يتبركون بها ، ويشربون من مائها ، وينقل إلى الآفاق منها ، كما ينقل من زمزم بئر الحرم المكي .
الثالثة عشرة : بئر السقيا بسين مهملة مضمومة فقاف ساكنة فتحتية .
روى ابن سعد عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب منها .
وروى ابن شبة عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستسقى له الماء العذب من بئر السقيا ، وفي رواية من بيوت السقيا ، رواه أبو داود بهذا اللفظ ، وسنده جيد ، وصححه الحاكم .
الرابعة عشرة : بئر العقبة بالعين المهملة ثم القاف قال المجد رحمه الله تعالى ذكرها رزين العبدري في آبار المدينة ، وقال : هي التي أدلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما أرجلهم فيها ، ولم يعين لها موضعا ، والمعروف أن هذه القصة إنما كانت في بئر أريس ، قال السيد رحمه الله تعالى : والذي رأيته في كتاب رزين في تعداد الآبار المعروفة بالمدينة ما لفظه : وبئر أريس التي سقط فيها الخاتم ، وبئر العقبة التي أدلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر أرجلهم فيها انتهى ، قال : وقد قدمنا في بئر أريس ما يقتضي تعدد الواقعة .
الخامسة عشرة : بئر أبي عنبة بلفظ واحدة العنب .
قال ابن سيد الناس في خبر نقله عن ابن سعد في غزوة بدر ما لفظه : وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عسكره على بئر أبي عنبة ، وهي على ميل من المدينة ، فعرض أصحابه ، ورد من استصغر ، ونقل الحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله تعالى أنه عرض جيشه عند بئر أبي عنبة بالحرة فوق هذه البئر أي السقيا إلى الغرب ، ونقل أنها على ميل من المدينة ، قال السيد رحمه الله تعالى : قلت : ولعل العرض وقع أولا عند مرورهم بالسقيا ، ثم لما ضرب عسكره على هذه البئر أعاد العرض فرد من استصغر .
وقد روى ابن زبالة أن عمر وجدته اختصما إلى أبي بكر رضي الله تعالى عنه فقال : يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ابني ويستسقي لي من بئر أبي عنبة ، فدل على أن الماء كان يستعذب منها ، قال المجد رحمه الله تعالى : وقد جاء ذكر هذه البئر في غير ما حدثت والله تعالى أعلم بالصواب .
السادسة عشرة : بئر العهن بكسر العين المهملة ، وسكون الهاء ونون .
لما ذكر المطري الآبار التي ذكرها ابن النجار ، وهي أريس والبصة وبضاعة ، ورومة [ ص: 229 ]
والغرس وبيرحاء قال : والسابعة لا تعرف اليوم ثم قال : رأيت حاشية بخط الشيخ أمين الدين ابن عساكر على نسخة من الدرر الثمينة في أخبار المدينة للشيخ محب الدين بن النجار ما مثاله : العدد يقتصر على المشهورة وبقيت بئر واحدة لأن المثبت ست ، والمشهور سبع ، والسابعة بئر العهن ، ولها اسم آخر مشهورة به ، قال المطري : عنبة ، وبئر العهن هذه بالعوالي وهي بئر مليحة جدا ، منقورة في الجبل ، ولا يكاد ينزف ماؤها ، قال السيد رحمه الله تعالى :
قلت : ولم يذكروا شيئا يتمسك به في فضلها ، ونسبتها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن لم يزل الناس يتبركون بها ، والذي ظهر لي بعد التأمل أنها بئر اليسيرة الآتي ذكرها وأن النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليها ، وتوضأ منها ، وبصق فيها لأن اليسيرة بئر بني أمية من الأنصار عند منازلهم ، وبئر العهن عند منازلهم .
السابعة عشرة : بئر غرس بضم الغين المعجمة وبالراء والسين المهملة .
روى ابن سعد عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب منها وبرك فيها ، وقال : «هي عين من عيون الجنة» .
وروى أيضا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس على شفير بئر غرس : «رأيت الليلة أني جالس على عين من عيون الجنة» ، يعني هذه البئر .
وروى أيضا عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «بئر غرس من عيون الجنة» .
وروى أيضا عن عمر بن الحاكم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نعم البئر غرس ، هي من عيون الجنة ، وماؤها أطيب المياه» ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعذب له منها ، وغسل منها .
وروى أيضا عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : جئنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قباء فانتهينا إلى بئر غرس ، وإنه ليستقى منها على حمار ، ثم يقوم عامة النهار ما يجد فيها ماء ، فتمضمض رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدلو ، ورده فيها ، فجاشت بالرواء . في أسانيده هذه كلها محمد بن عمر الأسلمي .
الثامنة عشرة : بئر القرضافة .
قال السيد رحمه الله تعالى : لعلها بالقاف والراء كما رأيت في بعض النسخ ، وفي بعضها بعين بدل القاف .
روى ابن زبالة عن جابر بن عبد الله أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عرض على غرماء [ ص: 230 ]
أبيه القرضافة بما عليه من الدين فأبوا فقال : «دعهم حتى إذا كان جذاذها ، فجذها في أصولها ، ثم ائتني» ، فجاءه فأعلمه ، فخرج صلى الله عليه وسلم فبصق في بئرها ودعا الله تعالى أن يؤدي عن عبد الله ،
قال السيد : ويؤيده أن أصل حديث جابر في أرضه مذكور في الصحيح بطرق ، وفي بعضها :
وكانت لجابر البئر التي بطريق رومة ، وهذه الجهة بطريق رومة .
التاسعة عشرة : بئر القريصة بقاف وصاد مهملة مصغرة .
روى ابن زبالة عن سعد بن حرام ، والحارث بن عبيد قالا : توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر في القريصة ، بئر بني حارثة أي شرب منها وبصق فيها ، وسقط فيها خاتمه ، فنزع ، ثم روى عقبة سقوط الخاتم في بئر أريس .
العشرون : بئر اليسيرة من اليسر ضد العسر .
وروى ابن سعد عن مروان بن أبي سعيد بن المعلى رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب من العسيرة بئر بني أمية بن زيد ، وقف على يسارها فبصقفيها ، وشرب منها ، وبارك فيها ، وسأل عن اسمها فقيل : العسيرة ، فسماها : اليسيرة
الثاني : الذي اشتهر معرفته من الآبار سبع ، ولذا قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في الإحياء : وكذلك تقصد الآبار التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ منها ، ويغتسل ، ويشرب ، وهي سبع آبار طلبا للشفاء ، وتبركا به صلى الله عليه وسلم .
قال الحافظ العراقي في المغني : وهي بئر أريس ، وبيرحاء ، وبئر رومة ، وبئر غرس ، وبئر بضاعة ، وبئر البصة ، وبئر السقيا ، أو بئر العهن أو بئر جمل ، فجعل السابعة مترددة بين الآبار الثلاثة ، قال السيد رحمه الله تعالى : والمشهور اليوم عند أهل المدينة أن السابعة هي العهن ، ولذا قال أبو اليمن المراغي شعرا :
إذا رمت آبار النبي بطيبة فعدتها سبع مقالا بلا وهن أريس وغرس بضاعة
كذا بصة قل بيرحاء مع العهن
الثالث : بئر إهاب بهمزة .
قال ابن بطال رحمه الله تعالى : قول البخاري : عثمان اشتراها- قال الحافظ بن حجر [ ص: 231 ]
رحمه الله تعالى : والمشهور في الروايات كما قال ، لكن لا يتعين الوهم لحديث : وكانت لبني عمار عين يقال لها : رومة ،
فقال عليه الصلاة والسلام : «لعينها عين في الجنة» ،
وذكر الحديث ثم قال : وإذا كانت أولا عينا فلا مانع من أن يحفر فيها عثمان رضي الله تعالى عنه بئرا ، ولعل العين كانت تجري إلى بئر فوسعها ، أو طولها ، فنسب حفرها إليه انتهى .
الرابع : قال السيد رحمه الله تعالى : وقال أبو داود عقب روايته لحديث استعذاب الماء من بيوت السقيا : عين بينها وبين المدينة يومان قلت : وما ذكره صحيح إلا أنه غير مراد هنا ، وكأنه لم يطلع على أن بالمدينة بئرا تسمى بذلك ، وقد اغتر به المجد فقال : السقيا قرية جامعة من عمل الفرع ثم أورد حديث أبي داود ، وقول صاحب النهاية : السقيا منزل بين مكة والمدينة قيل على يومين إلخ مردود مع أن المعتمد عندي أن السقيا التي جاء حديث الاستعذاب منها إنما هي سقيا المدينة لوجوده ، فانظرها فيه إن شئت والله أعلم ..
لأول : في شربه من القوارير .
روى البزار وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : أهدى المقوقس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدح قوارير ، فكان يشرب منه .
الثاني : في شربه من الفخار .
روى ابن منده عن عبد الله بن السائب عن أبيه عن جده خباب قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل قديدا ثم يشرب من فخارة .
الثالث : في شربه من القدح الخشب .
روى البخاري عن عاصم الأحول عن ابن سيرين رحمه الله تعالى قال : رأيت قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه ، وكان قد انصدع ، فسلسله بفضة قال : وهو قدح عريض من فخار ، قال أنس رضي الله تعالى عنه : لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا القدح أكثر من كذا وكذا .
وروى عنه ابن سيرين أنه كان في حلقة من حديد ، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من فضة أو ذهب فقال أبو طلحة : لا تغيرن شيئا صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركه .
وروى ابن الجوزي عن عيسى بن طهمان قال : أخرج أنس بن مالك قدحا من خشب غليظا مضببا بحديد فقال : يا ثابت هذا قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى الترمذي في الشمائل والبرقاني ، وأبو الحسن بن الضحاك عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا القدح الشراب كله ، اللبن والنبيذ والعسل والماء .
وروى أبو يعلى عن محمد بن إسماعيل رحمه الله تعالى قال : دخلت على أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه فرأيت في بيته قدحا من خشب كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب منه ويتوضأ . [ ص: 233 ]
وروى النسائي عن أنس رضي الله تعالى عنه قال : كان لأم سليم قدح فقالت : سقيت فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروي عن حازم بن القاسم قال : رأيت أبا عسيب يشرب في قدح من خشب فقلت : ألا تشرب في أقداحنا هذه الرقاق ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب ، يعني فيها .
وروى ابن شاذان عن زهير بن محمد رحمه الله تعالى قال : اسم قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم القمر .
الرابع : في شربه صلى الله عليه وسلم من النحاس .
روى الطبراني بسند ضعيف عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه قال : كان لمعاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه قدح من صفر نحاس ، فيه يسقي النبي صلى الله عليه وسلم إذا شرب وفيه يوضئه إذا توضأ .
الخامس : في شربه من القربة بيانا للجواز وهو قائم .
روى الإمام أحمد برجال الصحيح خلا البراء بن زيد ولم يضعف عن أم سليم وفي رواية كبشة امرأة كان في بيتها قربة معلقة قالت : فشرب من القربة قائما ، فعمدت إلى فم القربة فقطعتها ، وزاد فيه الترمذي ، فقمت إلى فمها فقطعتها ، وقال : حسن صحيح ، وابن ماجه ، وعنده : فقطعت فم القربة تتبعا موضع بركة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى الترمذي وضعفه عن ابن عبد الله بن أنس رضي الله تعالى عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام إلى قربة فخنثها فشرب من فمها .
وروى أبو بكر بن أبي خيثمة عن كبشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فشرب من فم قربة ، فقامت إليه ، فقطعته فأمسكته .
وروى ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم سليم ، وفي البيت قربة معلقة ، فشرب منها ، وهو قائم ، فقطعت أم سليم فم القربة ، وكان عندها .
وروى الإمام أحمد برجال ثقات عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على امرأة من الأنصار وفي البيت قربة معلقة فاختنثها فشرب وهو قائم . [ ص: 234 ]
وروى مسدد مرسلا برجال ثقات عن عيسى الأنصاري رحمه الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا يوم أحد بماء ، فأتاه رجل بإداوة من ماء ، فقال : اجتث فم القربة واشرب ، ورواه أبو داود موصولا من طريق عبيد الله بن عمر عن عيسى بن عبد الله- رجل من الأنصار- عن أبيه .
السادس : في شربه صلى الله عليه وسلم من الدلو ومجه في بعض الآنية .
وروى البزار برجال ثقات عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزلنا ، فناولته دلوا فشرب ، ثم مج في الدلو .
السابع : فيما كره صلى الله عليه وسلم الشرب منه .
روى محمد بن عمر عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتقي أن يشرب من الإناء العاري .
لأول : قال في زاد المعاد كان له صلى الله عليه وسلم قدح يسمى الذبال ، ويسمى مغيثا ، وركوة تسمى الغار .
الثاني : ورد النهي عن اختناث الأسقية ، فقد روى الإمام أحمد والشيخان وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نهى عن اختناث الأسقية ، قال في النهاية : إنما نهى عنه لأنه ينتنها ، فإن إدارة الشرب هكذا مما يغير ريحها ، وقيل لئلا يترشرش الماء على الثوب لسعة فم السقاء ، والمحذور على الأول مأمون ، فإن نكهته الشريفة صلى الله عليه وسلم أطيب من كل طيب ، ولا يخشى منه ما في غيره من تغير السقاء ونتنه ، وورد النهي عن الشرب من فم السقاء ، فقد روى الطبراني برجال ثقات عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب من السقاء قال : الخطابي رحمه الله تعالى :
إنما كرهه من أجل ما يخاف من أذى عساه يكون فيه لا يراه الشارب حتى يدخل في جوفه ، فاستحب أن يشرب في إناء طاهر يبصره .
الثالث : روى البيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : لقد شرب رجل من فم سقاء فانساب في بطنه جان ، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اختناث الأسقية ، ومن هذا استفيد سبب النهي .
قال البيهقي رحمه الله تعالى : وأما ما روي في الرخصة في ذلك فأخبار النهي أصح إسنادا ، وقد حمله بعض أهل العلم على ما لو كان السقاء معلقا فلا يدخله هوام الأرض . [ ص: 235 ]
الرابع : إنما قطعت أم سليم رضي الله تعالى عنها فم القربة رجاء بركتها ، أو لئلا يتبدل موضع فم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فصنعت ذلك تكرمة له .
بٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: " ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: كُنْ فَيَكُونُ بَحْرًا تَحْتَ الْكُرْسِيِّ، وَهُوَ الْبَحْرُ الْمَسْجُورُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ} [الطور: ٢] : «أَوَّلُهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى وَآخِرُهُ فِي إِرَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ مَاءٌ ثَخِينٌ شِبْهُ مَاءِ الرَّجُلِ تَمُرُّ الْمَوْجَةُ خَلْفَ الْمَوْجَةِ سَبْعِينَ عَامًا لَا تَلْحَقُهَا، يُمْطِرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ عَلَى الْخَلْقِ إِذَا أَمَاتَهُمْ، ثُمَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْيِيَهُمْ بَيْنَ الرَّادِفَةِ وَالرَّاجِفَةِ أَرْبَعِينَ ⦗٨٥٠⦘ يَوْمًا وَيَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الرِّيحَ فَتَجْمَعُ رُفَاتًا» ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَالُوا أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا وَرُفَاتًا}الإسراء: ٤٩] ، فيَأْمُرُهَا فَتَجْمَعُ الرَّمِيمَ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ، قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس: ٧٨] : «وَيَأْمُرُهَا فَتَجْمَعُ الضَّالَّةَ» ، وَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [السجدة: ١٠] : " فَيُمْطِرُ عَلَيْهِمْ مِنْ ذَلِكَ الْبَحْرِ الْمَسْجُورِ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحَبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ يَنْبُتُونَ وَتُجْمَعُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْجِنَانِ، وَتُجْمَعُ أَرْوَاحُ الْكُفَّارِ مِنَ النَّارِ فَتَكُونُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ تَوَهَّجُ نُورًا، وَالْكُفَّارِ ظُلْمَةً، ثُمَّ يُجْمَعُونَ فِي الصُّورِ